حلم ليلة صيف

نشر في 23-05-2017
آخر تحديث 23-05-2017 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي من المسرحيات الرائعة للأديب الإنكليزي "وليم شكسبير" التي مزج فيها بين عالم الواقع وعالم الجن والخيال، مع التأكيد على مبدأ أن القوانين الوضعية وإن كانت تهدف في مجملها لتوفير المساواة والعدالة وتنظيم الحياة والمحافظة على حقوق وواجبات الأفراد، إلا أن بعضها قد يحمل ظلما وقسوة على بعض فئات المجتمع.

بعد أن أنهيت قراءة ملخص تلك المسرحية أويت للنوم، فرأيت فيما يرى النائم بعض الكوابيس ممزوجة بأحلام خير، اللهم اجعله خيرا: رأيت أني أسير على ساحل الخليج العربي بجانب أبراج الكويت الشامخة، وكان الجو رائعا، وبعض نسيمات الربيع الراحل وبدايات الصيف القادم تهب لتزيد المنظر جمالا وبهجة.

جلست على الرمل أنظر إلى ذلك البحر الممتد إلى ما لا نهاية، وتلك الأمواج التي تتسابق نحو الساحل لتحتضن هذا الوطن الغالي الذي حباه الله بكمّ هائل من النعم التي لا تعد ولا تحصى، وحافظ عليه الأجداد والآباء منذ مئات السنين، وضحّوا من أجله بالنفس والنفيس، فلماذا وصلنا إلى هذا الزمن الذي غدا فيه بعض أهله يحرصون على إيذائه؟ لماذا هذا الإحباط والتشفي والتهكم على شعبه، وفساد طال القاصي والداني، واتهامات لا تنتهي حتى تبدأ، والأخطر من ذلك كله تمني البعض بانتقال ما يسمى بالربيع العربي إلى الكويت الغالية؟

فقام البعض بفتح الأبواب والآخر بفتح النوافذ، في حين قام البعض الآخر بتجهيز المخيمات والشعارات، وحينما كنت غارقا في التفكير لمحت "قارورة" زجاجية تتلاعب بها الأمواج، أخذتها وحاولت فتحها، وبعد جهد جهيد تمكنت من ذلك، فاندفع منها دخان أبيض كثيف غطى الأفق، ثم بدأ بالتشكل، فرأيت أمامي ذلك المارد الضخم، فتذكرت علاء الدين والفانوس السحري، وذلك المارد الذي يحقق الأماني، وهذا ما حدث.

وبعد تبادل التحية والتعارف سألني ذلك المارد إن كان لدي أمنية أرغب في تحقيقها، فانتهزتها فرصة وأبديت رغبتي في زيارة دول الربيع العربي، لنرى تلك الزهور اليانعة والأشجار المثمرة، ولنرى ذلك الرخاء والتقدم الاقتصادي والأمن والأمان اللذين تنعم بهما شعوب ذلك الربيع.

نظر إلي ذلك المارد بطرف عين، وتساءل: إن كنت فعلا أرغب في ذلك؟ وقبل أن أؤكد له ذلك رفعني بين بيديه، وبدأنا بالتحليق فوق ديار ذلك الربيع، وكم هالني ذلك الكم من الدمار! أطلال وبقايا مدن، مصانع للسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، ملايين من طوابير البشر للحصول على لقمة تسد رمق الجوع، وخيام لا تقي برد الشتاء أو حر الصيف، وقتال وحروب أهلكت الحرث والضرع، وزرعت في مدنها وحاراتها جماعات إرهابية وميليشيات مسلحة، وغابت الحياة، وضاعت الأوطان وسط بحر لجي من الأوهام.

نزلنا في بعض تلك الديار، فرأيت عيوناً جاحظة وقلوباً واجفة ورعبا وخوفا، فلا أحد يعلم إن كان سيعيش إلى المساء وإن أمسى فلا يعلم إن كان سيصبح، نظرت إلى ذلك المارد المرافق لي متسائلا: أين الربيع؟ وأين الرخاء؟ وأين الثورة؟ وأين الوعود؟

بالطبع لم يجبني بكلمة، بل حملني وبدأنا رحلة العودة إلى الكويت، ومن بعيد لاحت تلك الأنوار الساطعة والشوارع العامرة والقلوب المطمئنة المؤمنة بربها ووطنها ونظامها، والنفوس الهادئة والأمن والأمان، والرخاء والاستقرار، وصاح ذلك المارد من القلب: "عمار يا كويت".

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top