6/6 : «لسراة الليل هتف الصباح»

نشر في 26-05-2017
آخر تحديث 26-05-2017 | 00:24
 يوسف الجاسم "الأخ العزيز، يوسف عبدالحميد الجاسم، سلمه الله...

تحياتي الطيبة، وبعد:

ما أعرفه عنك أيها الأخ، أو تعرفه عني، قد يكون شيئاً شحيحاً جداً...

 ما أعرفه عن الأخ هو من الابن محمد، ومن مشاركتك في بعض الحوارات في محطة أوربت الفضائية.

للحقيقة أقول، ما كان يدار فيها شيء شيق جداً، وفيه جرأة بطرح الأسئلة ومجادلتها بوعي سياسي وأخلاقي... لكن السؤال الذي يجب ألا يستريح في هذه المحطة، وفِي سواها من المحطات الإعلامية، هو: من هو المستمع؟ وما مقدار ثقافته ووعيه لما يتلقى؟ 

إننا أمة مجهدة، أجهدنا الماضي والماضون منذ قرون طويلة، أجهدتنا الطوائف، أجهدنا الحشاشون إلى غير محاسبة أو متابعة.

منذ ذلك اليوم الذي قال فيه ذلك العربي:

أرى خَلَلَ الرمادِ وميضَ نارٍ    ويوشك أن يكون لها ضرامُ

وما أدري ولست إخال أدري أأيقاظ أميةُ أم نيامُ

منذ ذلك اليوم، وأمتنا يساجل بعضها بعضاً في العظمة الفارغة والنفاق الرخيص.

قد تسأل: لماذا هذا التداعي في مقدمة إهداء هذا الكتاب إليك؟ فأقول لك:

إن الكتاب الذي أهديه إليك عن بطل الرحلة العظيمة الذي ودّع منفاه في بلدك الكويت، بعد أن عرف كيف يكتب قصته التاريخية ويقيمها على مشارف الزمن دولةً حديثة على أبواب هذا العصر، دولة كانت لأهله وآبائه فتقاسمها الطامعون... عاد إليها صاحبها، فجمعها من كهوف العزلة، وقبله وقبل أهله ما استطاع أحد أن يوحد دولة في شبه الجزيرة العربية، كما سترى ذلك من شهادة الشهود من المفكرين والباحثين، عرباً وأجانب.

لذلك، ليس بعزيز على الله أن  يبعث لهذه الأمة في ظروف مؤاتية، مَن يوحّد كلمتها ويجمع شتاتها ليتعذر على أي عدو لهذه الأمة استغلالها، بعد أن بدّدها الأعداء وأرسلوا إلى هيئة الأمم أعلام القرى..

على هذا فحاور، إن استطعت ذلك".

عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري

الرياض

١٧-١٠-١٩٩٧ م

كان ذلك نص إهداء الراحل الكبير بخط يده، موجهاً لي حول كتابه المرجعي "لسراة الليل هتف الصباح"، الذي وضعه في ختام رحلة حياته، ليحكي قصة من رافق دربه، مؤسس المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن سعود، رحمه الله، والذي أحاط نفسه وتاريخه برجال من أمثال الشيخ الموسوعي عبدالعزيز التويجري، وعبر بهم الأزمان، تذكّرت ذلك الإهداء ونقلته لك عزيزي القارئ من باب الاعتداد بمحاورتي، في ذلك التاريخ، لتلك القامة الكبيرة، وعدد من أمثاله، ومن باب تدبري لكلمات الشيخ الجليل قبل عشرين عاماً، وأنا أراقب أحداث هذا الأسبوع المبهرة التي قادها آخر أبناء المؤسس (الملك سلمان بن عبدالعزيز)، ومن حوله أحفاد المؤسس الذين يتطلعون إلى هتاف الصباح لأجيال السعودية القادمة، بعد أن هتف لسراة الليل أجدادِهم... أرقبهم وقد جمعوا على مدى يومين زعماء ٥٥ دولة إلى زعيم الولايات المتحدة الأميركية، ليصوغوا معاً شراكة أممية للحرب على الإرهاب، ولتنمية مملكتهم، وربط  مصالحها بمصالح القوة الأعظم في العالم، ولترسيخ أمن إقليم الخليج أمام أطماع وأحلام المتربصين به.

أقول ذلك، بالرغم من الشكوك بمدى مصداقية أميركا مع حلفائها، ويكفي السعودية فضلاً أنها حاولت واجتهدت.

كانت أحداث الأسبوع مليئة بالدهشة والأمل حقاً بغدٍ أفضل للجميع، ومبارك عليكم الشهر، وتقبل الله طاعاتكم.

back to top