إعادة تأهيل مَن؟!

نشر في 14-07-2017
آخر تحديث 14-07-2017 | 00:10
يفترض أن تعلم وزارة الخارجية قبل غيرها أن من يلتحق بجيش أجنبي أو تنظيم مسلح خارجي يتحول إلى مرتزق لا تحاسبه القوانين المحلية بل يحاكم دولياً أو من قبل السلطات التي انتهك قوانينها وتلوثت يداه بدماء الأبرياء من شعوبها ودمرت ممتلكاتها وروعت أهاليها.
 د. حسن عبدالله جوهر تصريحات مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والتعاون الدولي بشأن "إعادة تأهيل العائدين من التنظيمات الإرهابية بالمجتمع" غريبة ومستفزة وتفتقر إلى أصول وقواعد القانون الدولي، وإن جاءت من باب حسن النية، كما أنها جاءت في توقيت غير مناسب عشية مؤتمر التحالف الدولي ضد "داعش"، بل إن وزارة الخارجية غير معنية على الإطلاق بمثل برامج إعادة تأهيل أصحاب السوابق الإجرامية، فهذا شأن وزارة الصحة والداخلية والعدل وغيرها من الجهات المختصة.

وزارة الخارجية يفترض أن تكون المسؤول الأول عن الدبلوماسية الكويتية وقواعد القانون الدولي، فلا تكون مواقفها وتصريحاتها في إطار الترضيات السياسية، فظاهرة الإرهاب بتطبيقاتها الجديدة لم تعد قاصرة على دول معينة على الرغم من أهوالها الجسام، ولكنها تحولت إلى قضية عالمية بدليل المؤتمر الخاص للتحالف الدولي الذي يشكّل من أجل مواجهة أحد أخطر هذه التنظيمات وهو "داعش"، وكان حرياً بالمسؤول الكويتي أن ينتظر نتائج اللقاء الدولي وما قد يتمخض عنه من نتائج أو توصيات أو حلول.

إضافة إلى ذلك، يفترض أن تعلم وزارة الخارجية قبل غيرها أن من يلتحق بجيش أجنبي أو تنظيم مسلح خارجي يتحول إلى مرتزق لا تحاسبه القوانين المحلية بل يحاكم دولياً أو من قبل السلطات التي انتهك قوانينها وتلوثت يداه بدماء الأبرياء من شعوبها ودمرت ممتلكاتها وروعت أهاليها.

وزارة الخارجية عبر تصريحاتها الأخيرة اعترفت بوجود مواطنين يقاتلون إلى جنب تنظيمات إرهابية، الأمر الذي كانت الحكومة إما تنفيه تستراً أو خوفاً خلال السنوات الماضية، وحتى مع هذا الاعتراف الجديد لم توفق في التسويق لمخارج منطقية أو قانونية لهذه المشكلة المعقدة.

أمر محزن جداً، بل مخيف، أن يكون هناك مواطنون استقطبتهم عصابات الشر والجريمة وأشركتهم في إزهاق الأرواح وكل أشكال العنف والتطرف، والمسؤولية الأكبر الآن هي التحقيق في أسباب هذا الجنوح وجذوره، لكن في إطار القصاص العادل والجزاء المستحق.

إعادة التأهيل الحقيقية يجب أن تكون للمجتمع نفسه والبدء بشكل جاد، ومن منطلق الإحساس بالواجب الوطني والشرعي والإنساني، بتنشئة مجتمعية جديدة وغربلة المناهج الدراسية ومؤسسات الدولة الإعلامية والاجتماعية والدينية في إطار برنامج حقيقي يحمي الشباب من الانحراف الفكري والتطرف الديني وغرس الهوية الوطنية في وجودهم.

إعادة التأهيل يفترض أن تأخذ بعين الاعتبار تحرير عقول شبابنا من التوجيهات المغرضة ومن النافخين في نار التأجيج الطائفي والعرقي والاجتماعي ممن أمنوا العقوبة ولم تحاسبهم القوانين على إخلالهم بالوحدة الوطنية.

إعادة التأهيل يجب أن تغرس في وجدان شبابنا مبادئ العدالة وتساوي الحقوق والواجبات الدستورية والولاء الوطني الحقيقي قولاً وعملاً، ومن خلال سياسات حكومية واضحة قادرة على خلق أجمل وطن لكل الناس!

back to top