عن استمرار عجز الميزانية العامة للدولة

نشر في 19-07-2017
آخر تحديث 19-07-2017 | 00:10
عجز الميزانية العامة للدولة أصبح حقيقياً ومستمراً، فماذا فعلت الحكومة لمعالجته؟ لا شيء على الإطلاق حتى الآن، فالسياسات الاقتصادية والمالية السيئة التي تسببت في استنزاف الأموال العامة وهدرها، ما أدى إلى العجز المالي، مازالت هي ذاتها من دون أي تغيير.
 د. بدر الديحاني باستثناء سياسة الخصخصة، أو بشكل أدق "التصفية الشاملة"، التي تعتزم الحكومة تنفيذها كما صرح قبل مدة قصيرة رئيس الجهاز الفني لبرنامج التخصيص، علاوة على تحرير أسعار البنزين، وزيادة أسعار الكهرباء والماء، فقد خفَت فجأة حديث الحكومة عن وثيقتها الاقتصادية والمالية التي زعمت، في وقت سابق، أنها ستعالج اختلالات الاقتصاد والمالية العامة للدولة.

خفت الحديث الرسمي عن وضع حد لاستمرار عجز الميزانية العامة للدولة، وذلك على الرغم من قيام الحكومة بالسحب من صندوق الاحتياطي العام، والاستدانة الخارجية والداخلية، فهل كان الغرض من "وثيقة الحكومة"، مثلما توقع بعض المتخصصين حينئذٍ، هو فقط تنفيذ توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين وذلك بخصخصة بعض الأجهزة والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة بمعيشة الناس، بالإضافة إلى تخفيض الدعم الاجتماعي للسلع والخدمات الأساسية، وجباية أموال من جيوب المواطنين تذهب مباشرة لدعم شركات المضاربات المالية والعقارية والتجارية التي لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني، وهو ما يعني أن أغلبية المواطنين سيُحمّلون أعباء عجز مالي لم يكونوا السبب في حدوثه؟

عجز الميزانية العامة للدولة أصبح حقيقياً ومستمراً، فماذا فعلت الحكومة لمعالجته؟ لا شيء على الإطلاق حتى الآن، فالسياسات الاقتصادية والمالية السيئة التي تسببت في استنزاف الأموال العامة وهدرها، ما أدى إلى العجز المالي، مازالت هي ذاتها من دون أي تغيير، والفريق السياسي والإداري المسؤول عن إدراة المالية العامة للدولة والذي يتحمل مسؤولية العجز المالي مازال هو ذاته، فلم يُحاسب أحد، بل إن بعضهم تمت مكافأته!

وعلى الجانب الآخر، لم يُعِر أغلبية أعضاء المجلس، نتيجة لطريقة تشكيل المجلس وطبيعة تركيبته، أية أهمية لموضوع معالجة عجز الميزانية العامة، سواء من خلال وضع حد للفساد السياسي، أو تغيير السياسات الاقتصادية والمالية الحالية من أجل ضمان استدامة المالية العامة للدولة، بل إن معظمهم يتسابقون، مثلما نرى، لتبني سياسات مالية خاطئة قد تحقق لهم "انتصارات انتخابية" مؤقتة، ولكن نتيجتها النهائية المؤكدة هي استمرار الفساد بأشكاله كافة، وهدر الأموال العامة واستنزافها.

أما منظمات المجتمع المدني فمعظمها، لا جميعها، إما تطلب ود الحكومة ورضاها من أجل حصول بعض أعضائها على مناصب إدارية فنجدها تصفق لجميع سياساتها وقراراتها، أو أنها تستخدم كجسر لبعض أعضائها من أجل تحقيق طموح شخصي للوصول إلى عضوية المجلس، وبعضها في سبات عميق!

إزاء هذا الوضع، من المتوقع استمرار عجز الميزانية للدولة وتضاعفه سنة بعد أخرى، علاوة على تراكم الدين العام، وهو الأمر الذي سيترتب عليه في السنوات القليلة القادمة تضاعف معدلات البطالة، وانخفاض مستوى المعيشة للفئات الوسطى في المجتمع، وزيادة معاناة الطبقة الفقيرة.

back to top