تساؤل في محله

نشر في 11-07-2017
آخر تحديث 11-07-2017 | 00:09
في سبتمبر عام 1974 صدر قرار كريم بنقلي للعمل في سفارة دولة الكويت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بدرجة ملحق دبلوماسي، كانت الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل وبداية الحياة الدبلوماسية المليئة بالأحداث والتعرف على كبار المسؤولين، وخصوصاً خلال مواسم الحج والعمرة.
 يوسف عبدالله العنيزي جلست مع مجموعة من الأصدقاء نتبادل أطراف الحديث، وخصوصاً ما يمر به مجلس التعاون من خلاف أخوي يحدث في كل أنحاء العالم، ولسنا بدعاً من الدول، فنحن على ثقة بأن قادتنا حريصون على أمن واستقرار أهلنا وأبنائنا ومستقبل أوطاننا.

في أثناء الحديث وجه لي أحد الأصدقاء تساؤلاً في محله، قائلاً: "أخي العزيز بعد هذه الرحلة الطويلة في الحياة الدبلوماسية التي عشقتها، كما تقول، والتنقل بين دول ومجتمعات مختلفة، وفي ظروف غير مستقرة في كثير من الأحيان، ترى ألم تتعرض لمخاطر ومصاعب ومشاكل معقدة؟".

إنه تساؤل في محله، وقد وعدت صاحبي بالرد عليه في المقال الذي بين أيدينا الآن: ولنبدأ بترتيب مقر العمل والتنقل، ففي الشهر التاسع من عام 1974 صدر قرار كريم بنقلي للعمل في سفارة دولة الكويت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بدرجة ملحق دبلوماسي، كانت الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل وبداية الحياة الدبلوماسية، ولكنها كانت مليئة بالأحداث والتعرف على كبار المسؤولين، وخصوصا من خلال مواسم الحج والعمرة.

ومن بين هذا الكم من الأحداث يخطر على البال ذلك الحريق الهائل الذي اشتعل في مخيمات الحجاج في منطقة منى في شهر ديسمبر عام 1975 ومازالت تلك اللحظات المرعبة مرسومة في الذاكرة، وفجأة صرخ أحد الدبلوماسيين العاملين في السفارة أن الحريق يمتد إلى مخيمات حجاج الكويت "أمي هناك"، ثم أخذ يهرول بلا شعور، وأنا في أثره حتى وصلنا إلى خيمة والدته، فلم نجد أحداً وفجأة سمعنا صوتاً ينادى "يا فلان.. يا فلان.. أنا اهني"، فاتجهنا إلى مصدر الصوت، فوجدنا والدته فوق أحد المرتفعات المحيطة بالمنطقة، فضمها إلى صدره، والدموع لا تكاد تجف من مقلتيه متسائلاً: "يمه إشلون وصلتِ فوق وإنت تشتكين من آلام الركبة؟ ردت بعفوية والله ما أدري، إنها حلاوة الروح".

وهنا خطر على البال أهلنا في الكويت، لا شك أنهم مشغولو البال على أحبابهم من حجاج بيت الله الحرام، ففي ذلك الوقت لم نكن نعرف بعدُ الهواتف النقالة أو الإنترنت، وعليه فقد قررنا أنا والأخ العزيز فيصل الساير الذهاب للسفارة في جدة لإرسال برقية نطمئن فيها أهلنا في الديرة، وعليه فقد حملنا معنا صندوق العهدة الذي يحتوي على جوازات السفر والأختام الرسمية ووثائق السفر والطوابع وبعض المبالغ النقدية، ووضعنا كل ذلك في السيارة وتوجهنا إلى مدينة جدة بسرعة لا تقاس بالأرقام.

بعد وصولنا إلى مقر السفارة اتجهنا مباشرة إلى غرفة الرمز، وما كدنا نفتح جهاز اللاسلكي حتى سمعنا صوت أحد الإخوة ينادي "ألو 6... ألو 6"، وعند الحديث معه أبلغني أن معالي الأستاذ راشد عبدالعزيز الراشد يريد التحدث معي ثم أوصل اللاسلكي بهاتف معاليه، حيث أبلغته بأن حجاج الكويت بخير، ولم يتعرض أحد منهم لأي ضرر ولله الحمد، وعندما أبلغته بأني في طور إعداد برقية بهذا المضمون، طلب مني أن أقوم بقراءتها من خلال إذاعة الكويت في نشرة أخبار الساعة الواحدة، ولم يتبق على الموعد أكثر من ربع ساعة، وقد كان لهذا الخبر صداه الطيب.

بعد قضاء ثلاث سنوات في مدينة جدة كلفت بفتح مكتب دولة الكويت التجاري في مدينة الرياض، ولهذا الموقع أحداثه في مقالات قادمة إن شاء الله.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

... وأيضا تساؤل في محله

في الأيام القليلة الماضية نشرت الصحف المحلية خبراً يفيد بأن سمو رئيس مجلس الوزراء قد استقبل لجنة إعادة دراسة تاريخ الكويت، ومع كل احترامي وتقديري للجنة وأعضائها، فإن هناك تساؤلاً مستحقاً: أين معالي الدكتور عبدالله الغنيم من عضوية أو رئاسة هذه اللجنة، نظراً لما له من باع طويل في كتابة تاريخ الكويت "وجوداً وحدوداً"، ذلك الكتاب الذي تمت ترجمته إلى عدد من لغات العالم، وكان معيناً لنا في عملنا الدبلوماسي من خلال سفاراتنا على نطاق العالم؟ وأين مركز البحوث والدراسات الكويتية، وما يقوم به من جهد مخلص في المحافظة على ثروة البلاد من الوثائق التاريخية، سواء من خلال تجميعها من الشخصيات أو مكتبات العائلات الكويتية أو من المكتبات ومعاهد الأبحاث على نطاق العالم، والتي تجاوزت أعدادها مئات الآلاف؛ مما يستدعي جهداً مضاعفاً؟

وكل الشكر لجميع العاملين بصمت وإخلاص لخدمة هذا الوطن وتاريخه.

back to top