صلاح جاهين... العصفور الحزين (8 - 15)

قصاقيص ورق

نشر في 18-06-2017
آخر تحديث 18-06-2017 | 00:05
أدهش صلاح جاهين الجميع بحيويته وانطلاقته التي لا تحدّ، فبين عمله الصحافي وإبداعه الشعري، كان جاهين يوزع وقته، فتخرج من عبق عبقريته «الرباعيات» الشهيرة، التي استقبلها الجمهور بترحاب شديد، وبينما جاهين مشاريعه الفنية مع صديقه سيد مكاوي، دخلا معا تجربة تقديم تترات المسلسلات الإذاعية بروح جديدة، وكان تكريمه باختيار «والله زمان يا سلاحي» سلاماً وطنيًا للجمهورية المتحدة بين مصر وسورية.
كان رئيس الإذاعة المصرية محمد أمين حماد أول من استمع إلى أوبريت «الليلة الكبيرة»، ولم يتمالك نفسه، من الفرح والإعجاب الشديد بالعمل البديع، فراح يمتدح كل من صلاح جاهين وسيد مكاوي، ويمطرهما بكلمات الإعجاب. غير أن الإذاعي الكبير محمد محمود شعبان كان له رأي مخالف، فالأوبريت، من وجهة نظره، بديع وجديد على الإذاعة المصرية، غير أنه ينقصه شيء مهم جداً:

-أنا متأكد من براعتك.. بس اللي أقصده شيء مهم جداً ما يفوتش عليك يا أبو صلاح لأن صعبان عليّ يبقى العمل الرائع دا ناقصه حاجة.

*أتفضل يا أستاذ محمد.. قول ناقصه أيه!

-أنت ناقل المولد بصورة كاريكاتورية رائعة وبديعة مافيش كلام.. بس الموالد بيبقى فيها حاجات تانية مهمة.

*زي أيه؟

-شوف يا عم صلاح.. أهم حاجة أن مفيش مولد مافهوش رقاصة.. أو بلغة الموالد «الغازية» دا غير لعبة الطارة.. دي كمان مهمة أوي.. ده رأيي ولك أن تأخد بيه أو لا.. لكن لو حابب تقدمه زي ماهو هايكون بديع مافيش كلام.

اقتنع صلاح جاهين بكلام محمد محمود شعبان، واجتهد في أن يستكمل ما أشار إليه ليخرج العمل مكتملا، فشرع في كتابة جزء ثان للأوبريت، غير أنه قبل أن يكتمل، تم تسجيل الأوبريت للإذاعة بأصوات المطربين شفيق جلال، ومحمد رشدي، وشافية أحمد، وعصمت عبد العليم، وصلاح عبد الحميد، ومحمد نصار، ومحيي الدين الخضري، وعبد الحليم فيروز، وجمال الدين محمد، ومحمد سرور، وشاركهم صلاح جاهين بصوته، كذلك حرص الشيخ سيد على الاستعانة بأطفال حي الناصرية بالسيدة زينب، لتقديم أصوات الأطفال في المولد، واخرجه الإذاعي عباس أحمد.

لم يلحق الجزء الأخير من «الأوبريت»، الذي أضافه صلاح جاهين بتسجيل الإذاعة، فخرج الأوبريت للمستمعين في ثماني دقائق فحسب، غير أنه أحدث دوياً لم يحدثه عمل فني إذاعي من قبل، ولم يمر أسبوع على إذاعة الأوبريت، إلا وكان الكبار قبل الصغار يرددون كلمات صلاح جاهين منغمة بألحان الشيخ سيد، وللمرة الأولى في تاريخ الأوبريتات الإذاعية، تجتمع كل الطبقات على عمل واحد، الطبقات الدنيا، والطبقة المتوسطة، حتى بقايا الطبقة الأرستقراطية، الجميع يتغنون به، بل أصبحوا يحفظونه عن ظهر قلب، ما وضع صلاح جاهين في مصاف كبار شعراء «العامية» في الشرق، وانتقل الشيخ سيد مكاوي إلى مصاف كبار الملحنين.

العصفور

رغم ضخامة جسمه، ما يوحي للآخرين بصعوبة تحركه وانتقاله من مكان إلى مكان، إلا أن صلاح كان يمثل أعجوبة إنسانية لكل من حوله على المستويات كافة، فمن الممكن رؤيته في اليوم الواحد في أكثر من مكان، فيكون صباحاً في روزاليوسف، وظهراً في الإذاعة، وبعد الظهر في أحد بلاتوهات السينما، وليلا في المقهى، ويمكن أن يتناول العشاء في حي الحسين.

بين هذه الجولات لا بد من أن يذهب جاهين إلى بيته خلال فترة النهار ليجلس بعض الوقت مع زوجته، كذلك يذهب إلى بيت والده، ليعود إلى بيته مجدداً مع الساعات الأولى من الصباح، ويحرص على الاستيقاظ مبكرا ليجد وقتا يلهو ويلعب مع ولي العهد «بهاء» الذي لم يعد بمفرده، بعد أن رزق صلاح بمولوده الثاني الذي جاء أنثى، وأطلق عليها اسم «أمينة» على اسم والدته، لشدة حبه وتعلقه بها.

كل ذلك جعل المحيطين به يصابون بالدهشة، فإذا كان يومه بهذا الشكل، فمتى وأين يخرج إبداعه؟ فإذا كان يرسم صباحا في المجلة، باعتبارها مكان عمله، فأين إذن يكتب الشعر لنشره، أو التحضير لديوان جديد؟ متى يكتب الأغاني التي تطلب منه للمطربين والمطربات؟

كان صلاح يفعل ذلك في كل مكان، وهو يمشي في الشارع، أو يجلس على المقهى، أو في بلاتوه، أو حتى في بيت والده، في كل مكان يمكن أن يكون موجوداً فيه، يمسك ورقة صغيرة، أو تلك «النوتة» التي لا تفارق جيبه، فيدوّن فيها كل ما يأتي على خاطره من أشعار أو أفكار، فقد اعتاد أن يقطع المسافة من بيته إلى مجلة «صباح الخير» سيراً على الأقدام، وعادة لا ينتهي هذا الطريق قبل أن يخرج بفكرة جديدة، أو عدة أبيات من قصيدة يستكملها في اليوم نفسه.

سواء كانت قصيدة عامية، أو في أحيان قليلة فصحى بروح أقرب إلى العوام منها إلى النخبة، غير أنه في هذا اليوم وجد أن أربعة أبيات تلح عليه بشكل غريب طوال الطريق، أربعة أبيات كلما حاول أن يكملها وجد أنها منتهية، فتوقف في الشارع وأخرج «النوتة» من جيبه، ووضعها فوق ظهر إحدى السيارات، ودوّن الأبيات الأربعة، وهو غير مقتنع بأن تكون هذه الأبيات قصيدة منفصلة، وما إن وصل إلى مقر المجلة، لم يقابل أيا من الزملاء أو الأصدقاء، بل اتجه من فوره إلى مكتب رئيس التحرير الكاتب أحمد بهاء الدين، ودخل إليه متلهفاً كأنما كان في انتظاره:

=أهلا يا صلاح كويس أنك جيت تعالى عايزك

*أنا اللي عايزك أوي

=أيه خير أقعد.. مالك بتنهج كدا ليه؟

*أصل طالع السلالم جري

=طب اقعد وخد نفسك.. وقوللي مالك

*أبدا وأنا جاي في المسافة بين البيت والمجلة لقيت بيلح على دماغي أربع أبيات

=أربع أبيات شعر!

*أيوا شعر.. أمال طوب

=طب وأيه يعني فين المشكلة؟

*المشكلة كل ما أحاول أكملها ألاقيهم هم هم.. بيلحوا على دماغي

=وده معناه أيه؟

*معناه زي ما يكون رباعية

=رباعية؟! .. طب وأيه المشكلة سمعني طيب كده

* أسمع يا سيدي:

مع إن كل الخلق من أصل طين

وكلهم بينزلوا مغمضين

بعد الدقايق والشهور والسنين

تلاقي ناس أشرار وناس طيبين

=حلوة أوي يا صلاح

*مش عارف

=هو أيه اللي أنت مش عارفه.. رباعية حلوة.. وعميقة بجد وكلها فلسفة.. وموزونة يبقى أيه المشكلة؟

*مش عارف؟

=أنت علقت على كلمة «مش عارف» ولا أيه؟ أسمع تقدر تكتب أربعة أبيات كل أسبوع زيها.

*طبعا أقدر

=خلاص.. هاننشر دول.. وهاستنى أبيات الأسبوع الجاي.. وهاننشرها تحت اسم «رباعيات».

انفرد جاهين بخاصية مهمة تمنح شعره بعداً فلسفياً لا مثيل له لدى شعراء العامية الآخرين بل وربما لا مثيل له لدى شعراء الفصحى المصريين، في ما عدا رفيقه صلاح عبد الصبور الذي اتسمت معظم أشعاره بأبعادها الفلسفية والإنسانية الشاملة.

المولود الجديد

كتب صلاح الرباعية «مولوده الجديد» بحيث يكون البيتان الأول والثاني عرضا لأوليات الموقف، وفي البيت الثالث يقوم بارتفاع مفاجئ إلى قمة الموقف، كأنما ارتفع بمطرقة إلى أقصى امتداد يمكن أن يصل إليه ذراعه، ثم يهوي بها بكل قوة على السندان، محدثاً دوياً بالبيت الرابع في الرباعية التي يختتمها به، وفي الأسبوع التالي كتب الرباعية الثانية، لتتوالى «الرباعيات» أسبوعيا، تتدفق منه، كماء من عين لا تنضب.

كان الشيخ سيد مكاوي، أسعد الناس بنشر «رباعيات» أقرب الأصدقاء إلى قلبه صلاح جاهين، وراح ينتظر كل أسبوع رباعية وراء أخرى، يتلقفها، كالقابلة التي تكون أول من يتلقف المولود، فما إن يستمع إلى الرباعية الجديدة، حتى يمسك العود ويبدأ في تلحينها، من دون أن يخبر صديقه، حتى اكتملت خمس عشرة رباعية، ففاجأه بالألحان التي وضعها لها، فكانت تزداد دهشة صلاح في كل رباعية يستمع إليها، بعدما حفظها الشيخ سيد عن ظهر قلب، وبدأ تلحينها بشكل متتالٍ وتقديمها عبر برنامج إذاعي يومي، من إخراج أنور عبد العزيز في إذاعة «صوت العرب»، كل يوم ثلاث رباعيات، من بينها: رباعية يقولها المخرج أنور عبد العزيز بصوته، واثنان بصوت سيد مكاوي.

لم يكن صلاح يتخيل أن هذه الكلمات يمكن تلحينها، لذا كانت المكافأة وليمة «لحمة رأس وفتة بالكوارع» في مطعم «بحة» بحي الناصرية، وفيما يتناولان «الوليمة» فجأة ترك صلاح الطعام، وراح يلقي على سمع الشيخ سيد صورة غنائية جديدة كتبها بعنوان «المكن» التي تظهر أهمية «أولاد البلد» وشهامتهم ودورهم في النهوض بالمجتمع عبر المكن وأهميته:

=حلوة أوي يا أبو صلاح.. دي فعلا بتثبت أنك شاعر «مُكن»

*هاأو.. علشان تعرف يا ابني بس.. مش أي حاجة

=يا حبيبي أنا عارف من غير ما تعرفني.. بس يلا استعد

*أستعد لأيه تاني.. مش لما نخلص «المكنّ»

=ما أنا قصدي على «المكن»

*معلش أصل «الفهامة» مش شغالة النهارده وضح كلامك

=أنا قصدي إنك أنت هاتغني.. معانا.

*أنا!! إزاي.. ياعم دا المستمعين يهربوا من الإذاعة.. بذمتك دا صوت واحد يغني

=شوف يا حبيبي.. الحاجات دي مش طربية أد ماهي أداء، ومافيش صوت وحش وصوت حلو.. لكن فيه أداء حلو وأداء وحش.. وأنت أداءك مافيش أجمل من كدا.

في خضم الإقبال على الشيخ سيد كملحن، ونجاح «الليلة الكبيرة»، سجلا «المكن» للإذاعة وشارك صلاح جاهين بالغناء فيها، بل وشارك معه إلى جانب التلحين الشيخ سيد، ومعهما المطربين محمد رشدي، وشفيق جلال، وإبراهيم حمودة، وفكري محمد، إلى جانب أصوات الكورس، نفذ التوزيع الموسيقي علي فراج، وأخرجها فايز حلاوة.

كانت الألحان التي قدمها الشيخ سيد لفيلم صديقه أحمد بدرخان «العروسة الصغيرة» عام 1956، قد غابت عن الأذهان، لأكثر من سبب ربما أهمها أن صداقات الشيخ سيد بالوسط السينمائي لم تكن كبيرة، الأمر الثاني وهو الأهم أنه مأخوذ بالإذاعة وإحساسه بأنها أقرب إلى نفسه، غير أن صديقه صلاح جاهين أراد أن يجدد عهده بالسينما في يناير 1959، فعهد إليه بأغنية «أنا هنا يا ابن الحلال» لتغنيها المطربة صباح من خلال فيلم «العتبة الخضرا» من بطولتها أمام إسماعيل ياسين وأحمد مظهر وزينات صدقي وعمر الحريري، قصة وسيناريو وحوار الكاتب الصحافي جليل البنداري، وإخراج فطين عبد الوهاب.

فكر جديد

لم يكن اهتمام صلاح جاهين ينصب على سيد مكاوي وتقديمه إلى الأوساط الأدبية والثقافية والفنية فحسب، بل على كل من حوله، من زملائه من الشعراء، من يكتبون الفصحى والعامية، على حد سواء، غير أن ما كان يشغل باله طوال الوقت صديقه الشاعر فؤاد حداد، الذي يختلط شعره بمواقفه السياسية، فضلا عن انتمائه إلى الحزب الشيوعي المصري، ما كان سبباً في اعتقاله للمرة الثانية ضمن حملة اعتقالات الشيوعيين في العام 1959، لذا قرر صلاح أن يكون فؤاد حداد الغائب الحاضر، فلم يترك أذناً تسمعه لم يسكب فيها كلمات فؤاد، كما لم يترك مناسبة إلا وذكره فيها، يردد أشعار فؤاد حداد أكثر مما يردد ما يكتبه من أشعار:

فنان فقير على باب الله

الجيب مافيهشي ولا سحتوت

والعمر فايت بيقول آه

والقطر فايت بيقول توت

صحيتني ليه يا شاويش

أنا كنت سارح في الملكوت

لما بنام بحلم وباعيش

لما بفوق ما بفوقشي بموت

وتقول عليّ كبير السن

وأنا في قلبي ولد كتكوت

= الله الله يا أبو صلاح.. أيه الروعة دي

* ده مش كلامي يا شيخ سيد ده كلام أخويا وحبيبي فؤاد حداد

= ربنا يفك سجنه

ربما كانت الدراما الإذاعية منذ نشأة الإذاعة المصرية في العام 1934، تتمتع بإقبال جماهيري كبير، لا سيما خلال شهر رمضان، غير أن مقدمات المسلسلات الإذاعية كانت حتى هذا التاريخ تقدم مثلها مثل البرامج، ينطلق المذيع ليقدم اسم المسلسل ثم الأبطال والمؤلف والمخرج، حتى فكر المسؤولون في الإذاعة، في استغلال الثنائي المنسجم المتألق صلاح جاهين وسيد مكاوي، في تقديم تترات البداية والنهاية وكتابة أغاني المسلسل الرمضاني وتلحينه.

غير أن سيد مكاوي، طلب من رئيس الإذاعة أن يقدم التتر بفكرة جديدة، بحيث يغنيه المشاركون في العمل من مؤلف الأغاني والملحن والأبطال، ورغم قلق رئيس الإذاعة من التجربة، إلا أن ثقته في نجاح جاهين ومكاوي جعلته يوافق، فقدما معا تتر مسلسل «الولد الشقي»، تأليف الكاتب محمود السعدني، إخراج أنور عبد العزيز، وغنى جاهين والشيخ سيد مع صفاء أبو السعود:

صلاح: أنا مش عارف أعمل أيه في الواد الشقي دا

صفاء: كان فيه واد أيه

المجموعة: كان فيه واد شقي

وزمان قالوا أيه

المجموعة: عمر الشقي بقي

صفاء: يا طيور زقزقي هيصي قهقهي ع الشمس ازعقي

صلاح: وياشمس ألحقي هلي وشقشقي ع الحارة اسبقي

سيد: ويا حارة انطقي كركبي زقزقي

صلاح: برطمي تجرمي هلضمي بوئي

صفاء: وارجعي فوقي فوقي

المجموعة: زي المعتاد

واحكي وروقي.. روقي

المجموعة: في حكاية الواد

صفاء: الواد اللي هو

المجموعة: الواد الشقي

الواد اللي هو

المجموعة: الواد الشقي

صفاء: طب وحدو

المجموعة: لا إله إلا هو

أذيع المسلسل خلال شهر رمضان، ليجد المستمع نفسه أمام نوعية مختلفة من الدراما وكلمات المقدمة الغنائية والموسيقى والألحان، فأعتُمد هذا الشكل الجديد في تقديم الدراما الإذاعية.

فرح جاهين بنجاح هذا الشكل الإذاعي، واستمتاع الجمهور به، غير أن ما جعله يشعر بزهو وفخر شديدين، تحويل واحدة من أغنياته الوطنية إلى «السلام الجمهوري» الرسمي للجمهورية العربية المتحدة.

نشيد وطني

كان أول نشيد وطني مصري معروف هو السلام الوطني الذي بدأ عزفه في العام 1869، في عهد الخديو إسماعيل، وينسب وضع هذا السلام الملكي إلى المؤلف الموسيقي الإيطالي فيردي، وفي العام 1923، كتب مصطفى صادق الرافعي نشيد «أسلمي يا مصر»، ووضع ألحانه الموسيقار صفر علي، وبعد قيام ثورة 1952، اتخذت الثورة نشيد «الحرية» الذي كتبه الشاعر مأمون الشناوي ووضع ألحانه الموسيقار محمد عبد الوهاب، ويقول مطلعه «كنت في صمتك مرغم»، واستعمل كجزء من نشيد الجمهورية العربية المتحدة بعد الوحدة مع سورية في العام 1958، حتى صدر القرار الجمهوري رقم 1433، في العام 1960، باتخاذ سلام وطني جديد هو المؤسس على لحن الموسيقار كمال الطويل، لنشيد «والله زمان يا سلاحي» الذي كتبه صلاح وغنته كوكب الشرق أم كلثوم.

غير أنه يقدم من دون مرافقة كلمات صلاح، لذا أطلق عليه «السلام الجمهوري» وليس النشيد الجمهوري، لكنه ما إن يعزف حتى يردد الحضور كلمات صلاح، لتتردد كلماته على لسان كل مصري وعربي، ويكون بمثابة إنصاف صلاح أمام والده المستشار بهجت حلمي، الذي لم يقتنع بموهبة ابنه وإبداعه، والتي تفوق كل تصور.

أعرف عيون هي الجمال والحسن

وأعرف عيون تاخد القلوب بالحضن

وعيون مخيفة وقاسية وعيون كتير

بأحسّ فيهم كلهم بالحزن

عجبي!!

...

إيش تطلبي يا نفسي فوق كل ده

حظك بيضحك وأنتِ متنكدة

ردت قالت لي النفس: قول للبشر

ما يبصوليش بعيون حزينة كده

عجبي!!

...

إقلع غماك يا تور وارفض تلف

اكسر تروس الساقية واشتم وتف

قال: بس خطوة كمان.. وخطوة كمان..

يا أوصل نهاية السكة يا البير يجّف

عجبي!!

...

يا حزين يا قمقم تحت بحر الضياع

حزين أنا زيك وأيه مستطاع

الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع

الحزن زي البرد.. زي الصداع

عجبي!!

...

في يوم صحيت شاعر براحة وصفا

الهم زال والحزن راح واختفى

خدني العجب وسألت روحي سؤال

أنا مُت؟.. والا وصلت للفلسفة؟

وعجبي!!

البقية في الحلقة المقبلة

«بابا شارو» اعترض على غياب «الغازية» في «الليلة الكبيرة» وجاهين اقتنع

صلاح جاهين أدهش الجميع بنشاطه وحيويته وقدرته على كتابة الشعر في أي مكان

الرباعيات» رأت النور... وأحمد بهاء الدين احتفى بها بتخصيص صفحة أسبوعية لها
back to top