القفص

نشر في 08-07-2017
آخر تحديث 08-07-2017 | 00:04
 فواز يعقوب الكندري أن يكون القفص هو المكان الأنسب لك، حيث الحبوب منثورة، والمياه لك مركونة، لا يعني ذلك أنّك تجبرنا أن نعيش معك في القفص، فإن ارتضيت لجناحك أن يكون دُمية لطفلٍ مرّ بجانب قفصك ليقضي وقتاً لطيفاً معه، فإنّ هناك من يريد أن يحلّق بجناحه ويرفرف به فينفض من فوقه غبار التّبعية العمياء، يريد أن يعتلي بجناحه حاملاً على جسده هموم عشّه، باحثاً عن قوت صغاره.

الحياة جميلة، وهي أروع من أن نقضي فيها أيّامنا مهمومين، هذه الحياة فيها كل ما يليق بك، وتتمنّاه ذاتك، المهم ألا تبقى في القفص فيجيّرك الرّاعي كما يريد، فيقتل طموحك ويدفن أحلامك، انطلق يا صديقي في هذا الفضاء، فإن كنت رسّاماً فلا تجعل ريشتك رهينة الأوراق، ارسم أفكارك على الجدران وزيّنها، وإن كنت شاعراً تتقن صفّ الأبيات، فتجرّد من أغلالك واركن كلماتك في رفّ وطنك، هذه الحياة فيها كل ما نريد، نحن فقط نقوقع أنفسنا في زوايا لا نرى منها إلّا دائرة واحدة، ندور داخلها تائهين، فنعود إلى الفراش نعانق الصّداع دون إنجاز.

صدّقني أيّها الصّديق، فأنا والله من صدقك، إنّ الرّزق بيد خالقك، ولو كان بيد البشر لتعلّقت حياتك بهم، فيقف رزقك متى ما جاء أجلهم، تحرّر من حروف الإحباط التي تصبّ على طبلة أذنك في الديوان، انطلق في هذه الأرض الطيبة، ففيها من الرزق ما لم تصل إليه أنظار مرضى الجشع، واجمع بها ما شئت حلالاً ولا تتأخّر في أن تسخّر جزءاً ممّا جمعت لتبني به وطنك.

إيّاك أيّها الصديق أن تأمن لكل الطيور التي تحررت من الأقفاص لتطير معك، فليس كلّ ما يطير حراً، فهذا كابتن الطّائرة، يجتاح الغيوم، ويغزو السّماء، إلا أنّه أسيرٌ لبرج المراقبة، فهناك من يطير معك ليأتي بك أنت وما جمعت وفعلت، فيقدّمك وجبة "هنيّة" على مائدة من فتح له باب القفص. ربّما أكون مثالياً اليوم، لكنّني كتبت ذلك عن قناعة، فالمثابرة التي تلازمها نفوس شامخة صادقة لا يُمكن أن تصطادها بندقية اليأس.

back to top