«التمييز»: الحكومة نفذت أحكام صرف مبالغ التأمين الصحي للقضاة ولا تجوز مقاضاتها

• أكدت أن الحكومة طلبت من مجلس الأمة صرفها والأخير رفض اعتمادها
• بينت أن الامتناع عن تنفيذ الأحكام مخالفة صارخة لقوة الشيء المقضي

نشر في 22-05-2017
آخر تحديث 22-05-2017 | 21:40
 محكمة التمييز
محكمة التمييز
حسمت دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة التمييز قضية تنفيذ الحكومة للأحكام التي حصل عليها أكثر من 200 قاض ومستشار قبل نحو عامين من الدائرة نفسها، والتي قررت لهم مكافأة نهاية الخدمة والتأمين الصحي، بقولها إن الحكومة نفذت تلك الأحكام، ولا يجوز مقاضاتها عن خطأ امتناع تنفيذها.
أكدت محكمة التمييز، برئاسة المستشار د. جمال العنيزي وعضوية المستشارين أبوبكر الجندي ومنير محمد غطاس وجمال محمد احمد والهم محمود، أن الحكومة خاطبت مجلس الأمة لإقرار اعتمادات مالية لتنفيذ الأحكام القضائية، إلا أن المجلس لم يوافق على ذلك، لانه يدرس تعديل قانون تنظيم القضاء، وهو ما يدل على قيام جهة الادارة ممثلة في وزارتي العدل والمالية ومجلس الوزراء، كل فيما يخصه، بتنفيذ الأحكام كاملة غير منقوصة، وخلال مدة معقولة، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة امور الميزانيات وما تتطلبه من دراسات وموافقات.

وكانت المحكمة قد نظرت 3 مطالبات قضائية من ثلاثة مستشارين في محكمة الاستئناف لمطالبة الحكومة بتقرير التعويض عن الاضرار التي اصابتهم من جراء عدم تنفيذ حكم محكمة التمييز الصادر قبل عامين بأحقيتهم في عدد من المزايا، من بينها التأمين الصحي، وفقا لقرارات مجلس القضاء، إلا أن المحكمة رأت أن الحكومة نفذت الأحكام الصادرة عبر اتباعها الإجراءات التي كفلها الدستور نحو صرف المبالغ المالية المقررة، لكن مجلس الامة رفض ذلك، رغم ان القضاة لم يصرفوا تلك الاموال عمليا.

مخالفة

وفي حيثيات حكمها، ذكرت المحكمة أن امتناع الجهة الادارية بغير وجه قانوني عن تنفيذ الحكم الصادر من القضاء انما يشكل في حد ذاته مخالفة صارخة لقوة الشيء المقضي، وينطوي على قرار اداري سلبي غير صحيح، يستوي في ذلك ان يكون امتناع الجهة كليا عن التنفيذ او مرجعه الى التراخي في التنفيذ والتقاعس عنه بما يجاوز المدة المعقولة، اذ يقع دوما على الادارة واجب اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم القضائي إعمالا لحكم القانون الذي يقضي بوجوب المبادرة الى تنفيذ الاحكام اكبارا لها وإعلاء لشأنها، وأن المناط في مسؤولية الادارة عن قراراتها الادارية هو ثبوت الخطأ من جانبها، والذي يتمثل في صدور قرار اداري غير مشروع او الامتناع عن اصداره دون مبرر، ويقوم به ركن الخطأ ولأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وأن الضرر ركن من أركان مسؤولية الادارة عن قراراتها الخطأ، ووقوعه شرط لازم لقيامها يقع عبء اثباته على عاتق مدعيه، واستخلاص الخطأ او التقصير الموجب للمسؤولية او نفيه وتوافر الضرر او انتفاؤه هو من مسائل الواقع التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا معقب عليها في ذلك مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ما هو ثابت بالاورق ويؤدي الى النتيجة التي انتهت اليها.

وأضافت أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان القاضي مطالب اصلا بالرجوع الى نص القانون وإعماله على واقعة الدعوى في حدود عبارة النص، فاذا كانت واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها او تقييدها، لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد المشرع عن طرق التأويل.

وبينت أن المادة 140 من دستور الكويت تنص على أن تعد الدولة مشروع الميزانية السنوية الشاملة لإيراداتها ومصروفاتها وتقدمه إلى مجلس الامة قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الاقل لفحصه واقراراه، وتنص المادة 148 منه على أن يبين القانون الميزانيات العامة المستقلة والملحقة وتسري في شأنها الاحكام الخاصة بميزانية الدولة.

الرقابة

وقالت المحكمة إن المرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1978 الصادر بشأن قواعد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي ينص في المادة 9 منه على ان تعد الجهات التي تشملها ميزانية الوزارات والادارات الحكومية تقديرا لمصروفاتها تقدمه الى وزارة المالية الذي تحدده هذه الوزارة، ويبين هذا التقدير توزيع المصروفات على ابوابها المختلفة طبقا للتعميمات التي يصدرها وزير المالية، كما تنص المادة 13 منه على أن يعد وزير المالية مشروع الميزانية كما يعد بيانا يتضمن عرضا عاما للاسس التي بني عليها المشروع، وتنص المادة 14 منه على ان يعرض وزير المالية مشروع الميزانية مصحوبا ببيانات على مجلس الوزراء لاقرارهما، ويجب ان يتم اقرارهما في وقت يسمح بتقديم المشروع الى السلطة التشريعية قبل انتهاء السنة المالية الجارية بشهرين على الاقل.

واوضحت أن المادة 23 من المرسوم السابق تنص على انه لا يجوز لأي جهة طلب فتح اعتمادات اضافية الا اذا كانت هناك اعتبارات ملحة توجب ذلك، وعلى الجهة طالبة الاعتماد الاضافي ابلاغ وزارة المالية بالاسباب المبررة لذلك، فإذا وافقت على فتح الاعتماد الاضافي المطلوب عرض وزير المالية مشروع القانون اللازم على مجلس الوزراء.

وقالت المحكمة ان المادة 69 من المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن تنظيم القضاء تنص على ان يخصص شؤون القضاء والنيابة العامة والجهات المعاونة لهما الاعتمادات المالية اللازمة، وتدرج هذه الاعتمادات ضمن المصروفات المختلفة والمدفوعات التحويلية في القسم الخاص بوزراة العدل في ميزانية الوزارات والادارات الحكومية، واستثناء من احكام المرسوم بقانون رقم 31 لسنة 1978 المشار اليه تقدم وزارة العدل، بعد أخذ رأي المجلس الاعلى للقضاء، التقديرات الخاصة بهذه الاعتمادات الى وزارة المالية التي تعد مشروع الميزانية، ويعرض على مجلس الامة رأي «الاعلى للقضاء» المشار اليه كاملا مع مشروع الميزانية مفصلا بالتقسيمات المختلفة وفقا للشكل الذي ترد به ميزانية وزارة العدل.

الدستور

وأضافت أن ذلك يدل على ان المشرع الدستوري ألزم السلطة التنفيذية سنويا إعداد مشروع الميزانية الشاملة لايرادات الدولة ومصروفاتها وتقديمه الى مجلس الامة لفحصه وإقراره، ووسد الى القانون تنظيم الميزانية العامة وما يرتبط بها من احكام، وتنفيذا لذلك صدر المرسوم بقانون رقم 31 لسنة 1978 المشار اليه والخاص بقواعد الميزانيات والرقابة على تنفيذها الذي تبني فيه المشرع مبدأ وحدة الميزانية وطبيعة الاعمال التي تقتضي اعدادها والرقابة على تنفيذها، واستلزم ذلك تركيز الاختصاص في جهة واحدة هي وزارة المالية باعتبار وزيرها هو المسؤول عن الشؤون المالية بصفة عامة، وعن اعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها بصفة خاصة.

وبينت أن المادة 9 من المرسوم السابق «خولت للوزارات والادارات، كل فيما يخصه، إعداد تقرير مبدئي للمصروفات، ويجب على هذه الجهات ابلاغ ذلك الى وزارة المالية في الميعاد الذي تحدده، كما بينت المادة 13 منه انه بعد اتمام اعداد الميزانية وابلاغها لوزارة المالية يعرض مشروع الميزانية والبيان المرفق به على مجلس الوزراء للبحث والاقرار، واشترطت المادة 14 منه ان يتم هذا الاقرار في وقت يسمح بتقديم مشروع الميزانية الى السلطة التشريعية قبل انتهاء السنة المالية الجارية بشهرين على الاقل، وما يتبع في الميزانية العامة من اجراءات يجب اتباعه في الميزانية الاضافية او التكميلية، اذ ان المادة 23 اجازت للجهة الادارية تقديم طلب فتح اعتماد تكميلي، اذا كانت هناك اعتبارات ملحة توجب ذلك، وعلى الجهة طالبة هذا الاعتماد التكميلي ابلاغ وزارة المالية وارفاق بيان بالاسباب المبررة له، واذا وافقت «المالية» على ذلك عرض وزيرها مشروع القانون اللازم والبيان على مجلس الوزراء لاقرارهما، ثم يعرضان على مجلس الامة لاقرارهما بقانون وفقا للاختصاص المنوط به.

السلطة القضائية

وقالت المحكمة إن «قانون تنظيم القضاء المشار اليه أوجب في المادة 69 منه تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة للسلطة القضائية والجهات المعاونة لها، وادراجها ضمن المصروفات المختلفة والمدفوعات التحويلية في القسم الخاص بوزارة العدل في ميزانية الوزارات والادارات الحكومية، واستثناء من احكام المرسوم بقانون رقم 31 لسنة 1978 المشار اليه يتعين على وزارة العدل، بعد أخذ رأي المجلس الاعلى للقضاء ان تقدم التقديرات الخاصة بهذه الاعتمادات الى وزارة المالية التي تعد مشروع الميزانية ويعرض على مجلس الامة رأي المجلس الاعلى للقضاء المشار اليه مع مشروع الميزانية وفقا للشكل الذي ترد به ميزانية وزارة العدل، وهو ما يتعين اتباعه حتى في حالة طلب ميزانية اضافية وفقا لنص المادة 23 من القانون رقم 31 لسنة 1978 المشار اليه».

التأمين الصحي

وأضافت: «وكان البين من الاوراق ان مجموعة من رجال القضاء سبق أن اقاموا الطلب رقم 5 لسنة 2014 طلبات رجال القضاء ابتغاء الحكم بإلغاء قرار جهة الادارة السلبي بالامتناع عن ادراج الميزانية اللازمة لمشروع التأمين الصحي لرجال القضاء الكويتيين وأسرهم وفقا لما ورد بالبند ثانيا من قرار المجلس الاعلى للقضاء رقم 40 لسنة 2008، وبجلسة 19-6-2014 قضت المحكمة بإلغاء القرار السلبي المشار اليه، وأقام الطالبون طلبهم الماثل ابتغاء الحكم الصادر لهم في الطلب رقم 5 لسنة 2014 ولم تتخذ اجراءات ادراج ميزانية لمشروع التأمين الصحي لرجال القضاء الكويتيين واسرهم ضمن ميزانية وزارة العدل تمهيدا للعرض على مجلس الامة، وقد ثبت من الاوارق ان وزارة العدل ارسلت كتابها بتاريخ 21-7-2014 الى وزارة المالية واخطرتها بصدور حكم في الطلب رقم 5 /2014 المشار اليه بتكلفة (55584000) بموجب الكتاب المؤرخ في 23-10-2014 والمذيل بتوقيع وزير المالية والمرسل الى مجلس الوزراء، وطلب فيه الاول فتح اعتماد اضافي بالمبلغ بميزانية الوزارات والادارات الحكومية للسنة المالية 2014 و2015 لتنفيذ الحكم في الطلب رقم 5 لسنة 2014 بشأن التامين الصحي، وبناء على عرض وزير المالية صدر المرسوم رقم 146 /2015 الخاص بإحالة مشروع قانون بفتح اعتماد اضافي بميزانية الوزارات والادارات الحكومية للسنة المالية 2014 /2015 لتنفيذ الحكم المشار اليه، وقد عرض المرسوم المشار اليه على مجلس الامة في الفصل التشريعي الرابع عشر من دور الانعقاد العادي وارتأى مجلس الامة عدم الموافقة على مشروع القانون المشار اليه، حيث تتم دراسة مشروع القانون بتعديل احكام المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990 الصادر بشأن تنظيم القضاء، وهو ما يدل على قيام جهة الادارة ممثلة في وزارتي العدل والمالية ومجلس الوزراء، كل فيما يخصه، بتنفيذ مقتضى الحكم الصادر في الطلب رقم 5 /2014 المشار اليه تنفيذا كاملا غير منقوص وخلال مدة معقولة آخذة في الاعتبار طبيعة امور الميزانيات وما تتطلبه من دراسات وموافقات، واجدبت الاوراق عما يدل على تعنت جهة الادارة في التنفيذ او تقصيرها فيه، ومن ثم ينتفي خطأ جهة الادارة المستوجب لمسؤوليتها، وأضحى الطلب الماثل على غير اساس، وقضت المحكمة برفضه.

الحكومة اتبعت الإجراءات الدستورية لصرف المبالغ المذكورة عبر اعتماد ميزانية لها

وزير المالية مسؤول عن الشؤون المالية عموماً وعن إعداد الميزانيات والرقابة على تنفيذها خصوصاً

فور صدور الأحكام خاطبت وزارة العدل «المالية» بضرورة الصرف
back to top