جيب المواطن... أي جيب؟ وأي مواطن؟

نشر في 29-05-2017
آخر تحديث 29-05-2017 | 00:20
 أ.د. غانم النجار تكررت في الفترة الأخيرة عبارة جيب المواطن، حتى صارت العبارة كلعبة التنس تتقاذفها الأيدي والألسن والأصابع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيقول قائل: لن نسمح بالمساس بجيب المواطن، فيرد عليه قائل آخر: جيب المواطن لن يمس.

بعد التحرير مباشرة، وإحساساً منا بحاجة البلد إلى تضافر الجهود، قمنا بعد عودتنا من الأسر بتأسيس الجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب، وأعلنا عنها في بيت أحد أبرز الأسرى حينذاك، والذي ضحى بحياته فعلاً لا قولاً، فيصل عبدالحميد الصانع (أبوزياد) رحمه الله، النائب السابق وأحد زعماء الحراك الشعبي المسمى بالحركة الدستورية والشهير بديوانيات الاثنين، فقد كان بيته بمنطقة كيفان المكان الذي كانت تجتمع فيه اللجنة الإعلامية لديوانيات الاثنين، كما تم تطويق بيته بالكامل بالأسلاك الشائكة أثناء انعقاد إحدى فعاليات ديوانيات الاثنين، فعقد المجتمعون نشاطهم بالشارع. حكاية فيصل الصانع، رحمه الله، سنرويها لاحقاً، حيث تعرض من البعض لمزاعم ساقطة ظالمة ومدلسة. لم يكن اختيارنا لبيته لإعلان تأسيس الجمعية عبثياً أو دون قصد، ولكن التزاماً منا كمجموعة مؤسسة، من بينها عدد مهم من الأسرى السابقين، بمتابعتنا لقضية الأسرى دون توقف، وكونه قد تم اعتقاله ومن معه في بيته، من قبل القوات الغازية بسبب رفضه ضغوط النظام العراقي ومن ثم اعتقاله واستشهاده. أحد الشعارات التي رفعتها جمعية الدفاع عن ضحايا الحرب بعد التحرير مباشرة، كان شعاراً سلساً بسيطاً، انتشر انتشاراً واسعاً، وهو "لا تنسوا أسرانا". وعلى طريقة "اللي على راسه بطحة" تم رفع شعار حكومي مضاد وهو "لن ننسى أسرانا". بالطبع كان أداء الحكومة ومجلس الأمة لاحقاً مخيباً للآمال، وظل يسير باتجاه ما حذرنا منه، وبعد أن فشلت محاولاتنا لإصلاح الحال المعوج، قمنا سليمان الفهد (بونواف)، رحمه الله، وأنا، بتقديم استقالتينا من اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين، وركزنا أكثر على العمل الشعبي، من خلال الجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب أو رابطة أهالي الأسرى والمفقودين أو الهيئة الشعبية للتضامن مع الأسرى والمفقودين. وبدلاً من أن تدعمنا السلطة بذلت كل ما في وسعها للتضييق على العمل الشعبي ومحاربته بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، في حين أنها كانت تعبيراً عن مجموعة من المتطوعين الصامدين الذين أرادوا الاستمرار في خدمة بلدهم المثخن بالجراح حينها.

كل ما أخشاه هو أن يظل صدى الصوت يحمل ذات الرنين والطنين المزعج، حين تم نسيان الأسرى، حتى عندما قالوا وما أكثر ما قالوا إنهم لن ينسوهم، كما يتكرر ذات الطنين، فيتم مس جيب المواطن بل تمزيقه شر ممزق، في الوقت الذين يقولون وما أكثر ما يقولون إن جيب المواطن لن يمس.

ويبقى السؤال قائماً: أي جيب المقصود هنا؟ وأي مواطن؟

back to top