أكاديميون ناقشوا «من يحكُم العالم؟» في عمّان

نشر في 19-05-2017
آخر تحديث 19-05-2017 | 00:00
خلال ندوة فكرية في عمان، ناقش عدد من الأكاديميين كتاب «من يحكُم العالم؟» الصادر عن مؤسسة الفكر العربي.
نظمت مؤسسة عبدالحميد شومان بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي ندوة مشتركة في عمّان، ناقشت خلالها كتاب "من يحكُم العالم؟" الصادر عن مؤسسة الفكر العربي، وذلك ضمن سلسلة "حضارة واحدة"، والذي أشرف عليه الباحث الفرنسي الأستاذ برتران بادي، ونقله إلى العربية نصير مروة. شارك في الندوة المدير العام لمؤسسة الفكر العربي البروفيسور هنري العَويط، وأستاذ علم الاجتماع د. إبراهيم عثمان، ود. إبراهيم غرايبة، والباحث معاذ بني عامر، وأدار الندوة وزير التربية الأسبق د. إبراهيم بدران.

وقدم البروفيسور العَويط مداخلة أكد فيها أن الكتاب يمثل وجها من الأوجه المتعددة والمنوعة التي تتجسد فيها الرسالة التنويرية التي اضطلعت بها مؤسسة الفكر العربي منذ إنشائها سنة 2000.

ولفت إلى أن المؤسسة تسعى جاهدة من خلال إصداراتها وفعالياتها المختلفة، إلى الإضاءة على القضايا الكبرى التي تهم العرب في مختلفِ المجالاتِ التربوية والثقافية والاقتصادية والسياسية والمجتمعية، وإلى إثارةِ الوعي بخطورةِ شأنها، والتحفيزِ على التبصّرِ في تحدّياتها ومآلاتها، والبحثِ عن سُبُل مواجهتها، والمساهمةِ في إيجادِ الحلولِ الملائمة لها.

ترسيخ الهوية

وأوضح العَويط أن الكتاب الذي صدر ضمن برنامج "حضارة واحدة" للترجمة، وهو البرنامج الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، رئيس المؤسسة في عام 2008، تفعيلا لرسالةِ المؤسسةِ الهادفةِ إلى ترسيخِ الهويّةِ العربيّةِ الجامعة، وإبرازِ معالمِ الثقافةِ العربية، وإلى الانفتاحِ على ثقافاتِ العالم الأخرى، إيماناً منا بأن الحضارةَ الإنسانية هي في جوهرها واحدة، يسهم في بنائها شعوب وأمم مختلفة، وهي ثمرة حوارها المتواصل، وتفاعلها المتبادَل، وتلاقحها الخلاق.

ولفت إلى أن الكتاب يندرج في سلسلة "أوضاع العالم"، وهي السلسلة التحليلية السنويّة التي أطلقتها دار النشر الفرنسيّة La Découverte في خريف عام 1981، وتعنى بعرضِ أوضاعِ العالم، عبر أحدثِ الدراساتِ والإحصاءات، وتناقش المستجداتِ الراهنة على مختلف الأصعدة الاجتماعية، والثقافيّة، والتربويّة، والاقتصاديّة، والتنمويّة، والسياسيّة، والعسكريّة، لافتا إلى أن كل عدد من السلسلة يختص بمعالجة قضية مركزية على المستوى الدولي.

ورأى أن أبرز ما تتسم به سلسلة "أوضاع العالم"، هو المنهجية التكاملية في تناولها الموضوعات من جوانبها المختلفة، والتغطية الشاملة والتوثيق الدقيق اللذان توفرهما، بفضل ما تتضمّنه من مقالاتٍ ودراساتٍ وأبحاث تشارك في كتابتها مروحة واسعة من كبار الاختصاصيين والخبراء.

جواب حاسم

وأشار إلى أن الكتاب طرح سؤالاً بالغَ الأهميّة: مَن يحكُم العالم؟، وكيف؟ وهو أعطى جواباً حاسماً يعكس أوضاعَ العالم الراهنةَ بأمانةٍ وموضوعية: لاتزال الدول لاعبا أساسيا على صعيد العلاقات الدولية، ولكنها لم تعد تستأثر وحدها بحكم العالم وتتحكم بمصير شعوبه، بعد أن برز على الساحة الدولية لاعبون جدد، باتوا يقاسمونها السلطة، ومنهم الشركات المتعددة الجنسيات، والمنظماتِ غير الحكوميّة (NGO)، والجالياتِ ولوبياتها، والأحزاب، والمؤسسات الدينيّة، ووسائلِ الإعلام، وتجّارِ الأسلحة، والهيئاتِ الثقافيّة، والشبكات المختلفة.

ورأى أستاذ علم الاجتماع د. إبراهيم عثمان في مداخلته، أن العالم كما جاء في أبحاث الكتاب، يعني عوالم تتدرج في مستوياتها من مجتمع محلي، إلى مجتمع الدولة، إلى المجتمع العالمي، وبهذا يرتبط مفهوم الحكم والتحكم والسلطات بهذه المستويات كلها. وأكد أن الدولة الحديثة وخصوصاً منها في البلدان العربية، لم تقضِ على العلاقات الأولية والطبيعية، ولا على الأسس والسلالات السياسية. ولم تحل الجماعات الطوعية أو الرسمية كلياً مكان العائلات والسلالات، ولا محل العشائر والقبائل. ورأى د. إبراهيم غرايبة أن الكتاب، على الرغم من أنه يتخذ طابعاً عالمياً في الرؤية والتحليل، فإنه يظل يعكس تفكير النُخبة الفكرية الفرنسية ورؤيتها للعالم. وأشار إلى خمسة معالم من معالم النظام العالمي يؤشّر إليها الكتاب، وهي: التقاليد السائدة والمتبعة، والقدسي والديني، والدولة، والاقتصاد، والعولمة.

واعتبر الباحث معاذ بني عامر أن كتاب "مَن يحكم العالَم؟" هو استظهار لشبكة العلاقات الإنسانية، استظهار وصفي، كما هي في واقع الحال، وقد سعى إلى تفكيك هذه العلاقة الوصفية تفكيكاً عقلياً، وتجاوزها أخلاقياً، وهو يأخذ بعداً يكاد يكون شاملا لمجمل العلاقات الإنسانية. ورأى أنه إذا كان مارك زوكربيرغ يتمتع بصلاحيات هائلة للتحكم بجزء كبير من مصالح البشر، وإن بطريقةٍ ناعمة؛ فإن دولة مثل أميركا تتمتع بقوة هائلة هي الأخرى للتحكم بجزء كبير من مصالح البشر، ولكن بطريقة خشنة وقاسية هذه المرة، هكذا ما بين زوكربيرغ وأميركا، ثمة مراتب لبؤر صغيرة تساهم في حُكم العالَم، أو في حُكم عوالمها بالأحرى، كل من زاويته ومنطقته. وكان د. إبراهيم بدران قد قدم مداخلة في بداية الندوة، تلخيصا لأهم ما اشتمل عليه الكتاب من طروحات وقضايا، لافتا إلى أن الكتاب أظهر أن العولمة نوعت أدوات السيطرة ومواضع الغلبة ومداها، وعرض أهمية الشركات متعددة الجنسيات ونفوذها السياسي والاقتصادي الناتج عن العولمة، وعدم التكافؤ الاقتصادي، وما يرافق ذلك من تعزيز الاتصالات وخاصة الشبكة العنكبوتية وخوادمها.

back to top