صلاح جاهين... العصفور الحزين (الأخيرة)

كلمة سلام

نشر في 25-06-2017
آخر تحديث 25-06-2017 | 00:00
لم تنجح محاولات المقربين من صلاح جاهين في انتشاله من حالة الاكتئاب المزمنة التي أصابته، وألقت على الفصول الأخيرة من حياته بظلال كئيبة، ورغم أنه أغرق نفسه في دوامة الحياة والعمل، فإنه أدرك أن النهاية اقتربت وبدا مستسلما لها، فجاءت في 21 أبريل 1986، لتضع كلمة النهاية لحياة العبقري الذي ألف روائع الشعر العامي وارتبط بوجدان المصريين والعرب بعشرات الأغاني والقصائد والرباعيات.
رغم انفصال صلاح جاهين عن زوجته الفنانة التشكيلية سوسن زكي، لم تتأثر علاقته بأبنائه، كما لم تتأثر بها، ليس باعتبارها أم أولاده فحسب، بل لأنه أحبها بصدق، وظل وفياً لهذا الحب، حتى أنه ظل مهتماً بهم جميعاً في المناسبات كافة، بل كان حريصاً على أن يحضر لها الهدايا في عيد ميلادها رغم زواجه من أخرى.

وبعد انفصال دام ما يقرب من عشر سنوات، ومثلما حدث في هدوء، قرر صلاح أن يعيد زوجته سوسن زكي إلى عصمته مرة أخرى، حرصاً على ولديه «بهاء وأمينة» بعدما صارا في مرحلة الشباب، حتى لا تكون حياتهما ممزقة بين الأب والأم، فضلا عن إحساسه بذنب كبير تجاه سوسن، التي ظلت باقية على عهدها به، واحترامها لرغبته، لتعود الحياة بينهما، ويلتئم شمل الأسرة مجدداً، من دون أن يؤثر ذلك على زواجه من الفنانة منى قطان.

بعد نجاح تجربة «عودة الابن الضال» طلب يوسف شاهين من صلاح كتابة سيناريو وحوار للقصة التي كتبها أحمد شوقي عبد الحكيم، المستوحاة من الحكاية الشعبية الشهيرة «شفيقة ومتولي» والمتداولة في مدن الوجه القبلي، وتستند في الوقت ذاته إلى واقعة حقيقية.

كان يوسف شاهين في البداية هو مخرج الفيلم، ولكن بسبب ظروفه الصحية لم يستطع متابعة التصوير بعد أسبوع من العمل، فأوكل المهمة إلى المخرج علي بدرخان الذي أعاد صياغة السيناريو مع صلاح جاهين، واكتفى يوسف شاهين بإنتاج الفيلم، الذي يعد أضخم إنتاج سينمائي في العام 1978.

وعد صلاح جاهين للفنان أحمد زكي بأن يقدمه في عمل عوضاً عن دوره في «الكرنك» وفاه، وكان أول ترشيح يقدمه للمخرج علي بدرخان في دور «متولي» شقيق «شفيقة» التي جسدت شخصيتها سعاد حسني، وشاركهما البطولة أحمد مظهر، ومحمود عبد العزيز، وجميل راتب، ليحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، وتصبح أغنية «بانو بانو» التي كتبها صلاح وغنتها سعاد، ولحنها كمال الطويل، إضافة إلى ثلاث أغان أخرى لحنها إبراهيم رجب، من علامات هذه الفترة:

بانو بانو بانو.. على أصلكو بانو

والساهي يبطل سهيانه

ولا غِنى ولا صيت دولا جنس غويط

وكتابنا يبان من عِنوانه بانو أيوه بانو

ايوا بانو

جربنا الحلو المتعايق أبو دم خفيف

وبقينا معاه إخـْوَه شقايق فاكرينه شريف

أتاريه مش كده على طول الخط

الطـَبْع الردي من جواه نط

خلاص بقى مهما انشال وانحط

مافيش دمعة حزن عشانـُه

بانو أيوه بانو

وعرفنا.. سيد الرجالة

عرفنا.. عين الأعيان

من بره شهامة وأصالة

تشوفه تقول أعظم إنسان

إنما من جوه يا عيني عليه

بيّاع ويبيع حتى والديه

وأهو ده اللي اتعلمناه على إيديه

القهر وقوة هنايانه

بانو بانو بانو.. على أصلكو بانو

دوروا وشـُّكـُوا عني شويه كفاياني وشوش

ده أكم من وش غدر بيه ولا ينكسفوش

وعصير العنب العنابي العنابي

نقطه ورا نقطه يا عذابي يا عذابي

يكشف لي حبايبي وأصحابي

يوحدني وأنا ف عز شبابي

القلب على الحب يشابي

والحب بعيد عن أوطانه

بانو أيوه بانو.. أهو كده بانو

على أصلكو بانو

دفاع عن المرأة

تبنى جاهين الدفاع عن المرأة، وما تعيشه من أزمات داخل مجتمعات سلبتها أبسط حقوقها واستغلتها بالوسائل كافة، وعكس جاهين رؤيته في أفلام سينمائية ألفها، وجسدتها سعاد حسني، في شراكة أنتجت أعمالا خالدة في تاريخ السينما والتلفزيون، فحرص على إظهار المرأة ملامة من المجتمع بشكل دائم، حتى وإن كانت ضحية، ويتم استغلال طبيعتها كأنثى على المستوى الجسدي والنفسي، لتحقيق مطامع الرجل الجنسية والمادية، رغم الدور المهم الذي تقوم به في المجتمع.

هذه الأفكار عبّر عنها بوضوح في أفلام عدة بداية من «غرام في الكرنك» مرورا بفيلمي «خلي بالك من زوزو»، و«أميرة حبي أنا»، وصولا إلى الذروة في «شفيقة ومتولي»، ورغم الظلم الدائم الذي يقع على بطلات جاهين، إذ يظهر المرأة دائماً الطرف المجني عليه في المجتمع، لكنه ظل النصف الأجمل، فظهرت قوية قادرة على تخطي أزماتها بقلب متألم لكن شجاع.

مولد جديد

بعد نجاح «شفيقة ومتولي» لفت الممثل الشاب محمود عبد العزيز نظر سعاد حسني، كوجه مبشر في أدوار الفتى الأول، فقررت أن تستعين به في دور البطولة أمامها في فيلمها الجديد «المتوحشة» الذي أنتجته، وهو مأخوذ عن مسرحية جان أنوي بالاسم نفسه، وكتب صلاح جاهين وإبراهيم الموجي السيناريو والحوار، وأخرجه سمير سيف.

أرادت سعاد حسني أن تصنع فيلماً على غرار «خللي بالك من زوزو» فقدمت استعراضات وأغاني كتبها لها صلاح، غير أن الفيلم لم يحقق الإيرادات المتوقعة، ولم يقبل عليه الجمهور كما أقبل على أفلامها السابقة، فخرجت منه مصابة بشرخ في العمود الفقري، ونصحها الأطباء بعدم تقديم رقص أو استعراضات.

في عيد ميلاده الخمسين، جلس صلاح إلى مكتبه، ووضع أمامه ورقة بيضاء، ونظر إلى زوجته منى قطان، وأمسك بالقلم، وأشار إلى الورقة البيضاء، ثم بدأ يشخبط فوقها في شكل دوائر متداخلة:

*أهو أنا ساعة لما اتولدت كنت كده.. ودلوقت بقيت كده

=يا ساتر للدرجة دي؟

*عارفه لو سن الأربعين زي ما بيقولوا شباب الشيخوخة.. متهيألي الخمسين لازم تكون شيخوخة الشباب

=أنت هاتفضل طول عمرك شباب يا حبيبي.. كل سنة وأنت طيب.. وعقبال 100 سنة

*هاآو.. 100 كتير أوي.. كفاية خمس ست سنين

=ارجوك يا صلاح ماتقولش كده تاني.

*حاضر

=عارف أنا قريت قصة جميلة أوي عجبتني

*قصة أيه؟

=قصة عن ألهة هندية.. اتشكلت في سبع أشكال لإغراء إنسان وقعت في غرامه

*حلوة الحكاية دي.. تعرفي أنها أوحتلي بفكرة حلوة

ما قالته منى لصلاح أوحى له بفكرة درامية، فأمسك بالورق والقلم وكتب سباعية «أهو ده اللي مش ممكن أبداً» بطولة منى وإخراج منير التوني، وما إن مرت أيام عدة على بدء تصوير السباعية، حتى اكتشفت أنها حامل.

طارت منى من الفرح، كما فرح صلاح، الذي تمنى أن يكون المولود ذكراً، فيما تمنت منى أن يكون أنثى:

=اشمعنى ولد

*يبقى سندك وفي ضهرك لما تكبري

=أنت ليه دايما بتتكلم عن مستقبل أنت مش فيه

*ده على سبيل المثال.. عموما أنا عندي ولد وبنت.. مش هاتفرق معايا

=بس أنا بقى نفسي في بنت

*خلاص تبقى بنت.. عروسة جميلة زي أمها.. تبقى عروستي أنا كمان

شرع صلاح جاهين في كتابة استعراضات وأغاني الفوازير لشهر رمضان، وكان طلبها منه المخرج فهمي عبد الحميد لتؤديها الفنانة نيللي، فأطلق عليها اسم «عروستي»، وتدور كل حلقة حول شيء نستخدمه في حياتنا اليومية، وفائدة هذا الشيء، ومن يستخدمه؟ وكيفية استخدامه؟ مثل الأطعمة والأدوات، وعلى الجمهور أن يعرف الحل.

فوازير رمضان

حققت الفوازير نجاحاً مدوياً لم يحدث لعمل تلفزيوني من قبل، لتكتمل بعدها فرحة صلاح بوصول مولودته التي أطلق عليها اسم «سامية». بعد «عروستي»، قدم في العام التالي 1981، مع فريق العمل نفسه، نيللي والمخرج فهمي عبد الحميد، فوازير «الخاطبة» لتحقق أيضاً النجاح نفسه، حتى أصبح الجمهور مرتبطاً بها، وأصبحت الفوازير جزءا من الطقوس التلفزيونية خلال شهر رمضان.

غير أن الفرحة لم تكتمل، فما إن عاد هو وزوجته وابنتهما «سامية» من العجمي، بعد قضاء إجازة صيفية، حتى سقط مريضاً، ليأتي تشخيص الأطباء هذه المرة غير مطمئن، بل ومثير للرعب، وهو ضرورة إجراء جراحة في القلب فورا.

رافقت منى زوجها في رحلة علاجه في الولايات المتحدة الأميركية، وهناك أكد له الأطباء أنه جاء في الوقت المناسب، إذ وصل انسداد شرايين قلبه إلى أكثر من 85%، ولا بد من إجراء جراحة فورا، فاستلقى صلاح فوق سرير العمليات، مستسلما لمبضع الجراح.

نجحت الجراحة وعاد صلاح إلى القاهرة، وسط حزمة من المحاذير التي وضعها له الأطباء، ليكون أول من يستقبله طفلته «سامية» التي ركضت نحوه واحتضنت ساقيه مرددة: «بابا.. بابا».

حاولت منى عبثاً أن تلفت نظر سامية، غير أنها ظلت تتجاهلها لأكثر من يومين، توقع الجميع أن يكون العكس هو ما يجب أن يكون، إذ يرتبط الطفل في هذه السن بأمه أكثر من والده، غير أن إحساس الصغيرة بوالدها فاق كل التوقعات، وهو الإحساس نفسه لدى ابنته الكبرى أمينة، التي أضفت عليه سعادة لا توصف، ربما عن غير قصد، عندما وقع «أمين» ابن حبيبه وصديقه المقرب الشاعر الكبير فؤاد حداد، في حبها، وتقدم فؤاد ليضع يده في يد صلاح، طالبا مصاهرته، وتوجت العلاقة بين حداد وجاهين بالمصاهرة، وتزوج أمين فؤاد حداد من أمينة صلاح جاهين، ورأى صلاح ابنته تزف إلى زوجها، وعيناه تلمعان بالفرحة لزواجها من ابن صديقه الأقرب إلى نفسه وقلبه، وعالمه الشعري.

عاد صلاح إلى مكتبه وكتاباته ورسومه، فأصدر ديوانه السادس «أنغام سبتمبرية» الذي ضمنه أغاني وطنية، وقصائد رثاء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فضلا عن قصيدته الأشهر «على اسم مصر»، ليتجه بعده إلى كتابة أغاني الأفلام مجدداً، فكتب أغاني الفيلم التلفزيوني «اتنين على الهوا» تأليف يوسف فرنسيس وإخراجه، بطولة نيللي وكرم مطاوع.

بعد ذلك دخل في تجربة سينمائية جديدة، وشكل جديد من الموضوعات التي لم يتطرق إليها من قبل، فكتب سيناريو وحوار فيلم «اللعنة» حول صحافي شاب يدخل مستشفى للأمراض العقلية، مدعياً أنه «مختل عقلياً» ليحقق سبقاً صحافيا، باكتشاف سر مقتل أحد المرضى، فتظهر عليه بعض التغيرات نتيجة اندماجه في شخصية المريض نفسياً، لكنه يتوصل إلى القاتل الذي دخل المستشفى من أجل البحث عنه.

عرضت رئيسة التلفزيون عليه كتابة مسلسل اجتماعي استعراضي، وأعربت عن أمنيتها بأن تؤدي بطولته سعاد حسني، فوافق جاهين، وأقنع سعاد بذلك، على أن يشاركها البطولة أحمد زكي، فاتصل به ليخبره، وقبل أن يقول له الخبر، سبقه أحمد زكي ليزف إليه خبر أن زوجته هالة فؤاد أنجبت له ولدا أطلق عليه اسم «هيثم» وأنه يكاد يطير فرحا لأنه أصبح أبا، فأخبره صلاح عن المسلسل، ثم أغلق الهاتف، وعاود الاتصال به بعد ما يقرب من عشر دقائق ليقول له:

هيثم أحمد زكي.. وأمه هالة فؤاد

الواد طالع زكي.. لأمه وأبوه يا ولاد

هيثم يوم ما اتولد.. وقالولنا ده ولد

عرفت كل البلد.. هيثم أحمد زكي

الموت قهراً

قبل أن يشرع صلاح في كتابة المسلسل، بدأت تنتابه آلام في الظهر، بسبب الضغط على العمود الفقري، فنصحه الأطباء بضرورة إنقاص وزنه، والخضوع لكورس علاج طبيعي، ما اضطره للسفر مجدداً إلى إحدى المصحات المتخصصة في لندن، وأنقص وزنه بشكل ملحوظ، حتى أنه أصبح يستنكر شكله في المرآة، كلما نظر فيها شعر بأنه أمام شخص لا يعرفه، ما سبب له ضيقاً واكتئاباً، زاد منه عندما علم بعد عودته أنه صدر ضده حكم بالحجز على شقته، في قضية تقاضي بينه وبين أحد المنتجين، كان تعاقد على كتابة سيناريوهات لصالح شركته، غير أنه لم يستطع الإيفاء بذلك، وخسر القضية قبل السفر، ثم خسر الاستئناف خلال رحلته الأخيرة، لولا أن دفعت منى قطان مبلغ الحجز، من دون أن تخبره.

حاول صلاح أن يتغلب على اكتئابه، بالهرب إلى الكتابة، التي هي أمتع لحظات حياته، فكتب مسلسل «حكايات هو وهي»، وأقنعت سامية صادق سعاد حسني بالموافقة على أجور التلفزيون الزهيدة، فيما وافق أحمد زكي، لتعوده على أجور التلفزيون، وكتب صلاح الحلقات بشكل منفصل متصل، وشاركهما بطولته تحية كاريوكا، حسن عابدين، إخراج يحيى العلمي.

بعد ذلك، عاد إلى العمل مع كرم مطاوع وكتب أشعار وأغاني مسرحية «إيزيس» تأليف توفيق الحكيم، إخراج كرم مطاوع وبطولته، ومعه سهير المرشدي، المطرب الشاب أحمد إبراهيم.

في أشعار «إيزيس» مزج صلاح بين العامية والفصحى، ووضع الألحان الموسيقية الشاب هاني شنوده، وقدمت المسرحية على خشبة المسرح القومي بعد تجديده، بحضور الرئيس حسني مبارك، واعتبر ذلك اليوم يوم المسرح المصري.

أحب جاهين «إيزيس» ليس باعتبارها شخصية في عمل مسرحي، بل لأنه تأكد من صحة فلسفته ورؤيته لنموذج المرأة المصرية منذ فجر التاريخ، وقوتها وصلابتها، بل وقيادتها للمجتمع، من خلال قيادتها لأسرتها، فلم يكن يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة فحسب، بل يرى أحقيتها في أن تكون هي الملكة المتوجة، على عرش المجتمع، وهي الفلسفة التي حاول أن يظهرها من خلال الأفلام التي قدمها، وفي أشعاره وأغنياته، أيضاً، ما جعله يتفاعل مع ما طلبته منه سعاد حسني، من كتابة أغنية لها لتقدمها في مناسبة «عيد الأم»، فكتب لها أغنية «صباح الخير يا مولاتي»:

يا ماما يا أما يا أماتي

سلاماتي احتراماتي قبلاتي

صباح الخير يا مولاتي

كتب صلاح جاهين الأغنية، لأمه التي أراد أن يكرمها، بعدما منحته كل شيء، ولم يستطع أن يوفيها حقها سوى أنه أحبها بجنون، فلحنها كمال الطويل، وأخرجها يحيى العلمي كصورة غنائية للتلفزيون، وأذاعها التلفزيون المصري يوم 21 مارس عام 1986.

في الخامس من أبريل ظل صلاح يتابع الأخبار إلى ساعة متأخرة، لم يستطع أن ينام، دخل إلى غرفة مكتبه، يبحث عما يكتبه أو يرسمه، لا بد من أن يرسل الرسم صباحاً إلى الأهرام، فقد اعتاد أن يرسم صباحا، ثم يأتي من أطلق عليه «الرجل الخفي» وهو عامل الدراجة البخارية، الذي ترسله الأهرام ليأخذ الرسم منه ويوصله إلى الجريدة.

أغمض صلاح عينيه، وراح يفكر في ما يحدث، حوله، وعشرات بل مئات الأسئلة تدور في رأسه، حتى سيطرت عليه حالة من الجمود، ولم يعد قادرا على أن يتحرك من مكانه، أو يفتح عينيه، أو حتى يستغيث، فربما كان يحلم، أو للدقة «كابوس» مفزع، لكن من يوقظه من هذا «الكابوس»؟ لا أحد، فقرر أن يترك نفسه له.

في الصباح اكتشفت منى قطان أن صلاح في غيبوبة بين الموت والحياة، حاولت الاستنجاد بالجيران، وسارعت إلى الاتصال بالصديقة المقربة سعاد حسني، غير أنه قبل أن تصل سعاد إلى بيت صلاح، كانت سيارة إسعاف مستشفى «الصفا» القريبة من بيته قد وصلت، ونُقل إلى المستشفى، وأدخل على الفور إلى الرعاية المركزة.

ظل صلاح أربعة أيام في غيبوبة داخل الرعاية المركزة، وفي اليوم الأخير، فتح عينيه ببطء وجالتا في الغرفة، فاكتشف كم الأجهزة الطبية التي تتصل بأجزاء متفرقة من جسده، والأنابيب والخراطيم، حاول أن يبتسم ساخراً، غير أنه لم يقو على الابتسام.. فعرف أنها النهاية.. حاول أن يبقي على عينيه مفتوحتين.. غير أنه لم يستطع، شعر بأنه لم يعد مخيراً، فاستسلم لإغماضهما وصدى كلماته يتردد داخله:

خرج بن آدم م العدم قلت ياه

رجع بن آدم م العدم قلت ياه

تراب بيحيا وحي يصير تراب

الأصل هو الموت ولا الحياة.

بحر الحياه مليان بغرقى الحياه

صرخت خش الموج في حلقي ملاه

قارب نجاه!.. صرخت قالوا مفيش

غير بس هو الحب قارب نجاه

عجبي!!

...

فارس وحيد جوّه الدروع الحديد

رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين منين.. ولفين لفين يا جدع

قال من بعيد ولسه رايح بعيد

عجبي!!

...

كان فيه قمر كأنه فرخ الحمام

على صغره دق شعاع شق الغمام

أنا كنت حاضر قلت له ينصرك

إشحال لما ح تبقى بدر التمام

عجبي!!

...

النهد زي الفهد نط اندلع

قلبي انهبش بين الضلوع وانخلع

ياللي نهيت البنت عن فعلها

قول للطبيعة كمان تبطل دلع

عجبي!!

...

صوتك يا بنت الأيه كأنه بدن

يرقص يزيح الهم يمحي الشجن

يا حلوتي وبدنك كأنه كلام

كلام فلاسفه سكروا نسيوا الزمن

عجبي!!

النهاية

زوجته الأولى عادت إليه رغم إبقاء زوجته الثانية في عصمته

اهتم بالدفاع عن المرأة في السينما من خلال تعاونه مع سعاد حسني

قدم مع نيللي الفوازير بشكلها الحديث عبر تجربتي «عروستي» و«الخاطبة»
back to top