نور الشريف... الفيلسوف العاشق (23 - 30)

أهـل القمة

نشر في 18-06-2017
آخر تحديث 18-06-2017 | 00:04
وجد نور الشريف أنه ابتعد عن المسرح والتلفزيون، وجمهورهما الخاص جداً، المختلف بالتأكيد عن جمهور السينما. وكما كان حريصاً على التنوع في أدواره السينمائية، حرص على ذلك في الوسائل كافة التي يطلّ من خلالها على جمهوره، لذا لم يتردد عندما أعجبه دور «أحمد بن شبيب» في مسلسل عرضه عليه المخرج نور الدمرداش بعنوان «مارد الجبل»، قصة وسيناريو وحوار سنية قراعة، وشارك في الحوار وكتابة الأشعار عبدالرحيم منصور. أما البطولة فتولاها إلى جانب الشريف كل من ليلى حمادة، ورجاء حسين، ومحمود المليجي، وتوفيق الدقن، ورضا الجمال، ومصطفى متولي، وعايدة رياض.
حقق مسلسل «مارد الجبل» نجاحاً كبيراً بين جمهور التلفزيون، جعل نور الشريف يتربّع على عرش الدراما التلفزيونية، فيما حرص معظم نجوم السينما على الابتعاد عن التلفزيون حفاظاً على بريقهم السينمائي، وهو ما لم يضعه الشريف في حسبانه، لثقته بنفسه وبجمهوره.

لم يكتف الشريف بالسينما والتلفزيون، بل راح يبحث أيضاً عن حضوره المسرحي. قدّم له المخرج عبد الغفار عودة مسرحية «ست الملك» التي كتبها سمير سرحان، لتقديمها لفرقة «المسرح القومي» مع الفنانة سميحة أيوب، وكانت أول امرأة تتولّى إدارة المسرح القومي عام 1975 منذ إنشائه، وشاركهما كل من عبد الرحمن أبو زهرة، وأنور إسماعيل، ومصطفى متولي، ومحمد خيري.

استطاع الشريف أن يعيد لافتة «كامل العدد» إلى المسرح القومي، بعدما كانت الفرق الكوميدية الخاصة سحبت البساط من تحته، لا سيما بعدما اعتاد الجمهور أن يشاهد نجوم السينما في المسرح الخاص، ولم يكن ذلك مصدر سعادة الشريف، بقدر إحساسه بأن عليه واجباً مهماً تجاه المسرح القومي للدولة.

مثلما منح الشريف الفرصة للمخرج سمير سيف عبر فيلمين من إنتاجه، ليلمع بعدهما اسمه في عالم الإخراج السينمائي، وافق على أن يعمل مع المخرج الشاب هشام أبو النصر، ليمنحه الفرصة أيضاً لإثبات ذاته، وإن لم يكن المشروع من إنتاجه، خصوصاً أن ثمة نجوماً عرض عليهم الفيلم ورفضوه، ليس لسوء العمل أو الدور، بل تخوفاً من الوقوف إزاء كاميرا مخرج جديد.

حزن وألم

قدّم الشريف مع هشام أبو النصر فيلم «الأقمر» ووقف فيه إلى جانب الفنانة نادية لطفي، التي كان شاهدها لأول مرة قبل 15 عاماً في «حوض سباحة» نادي الجزيرة الرياضي، عندما كانت تصوّر فيلم «النظارة السوداء». وقف يومها ضمن «كومبارس» مشاركين في العمل، غير أنه اليوم يشاركها العمل بطلاً، إلى جانب محيي إسماعيل، وصلاح منصور، وسعيد صالح، وسهير الباروني. كذلك قدّم مع المخرج أشرف فهمي بطولة أخرى مع هذه النجمة في فيلم «رحلة داخل امرأة»، قصة صبري موسى وحواره، وسيناريو رفيق الصبان، وشاركهما التمثيل كل من شكري سرحان، ونبيلة عبيد، وتوفيق الدقن، ونادية أرسلان.

قبل أن ينتهي أشرف فهمي من تصوير الفيلم اتفق مع نور على بطولة فيلم آخر، يُصوَّر بعض مشاهده في لبنان، بعنوان «ميعاد مع سوسو»، من بطولة هويدا ابنة الفنانة صباح، قصة المخرج حسن الإمام، وسيناريو أحمد صالح وحواره، ويشاركهما فيه كل من أحمد مظهر، ومحمود الجندي، وميمي جمال، وإسعاد يونس، وسامي فهمي. ورغم عدم رضا الشريف عن الفيلم، فإنه شعر بحرج كبير من المخرج فهمي، فاضطر إلى الموافقة عليه، وسافر لتصويره. غير أنه أثناء ذلك فوجئ بمكالمة هاتفية من زوجته بوسي في الفندق الذي يقيم فيه بلبنان:

* أنا كويس الحمد لله. أنت مال صوتك في إيه؟ أنت وسارة بخير؟

= أيوا الحمد لله... لكن كنت عايزة أقولك إن عمك إسماعيل...

* ماله عمي؟

= تعيش أنت.

حزن نور الشريف حزناً لم يختبره يوماً على رحيل معلمه الأول إسماعيل، وكان أكثر ما آلمه إحساسه الكبير بالذنب لتقصيره في حق عمه، خصوصاً في الفترة الأخيرة التي انشغل فيها بفنه، إذ لم يكن لديه متسع من الوقت لزيارته كالمعتاد.

كان خبر وفاة العم صادماً، وقبل أن يفيق الشريف من صدمته، طالعته الصحف في صباح 19 فبراير 1978 بخبر اغتيال وزير الثقافة المصري يوسف السباعي أثناء حضوره مؤتمراً في قبرص، وذلك في الفندق الذي يقيم فيه هناك. من ثم، ردّت مصر بقطع العلاقات المصرية القبرصية، وأرسل الرئيس السادات وحدة قوات خاصة هبطت في مطار «لارنكا الدولي» للقبض على القتلة من دون إعلام السلطات القبرصية.

لم يكن ثمة ما يزيل أحزان الشريف ويخرجه من حالته النفسية السيئة سوى العمل، خصوصاً أن ارتباطات ومشاريع مؤجلة عدة كانت لديه. غير أنه رأى ضرورة أن يعود من خلال المسرح، ليشعر عن قرب بأنفاس الجمهور ويلمس همومه، خصوصاً بعدما سيطرت الاضطرابات على الدولة، وأصبحت الأوضاع السياسية تنذر بدخول النخبة المثقفة في صدام مع السلطة بعد زيارة الرئيس السادات للقدس، والتلويح باتفاقية سلام مع «العدو الإسرائيلي».

وجد الشريف ضالته في نص كتبه علي سالم بعنوان «بكالوريوس في حكم الشعوب»، ينتقد الحكم العسكري من خلال انقلاب ثلاثي يقوده طلاب السنة الثانية في الكلية الحربية بدعم واشنطن، وطلاب السنة الثالثة بدعم موسكو، وطلاب السنة الرابعة بدعم لندن. لكن يسرق ثماره طلاب السنة الأولى بدعم عربي، فتتوالى الاضطرابات والاعتصامات. وعندما يقرّر الرئيس منح الحرية للشعب، يغادر الأخير البلد، وعندما يغادر آخر مواطن البلد، ينسى أن يطفئ الأنوار، فنرى نوراً بلا شعب، بعدما كان الأخير يعيش بلا نور.

جرأة فنية وسياسية

اعترضت الرقابة على النص، لكن علي سالم ونور الشريف تقدّما بطلب إلى لجنة التظلمات، وكان يرأسها الكاتب سعد الدين وهبة، فقبل التظلم ووافق على النص. تولى الإخراج صديق الشريف وزميل دفعته في المعهد، المخرج شاكر عبد اللطيف، وشارك في البطولة كل من يحيى الفخراني، وعلي الشريف، ومحمد البشاري، وليلى علوي، وأحمد بدير، وممدوح وافي.

بعد ليال عدة من العرض، وجّه الشريف دعوة إلى عدد كبير من الكتاب والمثقفين والنقاد لحضور العرض، فجلسوا في الصفوف الأولى، توسطهم الكاتب الكبير يوسف إدريس، وما إن انطلقت المسرحية حتى استحوذت على اهتمام الحضور. وفي مشهد يجمع الشريف أوراقاً كُتبت عليها خطب سلمها الداعمون للانقلاب لأحد الطلاب (ممدوح وافي) ليلقيها، فيأخذها منه الشريف، ويطلب منه الدخول في الصف إلى جانب زملائه فيرفض:

* ادخل في الصف مع زمايلك ما تحيرش المؤرخين... هيقولوا كان معاهم ولا ما كنش معاهم... هيقولوا كان فين؟

هنا أطلق الكاتب يوسف إدريس ضحكة مدوية في المسرح، وقال رداً على سؤال الشخصية التي يجسدها الشريف:

= هيقولوا كان في السيما ساعتها.

انتقلت ضحكة يوسف إدريس وجملته سريعاً بين الأوساط الثقافية والصحافية والسياسية، مع توضيح بأنه يقصد بها الرئيس السادات، تعليقاً على دوره في ثورة 23 يوليو 1952، وأنه كان في السينما عند قيام الثورة، بل وافتعل عراكاً وذهب لكتابة «مذكرة» في الواقعة في قسم الشرطة لإثبات أنه كان في السينما، حتى إذا فشلت الثورة يتوافر دليل دامغ على أنه لم يكن مشاركاً فيها. عليه، فوجئ الشريف بالمهندس عثمان أحمد عثمان يتصل به:

= السادات زعلان جداً منك.

* مني أنا.. ليه؟

= لأنكم بتتريقوا عليه في مسرحية «بكالوريوس في حكم الشعوب»؟

* مستحيل. مين قال كده؟ المسرحية ما فيهاش أية إساءة للريس.

= خلاص أنا عندي فكرة. إيه رأيك تيجوا تعرضوها على مسرح عابدين علشان يشوفها بنفسه؟

* مسرح عابدين صغير. ده يا دوب يشيل تخت من أربع أنفار. وللأسف مسرح باب اللوق اللي بنعرض عليه مش مكيف.

= طب اقفل وهكلمك بعد شوية.

بعد أقل من نصف ساعة، عاود المهندس عثمان أحمد عثمان الاتصال به، وأكّد له أن مجلس الشعب بكامل نوابه، سيحضرون اليوم إلى مسرح «باب اللوق» لمشاهدة المسرحية، وعلى رأسهم رئيس مجلس الشعب الدكتور صوفي أبو طالب، ومعه منصور حسن، وصفوت الشريف. ما إن أبلغ نور الشريف المخرج والمؤلف وأبطال المسرحية الأمر، حتى أصابهم الرعب، وشعروا بأنهم في امتحان صعب، ربما لا تتوقف نتيجته على غلق المسرحية، بل يمكن التنكيل بهم جميعاً. وباغته علي سالم:

= إحنا هنعرض المسرحية زي ما هي يا نور؟

* طبعاً... لازم نعرضها زي ما الجمهور بيشوفها كل يوم.

= طب إيه رأيك نشيل منها الجملة إياها دي؟

* مش ممكن... وإلا يبقى في سوء نية مننا.

= أيوا بس ده ممكن...

* أستاذ علي... المسرحية هتتعرض زي ما هي... ويحصل اللي يحصل.

بعد العرض كان الشريف يتصبّب عرقاً لأن المسرح من دون تهوية، فظنّ العاملون في العرض أن سبب ذلك الخوف، لكنه نزل من فوق خشبة المسرح وقابل رئيس مجلس الشعب وجميع نوابه بجرأة كبيرة، فما كان منهم إلا أن أثنوا جميعاً على العرض، وأكدوا أنه لا يتضمن أية إساءة إلى الرئيس.

لكن الشريف كان يعرف السادات جيداً، فتوجس أن يكون غضب منه، ويضمر له شراً، غير أنه فوجئ بعد أيام عدة برئاسة الجمهورية تدعوه وبوسي إلى حضور حفلة للجيش في الإسماعيلية، فحضرا فعلاً؟ كذلك دعي عدد آخر من الفنانين، من بينهم فريد شوقي، ويحيى شاهين، وسميحة أيوب، وسعد الدين وهبة، وتحية كاريوكا، وآخرون.

غنت في الحفلة المطربة فايزة أحمد، وكان مقرراً أن تغني بعدها المطربة وردة، ذلك بعد عودتها إلى مصر التي كانت غادرتها منذ غضب منها الرئيس السادات بسبب غنائها للرئيس معمر القذافي الذي هاجم الرئيس المصري بشدة بسبب زيارة القدس. غير أن فايزة أطالت في الغناء، وكان الرئيس السادات مريضاً، فاضطرت الإدارة إلى إغلاق الستار عليها وهي تغني. خلال الاستراحة، جاءت وردة إلى طاولة الشريف وطلبت منه أن يبلغ الرئيس أنها لن تغضب إذا لم تكن صحته تسمح له بالاستماع إلى وصلة غناء أخرى، فوعدها بإيصال الرسالة.

بعد العشاء، طلب السادات نور وبوسي إلى طاولته، فنقل الشريف رسالة وردة، ولم يمانع الرئيس أن تغني، ثم راح يسأله عن أخباره وأحدث أعماله، ولم يفاتحه في أمر المسرحية، بل فوجئ به يختاره ومحمود ياسين وحسين فهمي، وكمال الشناوي، أعضاء في اللجنة التأسيسية العليا للحزب الوطني الديمقراطي، والمكون من 44 شخصية عامة. ولم تكن لديهم فرصة للاعتذار أو الرفض، رغم أن ذلك ضد قناعات الشريف، خصوصاً أن السادات على علم بناصريته، فشعر الممثل بأن ذلك ربما يكون اختباراً من الرئيس فلم يستطع أن يرفض.

عاد نور الشريف إلى استئناف عمله وفنه، وقد اتخذ قراراً بعدم الانضمام إلى أي حزب، أو إبداء آراء سياسية تحسب عليه، مكتفياً بما يبوح به من خلال أفلامه. قدّم «مع سبق الإصرار»، قصة بشير الديك وحواره، وسيناريو مصطفى محرم، إلى جانب كل من محمود ياسين، وميرفت أمين، وتوفيق الدقن، وهدى رمزي، ومن إخراج أشرف فهمي.

أدى الشريف في الفيلم أحد أفضل أدواره، وحصل عنه على أربع جوائز، ثم سافر للمشاركة به في مهرجان مونتريـال بكندا. أثناء وجوده هناك، اتصل به محمد غنيم، الملحق الثقافي في السفارة المصرية في واشنطن، وأخبره بأن السفير محمد شفيق غربال يدعوه إلى السفر إلى واشنطن لعرض العمل هناك، فرحب بالأمر وسافر وعُرض الفيلم في أكبر صالة رسمية في واشنطن للمصريين ولكثير من الأميركيين، وأبدى الجميع إعجابهم بعبقرية تجسيد نور الشريف دور «مصيلحي» الذي لم يتعدّ 30 مشهداً.

بعد غياب طويل عن العمل معه، اختاره المخرج محمد فاضل لبطولة مسلسل «الأحلام» من تأليف راجي عنايت، إلى جانب كل من صفاء أبو السعود، وفاروق الفيشاوي، ومحمود الجندي، ونسرين، وجميل راتب، وحسن مصطفى. لاحقاً، اختاره الفنان فريد شوقي، الذي كان يرى فيه شبابه وامتداداً له، ليشاركه بطولة «لا تبكي يا حبيب العمر»، قصة فريد شوقي الذي كتب السيناريو والحوار أيضاً مع المخرج أحمد يحيى.

شارك في البطولة كل من نور الشريف، وميرفت أمين، وعبد الوارث عسر، ورجاء الجداوي، وحقق الفيلم نجاحاً جماهيرياً ساحقاً، وكان بداية لعودة الميلودراما المصرية بشكل لافت، إذ أجاد كل من الشريف وفريد شوقي في دوريهما، فاستحقا عليه عدداً من الجوائز المحلية والعربية، ليعاود المخرج حسن حافظ الجمع بين الثلاثي «فريد ونور وميرفت» في «يمهل ولا يهمل»، المأخوذ عن مسرحية «هاملت» لوليم شكسبير، وكتب له السيناريو والحوار محمد أبو يوسف، وشاركهم البطولة كل من صلاح منصور، ومجدي وهبة، وليلى حمادة، وعلي الشريف. وبعده، عاد الممثل للقاء فريد شوقي من خلال «سنوات الانتقام»، من تأليف مصطفى محرم، وإخراج أحمد يحيى، وشارك فيه كل من بوسي، ومديحة كامل، ونبيلة عبيد، ومحمود المليجي، وسعيد صالح، وليلى طاهر، وسمير غانم، ويونس شلبي.

ومن السينما إلى المسرح، قدّم الشريف مع صديقه وزميل دفعته عوض محمد عوض مسرحية «الفارس والأسيرة»، من تأليف فوزي فهمي، مع كل من عبد الغفار عودة، وفردوس عبد الحميد، وحمزة الشيمي، وخالد زكي.

مانح الفرص

لم يكن عمل نور الشريف مع صديقي عمره وزميلي الدراسة، شاكر عبد اللطيف، وعوض محمد عوض، في المسرح في عملين متتاليين، من قبيل المصادفة، كما لم يكن أيضاً مجاملة لهما. بل إن الممثل لم يتردد لحظة في منح الفرصة لأية موهبة حقيقية يقابلها في مشواره الفني، إذ لم يكن يكتفي بدوره كفنان ينتقي ما يناسبه من أدوار ويقدمها بما يليق به وبتاريخه الفني، بل اعتبر أن أحد أهم أدواره الوقوف إلى جوار الموهوبين في المجالات كافة، من تأليف وإخراج وتصوير، بل وإنتاج أيضاً، سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون. لذا وافق على التعاون مع المخرج المغربي عبد الله المصباحي، من خلال «أين تخبئون الشمس»، قصة صبري موسى، وسيناريو عصام المغربي وحواره، مع كل من نادية لطفي، وعادل أدهم، ومحمود المليجي، والمطرب المغربي عبد الوهاب الدوكالي، وحمدي حافظ. كذلك قرر الوقوف إلى جانب المخرج علي عبد الخالق، في تجربته الرابعة للسينما، من خلال «الحب وحده لا يكفي»، قصة أحمد فريد، وسيناريو وحوار أحمد عبد الوهاب، إلى جانب كل من ميرفت أمين، وناهد شريف، وعادل أدهم، وسعيد صالح.

كذلك تعاون مع المخرج أحمد فؤاد درويش، في تجربته الروائية الأولى بعنوان «إعدام طالب ثانوي»، مع سهير رمزي، ومحمود عبد العزيز، ومحيي إسماعيل، وقرّر لاحقاً تقديم مخرج جديد موهوب للسينما المصرية.

تمنى المخرج الشاب محمد خان أن ينتقل من مرحلة الأفلام القصيرة إلى الأفلام الروائية الطويلة، ذلك من خلال فيلم كتبه برؤية جديدة ومختلفة عن الأعمال السائدة في السينما المصرية آنذاك، غير أنه لم يلق حماسة من أي منتج على الساحة، ليس باعتباره مخرجاً جديداً فحسب، بل ويكتب لنفسه ما يريد أن يخرجه، أي أن احتمالات الخسارة تكون مزدوجة. عليه، قرّر أن يبيع كل ما لديه لينتج الفيلم، وتمنى لو أن الشريف يقوم بالبطولة.

صديق خان، بشير الديك، نصحه بأن يعرض الفيلم على الشريف، وما إن قرأ الأخير قصة «ضربة شمس» بقلم محمد خان، وسيناريو فايز غالي وحواره، حتى صرخ في وجه خان:

* أنت مجنون يا خان وأنا أجن منك. أنا هعمل الفيلم ده

= أنت بتتكلم بجد؟

* لا طبعاً. مش بس هعمله... وهنتجه كمان.

= أنا مش مصدق اللي بسمعه.

* أنت كاتب سيناريو عبقري... وعامل بطلة ما بتنطقش ولا كلمة... ده جنان.

= بس الشخصية دي لها مواصفات خاصة. يعني عايزة ممثلة تقيلة.

* هجبلك ليلى فوزي... إيه رأيك؟

= هي دي. اختيار عبقري. بس ليلى فوزي نجمة كبيرة... هتوافق تطلع بشخصية طول الفيلم ما تتكلمش ولا كلمة؟

* سيب ده عليا.

«ضربة شمس»

نفذ نور وعوده لمحمد خان، واختار للبطولة معه كلاً من نورا، وليلى فوزي، ومجدي وهبة، وتوفيق الدقن، وحسين الشربيني، وقدّم أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية.

أدى الشريف أحد أبرز أدواره في «ضربة شمس»، وجاء الأخير إضافة حقيقية إلى كل من عملوا فيه، وحصل البطل على جائزة أفضل ممثل، ومحمد خان على أفضل مخرج، وحصدت ليلى فوزي جائزة أفضل ممثلة، رغم أنها لم تنطق بكلمة طوال الأحداث، ليضيف نور الشريف إلى رصيده مخرجاً جديداً متميزاً، قدّمه إلى السينما المصرية.

البقية في الحلقة المقبلة

نور الشريف أصيب بصدمة كبيرة لرحيل عمه وشعر بالذنب تجاهه

ردّ على غضب السادات بعرض «بكالوريوس في حكم الشعوب» كاملة

30 مشهداً له في فيلم لمحمود ياسين وأربع جوائز محلية ودولية

تعاون مع المخرج أحمد فؤاد درويش في تجربته الروائية الأولى «إعدام طالب ثانوي»

عاود اصطياد المواهب وقدّم محمد خان في فيلم «ضربة شمس»
back to top