وثيقة لها تاريخ : مفاوضات بين ابن سعود والشريف حسين حول الحج عام 1920

نشر في 26-05-2017
آخر تحديث 26-05-2017 | 00:05
باسم اللوغاني
باسم اللوغاني
وثيقتنا في مقال اليوم تعود إلى عام 1338 هـ (1920م)، وهي رسالة كتبها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله تعالى، إلى القنصل البريطاني بالبحرين، وتتعلق في معظمها بالعلاقات مع الشريف حسين، الذي كان يتولى إدارة شؤون مكة والحرم الشريف آنذاك.

في الرسالة الطويلة يكشف الملك عبدالعزيز عن سروره بالاتفاق على السماح بالحج له ولأهل نجد في ذلك العام، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن تحديد العدد ومنع الحجاج من اصطحاب أسلحتهم معهم أمر صعب، ولا يمكن تحقيقه. كما يفيد بأن الوقت لا يسمح ولا يساعد على تأخير أداء الفريضة، ولابد من الاستعجال، لكي يتمكن أهل نجد من أداء هذه الفريضة الأساسية في الإسلام.

ومن الأمور التي تعرضت لها الرسالة، أن الملك عبدالعزيز قدَّر أعداد الحجاج في ذلك العام من نحو 30-50 ألف حاج، وهو رقم عالٍ جداً، وسبب ارتفاع العدد أن الشريف حسين كان قد منع الحجاج من أهل نجد لعدة سنوات، لأسباب أمنية.

يقول الملك عبدالعزيز: "عدد المسلمين ما ينقاس، إحصاؤهم غير ممكن، وكل ما أقول يكون كثيراً كثيراً، بموجب أمرين؛ أولاً حرصهم على أداء الفريضة، لأنهم من مدة منعوا من أداء تلك الفريضة، والثاني المتطوعون بالحج والسامعون بحجي، فيجتمع بذلك جم غفير، لو أقول لسعادتكم ثلاثين ألفاً إلى خمسين ألفاً فمن الاحتمال".

وفيما يتعلق بموضوع السلاح، يقول الملك عبدالعزيز: "وأيضاً تقليل عدد المسلحين، فهذا الأمر ما يمكن، لأن لا يخفى على جنابكم قاعدة العرب وتحزمهم على الأسلحة من أعظم المهمات عندهم من الذين أعمارهم من خمس عشرة سنة إلى ستين سنة، سواء يتسلحون بأسلحة قوية أو ضعيفة، ولهذا ليس من الممكن أن نعطي جواباً، لا في منع أحد عن أداء الفريضة، ولا عن تحديد أعدادهم، ولا في منعهم عن نقل أسلحتهم".

لكن ابن سعود أعطى تأكيداً ووعداً للإنكليز، بأنه لن يستخدم القوة أو يوعز لأتباعه بإثارة الفوضى أو استخدام السلاح في مكة المكرمة، فقال في رسالته: "إنني أعطي الجواب عن وقوع الخلل أو حدوث أمور مغايرة ما يصير، لأني متعهد بذلك من أمرين؛ الأول الأمر المهم تحريم الله سبحانه في مكة المكرمة وأطرافها، والثاني العهود التي تعهدت بها حكومة جلالة الملك المعظم".

ومن ناحية ضيق الوقت، واقتراب موعد الحج، قال الملك عبدالعزيز: "والآن والوقت قد قرب لم يبقَ على مثوار الحجاج بعد تأهبهم وتجهزهم إلا عشرة أيام، فمتى تكون المراجعة، ومتى يتجهزون ونحن قد عرفنا حضرتكم أن الأمر سيكون مشكل، لأنكم ما عرفتمونا إلا في آخر الوقت، وما جاءنا تعريفكم إلا بتسعة وعشرين من شهر شوال".

هذه بعض المقتطفات من رسالة تاريخية تتعلق بالحج كتبها الملك عبدالعزيز قبل ضم مكة المكرمة وتوحيد المملكة العربية السعودية.

back to top