هل يحمي الأسبرين من السرطان؟

نشر في 26-06-2017
آخر تحديث 26-06-2017 | 00:00
No Image Caption
منذ بضعة أيام، جاء لزيارتي رجل رشيق عمره 50 عاماً لمراجعة وضعه الصحي. حين كنا نناقش مستوى الجهود التي يبذلها كي يعتني بنفسه (تبدو إيجابية عموماً)، قال لي إنه كان يتساءل عن صواب أن يأخذ الأسبرين يومياً لأنه قرأ أن هذا الدواء يستطيع الوقاية من السرطان.
أحب أن يطرح عليّ الناس أسئلة توسّع آفاق تفكيري. لديّ مجموعة من الأجوبة حول فاعلية الأسبرين للوقاية من أمراض القلب لكني لا أستطيع تقديم إجابة سهلة حول الوقاية من السرطان. ما هي البيانات المتوافرة في هذا المجال؟ ما هي التوصيات التي يجب أن أقدّمها للمرضى؟ هل تنطبق المنافع المحتملة على الجميع أم تنحصر بعدد من الناس؟

لجأتُ إلى مصدر مرموق للمعلومات: «فرقة الخدمات الوقائية الأميركية». يمكن أن تستدعي «وكالة أبحاث الرعاية الصحية والجودة» هذه المجموعة من الخبراء الطبيّين المتطوعين لمراجعة الأدلة المرتبطة بمواضيع عدة في مجال الرعاية الوقائية ولتقديم التوصيات حول ممارسات متنوعة بناءً على تفسيراتهم الخاصة للأبحاث. تُعتبر الاستشارة الطبية حول وقف استهلاك التبغ مثلاً نصيحة أساسية وتتكل «فرقة الخدمات الوقائية» على أدلة وافية تثبت منافع هذه الخطوة.

راجعتُ توجيهات عيادية حديثة حول هذا الموضوع واكتشفتُ أن الرابط بين السرطان والأسبرين معقّد. لم أجد أي بيانات وافية تثبت أن الأسبرين يحمي من أمراض السرطان باستثناء سرطان القولون. قد تظهر الأدلة قريباً لكنها ليست متاحة حتى الآن.

قد يساهم الأسبرين في تخفيض خطر الإصابة بسرطان القولون لكن يمكن أن يتأخر ظهور المنافع. يجب أن يكون الناس مستعدين لأخذه طوال 10 سنوات على الأقل قبل أن تظهر المنافع وقد لا يلاحظون أي فوائد على مستوى الوقاية من السرطان تحديداً خلال السنوات العشر اللاحقة، ما يعني ضرورة أن يتحمّلوا الأسبرين لفترة طويلة وأن تفوق منافع أخذ الدواء مخاطره المحتملة.

لذا تشمل فئة الناس التي يمكن أن تستفيد من أخذ الأسبرين يومياً للوقاية من سرطان القولون «أشخاصاً راشدين يتراوح عمرهم بين الخمسين والتاسعة والخمسين، ويكونون أكثر عرضة لمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية خلال 10 سنوات بنسبة 10% وما فوق، لكنهم لا يكونون معرّضين للنزف ومن المتوقع أن يعيشوا عشر سنوات إضافية على الأقل، ويبدون استعدادهم لأخذ جرعة منخفضة من الأسبرين يومياً طوال عشر سنوات على الأقل». إذا كنت فوق عمر الستين، يتخذ القرار طابعاً فردياً.

إنها متطلبات كثيرة! ماذا يمكن أن أجيب المريض الذي طرح عليّ هذا السؤال الممتاز؟

لن أنصحه بأخذ الأسبرين! أولاً، يبدو خطر إصابته بنوبة قلبية في السنوات العشر اللاحقة أقل من 10%، ما يعني أن مخاطر أخذ الأسبرين يومياً على المدى القصير تبقى أعلى من المنافع التي يقدمها الدواء للوقاية من أمراض القلب. كما أنّ دور الأسبرين في الوقاية من سرطان القولون يكون طويل الأمد لدرجة أنه لا يؤثر في هذه المعادلة كلها بأي شكل!

تبدو التوصيات بأخذ الأسبرين بسبب منافعه الصحية المحتملة مثيرة للاهتمام من الناحية الفكرية، لكني أظن أنها ستصبح محبِطة عملياً بالنسبة إلى المرضى والأطباء معاً. لن يكون الأسبرين غداءً مجانياً! قد يساهم في الوقاية من سرطان القولون على المدى الطويل لكني أدرك كطبيبة مخاطره على المدى القصير وقد تشمل مشاكل في المعدة (مثل النزف) وزيادة خطر الجلطات الدماغية في بعض الحالات.

سأقول لهذا المريض وعدد كبير من المرضى الآخرين على الأرجح إن الأسبرين قد لا يكون الحل للوقاية من السرطان. ثم يمكن أن نناقش وسائل أخرى للوقاية من سرطان القولون وكشفه. سأذكّر الجميع بضرورة أن يخضعوا للفحص المناسب للكشف سرطان القولون عبر تنظير القولون أو التنظير السيني أو فحص الدم الخفي في البراز. يمكن أن نتحدث عن الحمية الغذائية والتمارين المفيدة أيضاً. ويمكن أن نتّفق على مراقبة البيانات المستجدة على أمل أن نجد خياراً ممتازاً للحفاظ على صحتنا أطول فترة ممكنة.

* لوري ويفيوت تيشلر

back to top