الباحث روبين أفشاريان: كتابي «في السجلات» يتناول تاريخ المجلس النيابي اللبناني وحضور الأرمن

نشر في 21-05-2017
آخر تحديث 21-05-2017 | 00:10
منذ أن توزّعت الجاليات الأرمنية بعد الحرب العالمية الأولى في أرجاء المنطقة العربية، هدفت إلى تثبيت حضورها من خلال مساهمتها في تقدّم البلد الذي تقيم فيه والولاء له.
وفد إلى لبنان قسم كبير من الأرمن اندمج في المجتمع اللبناني، وأصبح له من يمثّله على الصعيد النيابي. ولتوثيق أعمال المجلس النيابي اللبناني منذ عام 1922 حتى هذا التاريخ، وخصوصاً الفترة التي برز فيها حضور النواب الأرمن، عمل الباحث روبين أفشاريان على إعدادها وتحقيقها في جزأين بعنوان «في السجلات».
صدر أخيراً الكتاب في جزأين عن منشورات جامعة هايكازيان – بيروت، وهو عمل توثيقي ضخم باللغة الإنكليزية. وفيما يأتي حوار أجرته «الجريدة» مع الكاتب.
تعمل في مجال المحاماة، فما الذي دفعك إلى العمل في موضوع المجلس النيابي اللبناني وحضور النواب الأرمن فيه؟

انتشار الشعب الأرمني في مختلف أرجاء العالم بعد الإبادة التي حلّت به في العام 1915، مسألة جسيمة، وقد ترتّبت على هذا الشعب مسؤولية كبيرة تجاه البلدان التي حضنته. في هذه الدراسة التي حقّقتها بكل موضوعية، أُطلع اللبنانيين وغير اللبنانيين على الدور الذي قام به النواب الأرمن الذين انتخبهم الشعب اللبناني منذ دخولهم البرلمان.

كيف انبثقت هذه الفكرة بالذات؟

في العام 2005، أقيم في بيروت مؤتمر عن الأرمن في لبنان حضره مفكرون وباحثون من جميع أنحاء العالم، وقدّموا فيه أبحاثاً قيمة. وقد اخترت حينها موضوع أداء النواب الأرمن قبل «اتفاقية الطائف» وبعدها.

لاقت هذه الدراسة صدًى طيباً في الأوساط السياسية والأكاديمية. وفي المؤتمر الذي عقد في العام 2012 قرّرت خوض البحث في الدور الأرمني على «الصعيد النيابي اللبناني».

قوانين وثائق

كيف هي أوضاع الأرمن في سائر أنحاء العالم، هل هي كما في لبنان؟

لكل دولة قوانينها وخصائصها، لكنها جميعاً استقبلت هذا الشعب بالتكريم والاحترام. في مصر مثلاً، عمل الأرمن في الميادين الثقافية والعمرانية والاقتصادية، ودولة الكويت فتحت لهم أبواب الاستثمارات واستلام المراكز الإدارية المهمة في المؤسسات الخاصّة. والمهمّ في هذا الموضوع أن الأرمني يلتزم دائماً بقوانين الدولة التي ترعاه ويقدّم لها معرفته وجهده وإخلاصه.

ما هي الوثائق التي اعتمدتها خلال بحثك وخصوصاً أن الكثير منها فُقد خلال الحرب في لبنان؟

تعرّض المجلس النيابي اللبناني وجميع مرافقه في فترات الحرب إلى الخراب والسرقات وضياع الكثير مما يحويه، لكن المسؤولين بذلوا جهوداً واسعة للترميم والتعويض عن هذه الخسارة.

وكي أستطيع التوصُّل إلى محاضر مجلس النواب منذ نشأته ولغاية اليوم، استعنت بصديقي النائب شانت جينجينيان الذي أتاح لي الدخول إلى دهاليز المجلس النيابي لتصوير المحاضر. وحتى يصبح عملي متكاملاً عدت إلى «الجريدة الرسمية للبنان الكبير» (1926-1922)، وإلى مجلة «الحياة النيابية» وقمتُ بمقارنة ما هو متعلّق بالموضوع.

حضور فاعل

ما الجديد الذي اكتشفته عن النواب الأرمن خلال بحثك؟

يهمني أن أذكر في هذا المجال، أنّ لدى الكثيرين اعتقاداً خاطئاً وهو أن الحضور النيابي الأرمني ليس فاعلاً. تبيّن لي من خلال أبحاثي ما يدلّ على أن مشاركة الأرمن كانت قيّمة وفاعلة، منذ البحث في استقلال لبنان. ففي العام 1937 كانت فرنسا الدولة المنتدبة، وكانت ثمة خلافات وإشكالات بينها وبين لبنان، وعندما أراد الرئيس إميل إدّه تشكيل وفد للذهاب والتفاوض مع المسؤولين الفرنسيّين اختار بين مرافقيه السبعة، النائب والمشرّع اللبناني فاهرام ليليكيان، لأن علاقته بالفرنسيين كانت على مستوى رفيع جداً من التفاهم والاحترام.

وعندما تشكّلَت كتلةٌ نيابية من كمال جنبلاط وغسان تويني وكميل شمعون للمطالبة باستقالة الرئيس بشارة الخوري بعد التجديد له، كان النائب ديكران توسباط في طليعتها، وهو الذي حمل العريضة إلى رئيس مجلس النواب صبري حمادة، ما أدى فعلياً إلى استقالة الرئيس.

ولا ننسى أن النائب موفيس ديركالوستيان أوّل نائب دعا إلى استقلال لبنان ودامت ولايته من العام 1943 حتى 1972، وترأس الدورة التشريعية لخمس مرات.

ولكن على صعيد التشريع، هل كان للنواب الأرمن دور أساسي؟

على صعيد التشريع برز النائب الأرمني جوزف شادر الذي اعتبر العمود الفقري في التشريع اللبناني، وهو الذي وضع قانون فرز الشقق السكنية فساهم في إمكانيّة تملك الطبقة الوسطى والفقيرة منازلها.

والنائب خاتشيك بابيكيان الذي ساهم في وضع التشريعات لقوانين الأحوال الشخصية للطوائف اللبنانية، وفي إعداد قانون الإيجارات وقوانين الأطباء والصيادلة والمحامين.

والنائب ديكران توسباط الذي ساهم بقوانين عدة أهمها، قانون الصحافة وحرياتها. ولا بدّ من ذكر أوّل نائب أرمني انتخب العام 1932 عن طائفة الأرمن الأرثوذكس في مجلس يتألف من 25 نائباً وهو فاهرام ليليكيان الذي شارك في تشريع بعض القوانين الأساسية.

إضاءات

حول الموضوعات الأُخرى التي أضاء عليها في الجزأين من «في السجلات»، يقول الباحث روبين أفشاريان: «أضأتُ على معلومات كثيرة، من بينها أسباب معاهدة سايكس بيكو العام 1921، وعلى الإحصاء السكانيّ الأول والأخير للبنانيين، وعلى معاهدة لوزان التي مهدت لدستور العام 1926، وتكوين مجلس الشيوخ اللبناني لعام واحد وكان رئيسه الشيخ محمد الجسر، وعلى أوّل نائب أرمني انتخب عن مقعد الأقليات وليس عن طائفته وهو عبد الله اسحق.

الكويت فتحت للأرمن أبواب الاستثمارات وتسلم المراكز الإدارية المهمة

النائب الأرمني جوزف شادر اعتبر العمود الفقري في التشريع اللبناني
back to top