مهزلة... «منصَّات» و«سِلال»

نشر في 14-07-2017
آخر تحديث 14-07-2017 | 00:25
 صالح القلاب ربما يغيب عن أذهان البعض أنه لم تصدر عن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، حتى الآن، أي جملة مفيدة يمكن منها التقاط ولو بصيص ضوء خافت بالنسبة لنهاية الأزمة السورية التي تجاوز عمرها الستة أعوام منذ تعيينه في هذا المنصب في مثل هذا الشهر عام 2014، فهو بقي يقول كلاماً رمادياً ومسطحاً، كل يفسره حسب أهوائه وحسب أمانيه، وهذا ينطبق على جولة جنيف الجديدة التي اصطدمت بخلافات "منصات" المعارضة السورية، حيث قال أحدهم إن الحوار مع منصة موسكو أهون كثيراً من الحوار مع منصة القاهرة.

ولعل ما يبعث على الكثير من الاستغراب أن تُطلق على بعض فصائل أو أطراف المعارضة السورية صفة "المنصات"، فالمنصات في العادة هي إما لمبارزات الملاكمة أو المصارعة، أو في أحسن الأحوال لإطلاق الخطب الرنانة و"الطنانة"، واستعراض صخب الحناجر، استجداء لتصفيق المشاهدين والمستمعين، واستمطاراً لصراخهم، وهز قبضاتهم عالياً في الهواء!

لماذا يا ترى يتم تسخيف المعارضة السورية، على هذا النحو، مع أن بعض فصائلها وليس بعض "منصاتها" استمرت في قتال هذا النظام الاستبدادي كل هذه السنوات الطويلة، ومع أنها قدمت عشرات الألوف من الشهداء الأبرار، ومئات الألوف من الجرحى، إضافة إلى تصديها للغزو الإيراني وشراذمة المذهبية، وتصديها أيضاً للجيش الروسي وصواريخه وغارات قاصفاته الاستراتيجية.

والأكثر غرابة واستغراباً أن يطلق "مسيو" دي ميستورا على ملفات النقاش والحوار بين المعارضة بكل "منصاتها"، والنظام بكل مندوبي مخابراته واستخباراته، ومن يقفون خلفهم في الغرف المشرعة الأبواب والنوافذ، اسم "السلال"، وهكذا وكأن هؤلاء وأولئك قد جاؤوا بـ"سلالهم" إلى أسواق خضراوات وفواكه، وليس إلى مناضد مواجهة أقل ما يمكن أن يقال عن تعقيداتها انها أصعب من خرط القتاد، بل وأصعب من طحن الصوان بأسنان نخرها السوس وبالية.

في كل الأحوال، لابد من الإشارة إلى أن أهم ما قاله دي ميستورا بالنسبة إلى جولة جنيف الجديدة هو أن ما يسعى إليه هو وفريقه ليس الوصول إلى معارضة موحدة! "ربما لأن هذا يأخذ وقتاً أكثر"، بل الوصول على الأقل إلى مواقف موحدة إزاء قضايا مثل الدستور أو الانتخابات أو أي عنصر من "السلال الأربع"، التي تضم "الحكم" و"الدستور" و"الانتخابات" و"مكافحة الإرهاب"... إنها مهزلة المهازل أليس كذلك؟!

إن هذا ما قاله المبعوث الدولي، أما ما قاله سيرغي لافروف، "والقول ما قالت حذام"، فهو ان هذه المفاوضات، التي لم يتفاوض فيها إلا دي ميستورا... ومع من؟ مع نفسه، يجب أن تركز على بعض التعديلات الشكلية في دستور بشار الأسد، ويجب أن يكون الهدف هو القضاء على الإرهاب، وأي إرهاب، وكل هذا للوصول إلى حكومة انتقالية، وليس إلى حكم انتقالي حسب "جنيف 1"، وقرار مجلس الأمن رقم 2254!

back to top