الإدارة الحديثة للموارد البشرية

نشر في 02-06-2017
آخر تحديث 02-06-2017 | 00:15
 علي البداح يسود اعتقاد غير صحيح لدى المؤسسات والشركات الكويتية، وربما في كثير من الدول المتأخرة، أن إدارة الموارد البشرية هي دائرة مستقلة، فقد كانت تسمى دائرة شؤون الموظفين، ثم أصبحت دائرة الموارد البشرية، وأعطيت هذه الدائرة كل المهام التي تتعلق بتوظيف وتدريب وترقية وتقييم أداء ومحاسبة الموظفين وفصلهم أو الاستغناء عنهم، وتكون عين الإدارة العليا في تطبيق اللوائح والإجراءات المتعلقة بالموظفين وعلاقتهم بالشركة، حتى أصبحت هذه الدائرة البعبع الذي يخشاه المديرون والعاملون في هذه الجهات.

لقد تغير العالم، وتغيرت مهام دائرة الموارد البشرية في كل الدول المتقدمة التي تملك أنظمة متطورة، ولم تعد هذه الدائرة هي شرطي الإدارة وقاضيها والمتحكم في كل ما يتعلق بالموظفين، إذ تغيرت مهمتها منذ سنين طويلة، والقائمون على هذه الدائرة يدركون حجم هذا التغيير، وهم مطلعون بالتأكيد على ما يجري في علم الإدارة الحديثة، فهم يشاركون بكل تأكيد في مؤتمرات كثيرة، ومن المؤكد أنهم يقرؤون المجلات المتخصصة في إدارة الموارد البشرية والكتب المتوافرة في كل مكتبات الكويت، التي يمكن شراؤها من "أمازون" أو غيرها، ولا شك أن مديري هذه الدوائر يدركون أن ما يفعلونه الآن لا يتفق مع ما وصلت إليه الدنيا، وأن دورهم الحالي كما اكتشف العالم أصبح معرقلاً ومضراً ومحبطاً لكل العاملين والمديرين، وأن استمرار هذا الوضع سيتسبب في تأخر الشركات والمؤسسات الكويتية.

دائرة الموارد البشرية في عالم اليوم هي دائرة مساعدة توفر للمديرين ما يساعدهم في توفير خدمات التوظيف والتدريب والتنسيق وشرح اللوائح، أما إدارة الموارد البشرية فهي مهمة المدير المسؤول، وبموجب سياسة الشركة وخططها ونظامها الداخلي فإن مدير الدائرة هو الذي يملك كل الصلاحيات لتعيين وتدريب وترقية وإنهاء خدمة موظفيه، وعلى دائرة الموارد البشرية أن توفر للمدير كل التسهيلات والمساعدة التي تتطلبها خطة الشركة، والقرار في كل ما يخص الموظف في يد المدير المسؤول.

دائرة الموارد البشرية مهمتها تنظيم إعلانات التوظيف، وفرز طلبات التوظيف، بموجب المؤهلات والخبرات التي يحددها المدير المسؤول، وتساعد الدائرة في ترتيب جدول المقابلات والاختبارات، لكن قرار التوظيف يكون عند المدير المسؤول. تقوم دائرة الموارد البشرية بإجراء مسح الرواتب في السوق المحلي، ومقارنتها بالأسواق الأخرى، وتقدم النتائج للإدارة لاتخاذ القرار المناسب، أما تعديل رواتب موظف فتكون للمدير المسؤول، ولا حق لدائرة الموارد البشرية في الاعتراض، فالمسؤولية على المدير المسؤول أمام مديره الأعلى، وليس أمام مدير الموارد البشرية، وهكذا في كل المهام الأخرى كالتدريب والترقية وتقييم الأداء والمكافأة، دور الدائرة هو الشرح والتوضيح وتسهيل مهام المديرين لا دور شرطي الإدارة.

الجانب الآخر الذي يخطئ فيه الكثير من مديري الموارد البشرية هو اعتقادهم أنهم عيون الإدارة العليا على الموظفين والمديرين الآخرين، في حين مهمة الموارد البشرية هي تحقيق التوازن بين ما تريده الإدارة العليا من الموظفين، وبين ما يريده الموظفون من الإدارة العليا لشركتهم أو مؤسستهم.

أنا أسمي دائرة الموارد البشرية "نقابة العاملين وممثل الإدارة" في الوقت نفسه، مهمتها إيجاد الأجواء المناسبة للعاملين للعمل بسعادة واطمئنان وأمان لتحقيق أهداف الشركة، ففي كثير من الجهات يرتعب الموظف حين يقال له أنت مطلوب لدى دائرة الموارد البشرية، فقد ارتبط اسمها بالعقاب وإنهاء الخدمة، في حين يمكن أن تكون ملجأ الموظف لو أحس بغبن أو حتى لو أراد التنفيس عما في قلبه.

في العالم المتحضر لا تنتظر الإدارة حتى تتضخم المشاكل وتصطدم بالعاملين، إنما تقوم دائرة الموارد البشرية بالتعاون مع كل المديرين بدراسات دورية لاتجاهات ومشاعر الموظفين للتنبؤ بما يحتاجه الموظفون وما يرونه ضروريا لتقدم العمل ونجاحه، وتكفل تلك الشركات حرية التعبير للجميع لتصل إلى أفضل النتائج، فدائرة الموارد البشرية عليها تقديم المقترحات لتحقيق ولاء الموظف ورفع مستوى أدائه عبر برامج تزيد من كفاءته وتحقق له الاستقرار والسعادة.

الحديث في هذا الموضوع قد يطول، ولكن هل نجد من يسمع أم سنظل على حالنا هذه؟

لندرب المديرين على المهمة الجديدة ولنسلمها لهم، ولنهدئ من روع مديري الموارد البشرية، فدورهم الجديد أروع وأفضل وأكثر دعما لحسن الأداء وتحقيق نتائج أفضل.

back to top