6/6 : استحقاقات الإنسانية

نشر في 02-06-2017
آخر تحديث 02-06-2017 | 00:20
 يوسف الجاسم نبهنا الأخ الأستاذ أحمد الصراف، في مقالته بجريدة القبس الثلاثاء الماضي، إلى ما قررته وزارة الداخلية دون سابق علم أو إنذار، بوقف تجديد إقامات التحاق الوالدين والإخوة بعائليهم المقيمين في الكويت، وقصر الالتحاق على الزوجة والأبناء فقط، ومطالبة من سواهم بتسوية أوضاعهم خلال ثلاثة أشهر، ثم المغادرة إلى غير رجعة، والحجة هي تعديل التركيبة السكانية!

إنني اتفق مع أخي أحمد الصراف على أن خلل التركيبة السكانية أمر يجب تصحيحه نظراً لخطورته على أمننا الوطني الشامل، لكن ليس من خلال إجلاء أمهات وآباء وإخوة بعض المقيمين الذين يعيلون والديهم أو إخوتهم أثناء خدمتهم في الكويت، التي ربما بلغ بعضها الثلاثين أو الأربعين عاماً، وأصبحت الكويت مستقرهم ومأواهم، ولا ملجأ لهم سواها، خاصة أنهم قد طاولوا سنين العجز الجسدي والصحي التي لا تمكنهم من الابتعاد عمن يرعاهم ويؤويهم من الأبناء. وأتفق مع الأخ أحمد على أن قرار تعديل التركيبة السكانية هو قرار سياسي وليس فنياً، وينبغي ألا يمر عبر هذه الفئة المستضعفة من البشر واعتبارها "الطوفة الهبيطة" التي ستستقيم بإجلائها تركيبتنا السكانية!

في ظني أن البدء بكنس التشوهات السكانية الناجمة عن تجارة الإقامات المحرمة، هو ما ينبغي البدء به للخلاص من العمالة الهامشية والفائضة عن الحاجة، وهي المتسكعة على أرصفة الطرقات والمنافذ، والقاطنة شقوق المساكن المخالفة والعشوائية في الجليب وغيرها من المناطق، والتي أصبحت مراتع للجرائم والمفاسد والمخاطر الأمنية، وجميعها قد تجمعت لإثراء غير مشروع يَصب في جيوب المتنفذين من تجار الإقامات، الذين لا يعنيهم أمن المجتمع واستقراره، بل تعظيم ثرواتهم بوسائلهم غير المشروعة.

قرار مثل هذا تتخذه بلادنا ونحن نفاخر الأمم كل يوم بأن الكويت عاصمة للأعمال الإنسانية، دون أن نراعي اختراق أبسط المشاعر والقواعد الإنسانية حين نُبعد الشيوخ والعجائز الوافدين عمن يؤويهم ويرعاهم من أبنائهم العاملين بشرف وأمانة بيننا، وساهموا معنا في بناء دولتنا بمختلف القطاعات التعليمية والطبية والفنية والإدارية.

إن للإنسانية التي نرفع لواءها عالمياً استحقاقات كبيرة، ليس من بينها بالتأكيد المضي بهذا القرار دون مراجعة أو تريث خاصة على الحالات القائمة، مع إمكان تطبيقه على الحالات المستجدة التي تمكن الوافد من حزم أمره للقدوم للعمل في الكويت، أو البقاء في بلده هو ومن يرعاهم ويعيلهم.

علينا أن ننظر كيف انتصر الشعب الأميركي ومنظمات مجتمعه المدني والقضاء الأميركي ومحاكمه لاستحقاق العدالة والتحضر والإنسانية بوقف القرارات الرئاسية التي أصدرها الرئيس ترامب بإلغاء التأشيرات، ووقفها عن مواطني عدد من الدول الإسلامية، ولننظر إلى ما فعلته بريطانيا تطبيقاً لاستحقاقات أنها دولة عظمى حين آوت الأكراد الفارين من بطش صدام حسين بعد احتلاله الكويت، وما وفرته لهم من عيش كريم وأسبغته عليهم من خدمات مازالوا حتى يومنا هذا ينعمون بها هم وأبناؤهم وأزواجهم وآباؤهم وأمهاتهم.

إن للإنسانية استحقاقات واجبة علينا في عاصمة الإنسانية، لا نظن أنها ستكون بعيدة عن نظر كبار قياديي الداخلية، وعلى رأسهم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المشهود له بأعماله وتوجهاته الإنسانية الكبيرة.

وكل عام وأنتم بخير.

back to top