نعجز عن توقع إمكانية نجاح ترامب في الشرق الأوسط

نشر في 27-05-2017
آخر تحديث 27-05-2017 | 00:00
 حسين إيبش حفلت زيارة ترامب إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بالخطابات والصور، إلا أنها افتقرت إلى المضمون، وخصوصاً في ما يتعلق بعملية السلام، ومن الواضح أن ترامب مصمم على إدراج القضية الإسرائيلية- الفلسطينية ضمن أولوياته وربطها بالمخاوف الإقليمية الأوسع، ولكن من المستحيل تحديد ما إذا كنا نسير في الاتجاه الصحيح أو نتقدم بقوة وسرعة نحو الطريق المسدود عينه، ويعود ذلك إلى أن البداية الممتازة التي تؤدي إلى نتائج ملموسة والبداية الخاطئة التي تفضي إلى إخفاق كبير في أفضل الأحوال وأذى بالغ في أسوئها تبدوان متشابهتين في المرحلة الراهنة ولا تختلفان كثيراً عما شهدناه حتى اليوم.

من الناحية الإيجابية، أنقذ ترامب القضية الإسرائيلية- الفسلطينية من الإهمال الدبلوماسي الذي عانته خلال السنوات القليلة الماضية.

ومن الممكن لعلاقات ترامب الشخصية وتنامي المصداقية السياسية أن يؤديا دوراً مهماً، إلا أن التاريخ يُظهر أن هذا الدور يبقى محدوداً ويقتصر على لحظات أساسية في العملية، وفي المقابل، ستلعب الاعتبارات السياسية ومتطلبات الأمن القومي دوراً أكبر في صوغ خيارات القادة من كل الأطراف، وهنا تصبح أسباب الشك ضخمة جداً.

يواجه ترامب في نتنياهو قائداً إسرائيلياً يميل بطبيعته إلى تجنب المخاطر، يشكك فعلاً في أن يكون أي اتفاق مع الفلسطينيين، مهما كان محدوداً، ممكناً أو حتى مرغوباً فيه، ويعتقد على ما يبدو أن عدم استقرار المنطقة يجعل أي تسويات مهمة مع الفلسطينيين مستحيلة. ويواجه القادة العرب معضلة مماثلة، إذ يودون هم أيضاً تطوير علاقات فاعلة أقرب مع إسرائيل لأنهم يأملون خصوصاً تشكيل جبهة موحدة في وجه إيران، وقد اتخذوا فعلاً بعض الخطوات المهمة لكنها غير بارزة في هذا الاتجاه، أما الفلسطينيون فيملكون الموقف الأكثر ضعفاً وهشاشةً بين كل الأطراف. فهم يفتقرون إلى الوسائل الضرورية لموازنة النفوذ الإسرائيلي. ومع أنهم يستطيعون رفض أي اقتراح، إلا أن أوضاعهم الوطنية، الاقتصادية، والسياسية بلغت من السوء حداً يدفعهم إلى التفكير في أي عرض طالما أنه ليس رزمة شبيهة باتفاق الوضع النهائي الذي «ينهي الصراع وينهي المطالبات».

يكمن الخطر الكبير في رفع ترامب التوقعات لتنهار بعد ذلك لأنه يفتقر إلى خطة فعلية، وبما أن ترامب يصوّر نفسه كنقيض لأوباما، فمن الضروري أن يدرس هذه المسألة بدقة، ففي الدبلوماسية عموماً، كما في الطب، يجب أن تقوم نقطة الانطلاق على عدم التسبب في أذى، ولا شك أن هذا المبدأ ينطبق خصوصاً على العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

بإيلاء انتباه كبير لهذه القضية وإضافة مقاربة إقليمية جديدة وربما مثمرة إلى هذه الخلطة، قد يبرهن ترامب، بخلاف كل التوقعات، أنه حقاً قوة ثورية مبتكرة تستطيع بث حياة جديدة في هذه المسيرة الجامدة وتنشيطها مرة أخرى بعد طول انتظار. في المقابل، قد تكون هذه مجرد قنبلة دخانية أخرى من ترامب ومراهنة متهورة لا أساس لها تكلف الأطراف الأخرى الكثير، وتكمن المشكلة في أنه لا أحد، في ظل الظروف الراهنة، يستطيع تحديد أي الاحتمالين صحيح لأنهما يبدوان كلاهما في المرحلة الحالية شبيهين بما نراه اليوم. نعم، يكون المتشائمون عادةً مصيبين في الشرق الأوسط، لكنهم لا ينجحون في حل أي مشكلة، إلا أننا صرنا في أمس الحاجة إلى حلول.

* (أتلانتيك)

back to top