حملة بوتين للانتقام الشخصي من الولايات المتحدة

نشر في 10-06-2017
آخر تحديث 10-06-2017 | 00:04
 واشنطن بوست في مقهى على مقربة من مقار جهاز الاستخبارات السوفياتي (KGB) القديمة، يحاول الصحافي الاستقصائي أندري سولداتوف توضيح عالم الاستخبارات الروسي الغامض، الذي يشكّل اليوم محور تحقيق جنائي أميركي في عملية قرصنة حملة الانتخابات الأميركية عام 2016.

يذكر سولداتوف أن الأحداث الكبيرة في روسيا اليوم لا تعود غالباً إلى إستراتيجية شاملة، بل إلى "خطوات تكتيكية" تعكس مصالح بوتين الخاصة و"إدارته الرئاسية" الواسعة النفوذ.

يعتقد سولداتوف أن عامل بوتين بالغ الأهمية في فهم أوجه التحقيق الدائر حول عملية القرصنة، إذ يملك بوتين كرهاً شخصياً لهيلاري كلينتون، كما تعمل أجهزة الاستخبارات الروسية على جمع المعلومات عنها منذ أواخر صيف عام 2015. لكن ما دفع العملية الروسية إلى مستوى أعلى على الأرجح كان نشر في أبريل عام 2016 ما دُعي "وثائق بنما"، التي كشفت عن حسابات مصرفية سرية لعدد من شركاء بوتين وأصدقائه المقربين.

يشير سولداتوف: "هذا هجوم شخصي. لا يمكنك أن تكتب عن عائلة بوتين أو أصدقائه الشخصيين". ويعتقد أن القائد الروسي "أراد التصدي لذلك وتلقينها درساً".

ندد بوتين بوثائق بنما، معتبراً إياها جهداً متعمداً من الولايات المتحدة لإحراجه.

أنكر المتحدث باسم وزارة الخارجية آنذاك مارك تونر "تورط الولايات المتحدة في التسريب الفعلي لهذه الوثائق". لكنه أكّد أن وكالة التنمية الدولية الأميركية دعمت مشروع الإخبار عن الجريمة المنظمة والفساد، وهو إحدى المنظمات الإعلامية التي شاركت في إجراء الأبحاث حول ملفات بنما. إلا أن الروس اعتبروا ذلك دليلاً كافياً.

يعتقد بوتين، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات السوفياتي (KGB)، أن ما من صدف في مجال المعلومات. وخلال جلسة محتدمة في منتدى الاقتصاد الدولي في سانت بيترسبرغ، وبّخ الرئيس الروسي ميغان كيلي من شبكة NBC: "بالنسبة إلى المصادر المستقلة، ما من مصدر مستقل في هذا العالم". وعندما أصرت على "البصمات الرقمية" الروسية في عملية قرصنة اللجنة الوطنية الديمقراطية، انفجر قائلاً: "أي بصمات؟ بصمات قوائم؟ بصمات قرون؟".

قبل يوم، أعلن بوتين أن قراصنة فرديين روساً "يملكون حساً وطنياً" ربما شاركوا في هذه العملية. ولكن بحلول يوم الجمعة، عاد إلى الإنكار التام، مقترحاً أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فبكرت كل هذه المسألة.

يخبر سولداتوف أن أجهزة الاستخبارات الروسية استغلت شبكة من القراصنة في القطاع الخاص، تماماً كما تستعمل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية متعاقدين من القطاع الخاص لتطوير أسلحة هجومية على شبكة الإنترنت و"هجمات دون انتظار" تعتمد على برمجيات خبيثة.

لن تظهر حقيقة ما حدث في حملة عام 2016 قبل أشهر عدة. وثمة سحابة من المعلومات الخاطئة التي يغذيها بوتين، ترامب، والتغطية الإعلامية النهمة. على سبيل المثال، يشير سولداتوف إلى أن الملف الشهير الذي أعده الجاسوس البريطاني السابق كريستوفر ستيل ضم معلومات "غير مثبتة" وبعض التفاصيل "المشوشة" بشأن الوقائع. لكن سولداتوف كتب في شهر يناير في صحيفة "غارديان" أن هذا الملف يشكّل أيضاً "انعكاساً جيداً لكيفية سير الأمور في الكرملين: المعمعة في مستوى اتخاذ القرارات واللجوء المتزايد إلى مصادر خارجية لتنفيذ العمليات".

بالنسبة إلى الروس، قد تكون كل المعلومات خاطئة والأسرار مخفية عن العموم.

مع سير التحقيق في عملية القرصنة الروسية قدماً، يجب أن نحافظ على نظرة واقعية: لا تشكّل روسيا وجوداً شريراً مطلق النفوذ. على العكس، تُعتبر دولة عصرية تزداد تطوراً. إلا أنها أيضاً أمة نادرة يديرها ضابط استخبارات سابق يرى العالم من منظار خاص جداً.

* ديفيد إغناتيوس

back to top