زيادة «الأتمتة» تقدم إلى المستثمرين أرباحاً أكثر

نشر في 20-05-2017
آخر تحديث 20-05-2017 | 00:00
تعد الطريقة التقليدية المتعلقة بالتوفيق بين المشترين والبائعين مجازفة يتحملها الوكلاء الذين يحددون سعراً معيناً ثم يشترون السندات ويحتفظون بها في انتظار قدوم مشترين، وهو ما يفسر مدى أهمية العلاقة الشخصية في سوق السندات.
 إيكونوميست قبل عدة عقود فقط كان مدير الأصول الذي يريد القيام بعملية تبادل للأسهم والسندات أو المشتقات يضطر دائماً الى الاتصال بمكتب مبادلة في أحد بنوك الاستثمار الكبرى، أما اليوم فيمكن تداول الأسهم والعديد من المشتقات بمجرد نقرة بسيطة على الأزرار (أو حتى طريقة أتمتة كاملة عبر عملية حسابية بسيطة).

ولكن لا تزال عملية بيع وشراء السندات طريقة تقليدية قديمة وخاصة عندما يتعلق الأمر بسندات الشركات، ولا يزال أكثر من أربعة أخماس التداول في سندات الشركات الأميركية يتم عبر وكيل وعادة عن طريق الهاتف، وعلى الرغم من ذلك فقد بدأ الأسلوب الرقمي بتغيير بنية وهيكلة أسواق السندات، وهو ما حدث في الاعلان الذي صدر في الحادي عشر من أبريل الماضي عن موقع «تريدويب» وهو منصة تداول الكترونية تعرض تداولات شاملة لسندات الشركات الأوروبية، أي أنه يمثل نظاماً يستطيع من خلاله أي مشارك في السوق التداول مع الآخرين بسهولة.

طريقة تداول السندات الالكترونية ليست جديدة في حد ذاتها، ومنصة «تريدويب» التي كانت مقتصرة على تداول سندات الخزانة الأميركية انطلقت في سنة 1998، وحوالي نصف سندات الخزانة و60 في المئة من سندات الحكومات الأوروبية يتم تداولها في الوقت الراهن بشكل الكتروني، بحسب شركة غرينتش أسوشيتس الاستشارية، ولكن التقدم بالنسبة الى سندات الشركات كان أكثر بطئاً، إذ إن 25 في المئة فقط من حجم التداول العالمي في السندات الاستثمارية، و13 في المئة من السندات ذات الأرباح العالية كانت الكترونية. والسوق ضخم وهو يشمل أكثر من 50 تريليون دولار على صعيد عالمي، كما تم في العام الماضي اصدار سندات بأكثر من 1.5 تريليون دولار في الولايات المتحدة وحدها، ولكن مواعيد استحقاق سندات الشركات تختلف كما أنها بخلاف معظم الديون السيادية يندر أن يتم تداولها، وعلى سبيل المثال فإن 90 في المئة من كل سندات الشركات تتداول بمعدل يقل عن خمس مرات سنوياً، وعلى العكس من ذلك فإن أسهم الشركات تأتي في العادة في نوعين (عامة ومفضلة) ويتم تداولها مراراً.

الوكلاء يتحملون الخسارة

الطريقة التقليدية للتوفيق بين المشترين والبائعين مجازفة يتحملها الوكلاء الذين يحددون سعراً معيناً ثم يشترون السندات ويحتفظون بها بانتظار قدوم مشترين، ويفسر هذا سبب كون العلاقة الشخصية مهمة كثيراً في سوق السندات، ويتضح هذا النموذج بصورة عميقة عندما ننظر الى حقيقة أن معظم المنصات الالكترونية قد اعتمدت هذا الأسلوب على شكل ما يعرف باسم نظام طلب تسعير، حيث يتمتع الوكلاء بحق حصري في تحديد السعر، ولكن عندما لا يرغب الوكلاء بالاحتفاظ بالسندات كما كان الحال منذ الأزمة المالية العالمية نتيجة المتطلبات المتشددة المتعلقة برأس المال فإن مثل ذلك النظام لا يوفر درجة من المساعدة تتجاوز طريقة التداول عن طريق الاتصالات الهاتفية.

وجاء أحد مصادر السيولة عن طريق أموال التبادل التي تتبع المؤشرات وتسمح للمستثمرين بالوصول الى سلة من السندات، ولكن التأثير بالنسبة الى السندات يعتبر أكثر أهمية لأن السندات نادرة التداول، وفي حقيقة الأمر فإن أموال التبادل أكثر سيولة من أموال الأصول، ولكنها تظل في حاجة الى وكلاء.

وعلى العكس من ذلك، فإن التداول الشامل يتمتع بامكانية تغيير ديناميكية تغيير سوق السندات بصورة جوهرية بقدر أكبر. وهذه الطريقة التي تصدرتها في سنة 2012 منصة ماركت أكسز وهي ثاني أكبر منصة تداول سندات بعد «بلومبرغ» تسمح لأي مستخدم على شبكة عمل بالتداول مع الآخرين بصورة مباشرة. كما أن مديري الأصول الذين يوفرون 39 في المئة من سيولة «ماركت أكسز» يصبحون عندئذ في منافسة مباشرة مع الوكلاء الذين يوفرون 29 في المئة.

كلنا وكلاء الآن

ويزداد الزخم مع تحسن عمليات البيع الشاملة لتواكب المنصات الاخرى أيضاً، وقد أطلقت «بلومبرغ» منصة من هذا النوع في سنة 2015 في أوروبا وآسيا عبر شراكة مع شركة استثمار تدعى ستيت ستريت، وشرعت في تشغيل منصة لسندات الشركات في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام. وينطوي اعلان «تريدويب» في الشهر الحالي على أهمية، لأنه يمثل قوة مهمة تكمل المجموعة الثلاثية، وكل هذه المنصات تعرض في الوقت الراهن عمليات بيع شاملة، وفي «ماركت أكسز» يمثل النظام الجديد 16 في المئة من حجم التداول في سندات الشركات في الولايات المتحدة و34 في المئة من السندات الأميركية العالية الأرباح.

ويجادل البعض في أن عمليات البيع الشاملة لا تسهم في حل واحدة من المصاعب الكبيرة التي تتمثل في عدم وجود البائعين والمشترين في الوقت نفسه دائماً. وتسعى ألغومي، وهي شركة مختصة في معلومات السوق، الى الجمع بين البائع والمشتري كما أنها تقترح أيضاً سندات مماثلة اذا لم تكن السندات المطلوبة متوافرة. وبالنسبة الى المستثمرين توفر هذه الشركة معلومات حول أنشطة التداول في سندات معينة.

ويتمثل العامل الآخر الذي سوف يغير بنية سوق السندات في الخطوات التنظيمية، واعتباراً من يناير المقبل سوف يتطلب أحد التنظيمات الأوروبية في الأسواق المالية من المشاركين في السوق تقديم بيانات عن الأسعار والأحجام التقريبية لكل الصفقات والعمليات التي تمت في السندات، ومن المتوقع أن تفضي هذه الشفافية إلى اضعاف القوة السوقية للوكلاء، كما أنها سوف تدفع الى مزيد من التداول عبر المنصات الالكترونية.

طريقة بيع وشراء السندات لاتزال تقليدية قديمة لاسيما عندما يتعلق الأمر بسندات الشركات

أكثر من أربعة أخماس التداول في سندات الشركات الأميركية يتم عبر وكيل وعادةً عن طريق الهاتف

الأسلوب الرقمي بدأ يغير بنية أسواق السندات وهيكلتها

في الولايات المتحدة وحدها شهد العام الماضي إصدار سندات بأكثر من 1.5 تريليون دولار
back to top