الخطة الخمسيّة للنهوض الثقافي... ورشة استراتيجية وطنية شاملة تستردّ موقع لبنان المميَّز في محيطه

نشر في 21-06-2017
آخر تحديث 21-06-2017 | 00:02
الوزراء المعنيون بخطة النهوض الثقافي
الوزراء المعنيون بخطة النهوض الثقافي
يرعى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في 29 يونيو الجاري إطلاق الخطة الخمسيّة للنهوض الثقافي في لبنان التي وضعتها وزارة الثقافة، تأكيداً على مشاركة الجهات الرسمية المعنية، في هذا الجهد الوطني، الذي يشكِّل علامة فارقة في الحياة الثقافية والعمل الحكومي، فللمرة الأولى تتضافر جهود الدولة للإعلاء من شأن الثقافة. ما هذه الخطة وما دور الوزارات المعنية بها؟
تشمل الخطة الخمسيّة للنهوض الثقافي في لبنان المحاور التالية: التراث غير المادي، الموسيقى، السينما والمسرح، الكتابة والتأليف، الرقص، التراث المنقول، الفنون التشكيلية... أعدتها مؤسسة الدراسات العالمية Strategy & Co.

تشكل هذه الخطة منطلقاً لرؤية ثقافية، تسترد موقع لبنان المميز، على الخريطة الثقافية العربية والعالمية، «فنعود من خلالها، مكتبة العرب، وريشتهم، ومنبرهم، وحديقة الإبداع الفكري والفني والأدبي والموسيقي والعلمي، لشباب وشابات لبنان، ولكل من يطلب اللجوء الثقافي إلى هذا الوطن الرسالة»، على حد تعبير وزير الثقافة غطاس خوري في المؤتمر التشاوري حول الخطة الخمسيّة الذي عقد في قصر اليونسكو في بيروت.

أضاف: «الثقافة في لبنان، تستدعينا لنكون في خدمتها، ولنرتقي بها إلى مستوى الرسالة، ومستوى الدور الذي نتطلع إلى أن يكون عليه لبنان، في محيطه العربي وفي العالم. تشكل الخطة ورشة ثقافية لخطة استراتيجية وطنية شاملة، تعنى بصون وحماية كل ما يتصل بالثقافة اللبنانية وقطاعاتها».

تابع: «اعتدنا أن تكون الثقافة، كلمة تلازم كل شأن من شؤون حياتنا. فنتحدث عن الثقافة السياسية، والثقافة الاجتماعية، والثقافة الدينية، والثقافة البيئية، والثقافة الاقتصادية، والثقافة الديمقراطية، والثقافة الشعبية. لكأن الحياة هي الوعاء لكل الثقافات. أو لكأن الثقافة هي الأداة التي ترسم خطوط الحياة. حياتنا الوطنية المشتركة، ركن من أركان ثقافة اللبنانيين. وتجربتنا الديمقراطية ركن من أركان ثقافتنا السياسية. وحماية هذين الركنين، هي جسر العبور إلى خطة نهوض ثقافي، تكون في خدمة لبنان».

لا شكّ في أن رسالة لبنان كانت على مدى العصور وستبقى رفع راية الثقافة عالياً لتكون منارة للقاصي والداني، والجميع يعلم ما كان لبيروت من دور منذ فجر التاريخ في هذا الإطار، فهي احتضنت أول مدرسة للحقوق في العالم سنة 500 قبل المسيح، وبفضل موقعها على البحر المتوسط شكلت مساحة لقاء بين الثقافتين الشرقية والغربية.

سنوات الحرب العجاف التي عصفت بلبنان، لم تستطع اغتيال الثقافة، فاستمرت مشعة رغم غبار المعارك، وتأسست في خضمها وبعدها حركات فكرية وفنية استلت من الحرب مادة لتوثيق البشاعات والدعوة إلى الاتعاظ وبناء مستقبل أفضل.

تضافر جهود الوزارات

تشمل خطة النهوض الثقافي في لبنان وزارات: الثقافة، السياحة،

الإعلام، التنمية الإدارية، التربية، الأشغال العامة، وزارة الخارجية والمغتربين، الداخلية والبلديات، كون هذه الوزارات معنية بتغيير صورة لبنان.

بالنسبة إلى وزارة التنمية الإدارية، تبرز مشاركتها في الخطة انطلاقاً من أن «الثقافة ليست مجرد تكديس للمعارف، إنما هي انعكاس لمنهجية التفكير والمفاهيم والسلوك الفردي والجماعي»، على حد تعبير الوزيرة الدكتورة عناية عز الدين لافتة إلى أن الثقافة الصادرة من المجتمع تبقى المحرك الأساسي للتغيير المنشود.

أما وزارة الإعلام فدورها أساسي في الخطة، من خلال مواكبة الإعلام خطة وزارة الثقافة، «لأن هذا المشروع سيكون النبض لشرايين لبنان»، كما وصفه وزير الإعلام ملحم رياشي، خصوصاً أن مهمة الإعلام نشر الثقافات، وإلقاء الأضواء على الأحداث والآراء والأفكار، والفلسفات المختلفة في الميادين كافة.

لوزارة الخارجية والمغتربين حصة في خطة النهوض الثقافي، من خلال تضافر جهودها مع جهود الوزارات المعنيّة، لتشمل الخطة صلب سياسة لبنان الخارجية، عبر إنشاء مراكز ثقافية في الخارج لنشر الإرث الثقافي اللبناني وحمايته، وأن تحظى هذه الإدارات بتشريعات تحمي هذا المنتج، وأن تشمل هذه الخطة برنامجاً تنفيذياً، وأن تكون السفارات عماد تنفيذ هذه الخطة، كما جاء على لسان دونا الترك، ممثلة وزير الخارجية في المؤتمر التشاوري.

أما وزارة التربية، فيتمحور دورها حول تنظيم أنشطة غايتها تنمية ثقافية مستدامة، خصوصاً أنها تتعامل مع أكثر من خمسين جمعية تعنى بالتراث الثقافي اللبناني، فضلاً عن العمل مع مديرية الآثار ومع المجتمع المدني على التوعية على أهمية الحفاظ على مواقع التراث، على حد تعبير مدير العام للتربية فادي يرق، ممثلاً وزير التربية في المؤتمر التشاوري.

ضمن خطة التكامل بين وزارات الدولة، يقوم دور وزارة الأشغال العامة في الخطة الخمسية للنهوض الثقافي على الحفاظ على العمارة اللبنانية كونها تخدم الإنسان جسداً وعقلاً وهي صورة عن الإنسان. والعمارة في لبنان تتصارع بين الحداثة والتراث، وبعض عمارته يعكس شخصية الشعب اللبناني»، كما أفاد المهندس الياس الطويل ممثلاً وزير الأشغال العامة، في المؤتمر التشاوري، لافتاً إلى أن الميزة الجمالية للعمارة اللبنانية تكمن في أنها ذاكرة وتاريخ، وعلى الجميع، وخصوصاً وزارة الثقافة الحفاظ على العمارة التراثية من خلال التشريعات.

في ما يتعلق بدور وزارة الداخلية والبلديات، فتتقاطع مهامها مع مهام وزارة الثقافة في مجال الأحوال الشخصية، وتركز على دور قوى الأمن في حماية المواقع الأثرية وغيرها، وتعزيز دور البلديات في إطار هذه الخطة الخمسية وخصوصاً في مجال اللامركزية، على حد قول الدكتور خليل جبارة ممثلاً وزير الداخلية والبلديات في المؤتمر التشاوري.

بيروت احتضنت أول مدرسة للحقوق في العالم سنة 500 قبل الميلاد

الوزارات المشاركة في النهوض بالخطة الخمسية معنية بتغيير صورة لبنان
back to top