طموحات فلاديمير بوتين لروسيا مجمّدة

نشر في 16-05-2017
آخر تحديث 16-05-2017 | 00:08
 واشنطن تايمز خلال السنوات القليلة الماضية، وخصوصاً منذ الألعاب الأولمبية في سوتشي، تعيش روسيا مرحلة من النجاح مع تمكّن بوتين بمهارة من لعب أوراقه الضعيفة بإتقان ليعيد بمفرده عموماً روسيا إلى مكانة بارزة ومحترمة على المسرح العالمي.

من الملائم أن يواصل الثلج التساقط في موسكو في شهر مايو. يسود شعور بالتعب أو على الأقل ميل إلى الاستراحة، ماكينة الكرملين الساحقة تنشر الدعاية وتحقق النجاحات في مجال العلاقات العامة، ولا ننسى بالتأكيد الوقائع القاتمة على الأرض في سورية وأوكرانيا وغيرهما.

لكن مقياسي للضغط الجوي يشير إلى تبدل في الأجواء.

صحيح أن الاقتصاد الروسي ما عاد يتقلص، إلا أنه لا ينمو أيضاً بسرعة كبيرة، وما زالت الموازنة الفدرالية تحمل ثقباً سنوياً من الضروري سده، كذلك يسلب الإنفاق العسكري والأولويات الاجتماعية أموالاً هي بأمس الحاجة إليها، ومهما استعرض الكرملين من أسلحة جديدة وآليات مدرعة براقة في الساحة الحمراء يعجز عن تبديل الواقع، فالحكومة تحتاج إلى المال، لذلك ترفع الضراب أينما استطاعت.

تقدّم التظاهرات الأخيرة، التي نظمها سائقو الشاحنات بسبب الرسوم الجديدة على توزيع البضائع، لمحة نادرة عن الاضطراب الاجتماعي الذي يعتمل تحت السطح، فستفرض التشريعات التي تُدرَس راهناً ضرائب على أصحاب "الأعمال الحرة" في روسيا تصل إلى 20 ألف روبل (نحو 400 دولار) سنوياً، وإذا لم تدفع المال تُمنع من مغادرة البلد. يعمل كثيرون ممن يواجهون هذه الضريبة في اقتصاد الظل، فيحصلون على المال نقداً مقابل خدماتهم ولا يسددون أي ضرائب للحكومة، لكن منع السفر يُعتبر مشكلة كبيرة بالنسبة إلى سكان موسكو خصوصاً، الذين اضطروا إلى التأقلم مع وقائع بلوغ سعر برميل النفط 50 دولاراً. بالحديث عن النفط، لم يحقق الاقتصاد الروسي بعد التنوع الضروري للحد من اعتماده على قطاع الطاقة، شهدنا بعض المحاولات الهامشية، إلا أنك لا تستطيع تشجيع الابتكار وريادة الأعمال بسحر ساحر في نظام أقلية، هذا مستحيل بكل بساطة، كذلك يبقي النفط الصخري الأميركي سعر النفط الخام ضمن المدى المتداول به راهناً، ولا يبدو أنه سيرتفع في المستقبل القريب، فعندما تخفض روسيا ومنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الإنتاج وتتحدثان عن رفع أسعار السوق، تزيد داكوتا الشمالية إنتاجها وتقضي على جهودهما.

علاوة على ذلك لن تخفف إدارة ترامب العقوبات التي فرضتها على سلوك روسيا في أوكرانيا في وقت قريب، هذا إن أقدمت على ذلك أساساً، ولا نحتاج إلى ذكاء خارق لنلاحظ أن ترامب يعزز حدود حلف شمال الأطلسي الشرقية، متصدياً بقوة لكوريا الشمالية، تلك الدولة التابعة لروسيا منذ زمن، كذلك استهدفت الولايات المتحدة بعشرات الصواريخ الجوالة قاعدة روسيا في سورية، ولا شك أن ترامب تحول إلى مرشح منشوري بحق.

على نحو مماثل لا تحقق محاولات التدخل في الانتخابات الخارجية، التي تتفاخر بها روسيا، النجاح المرجو في الآونة الأخيرة، فقد خسرت مارين لوبان في فرنسا سباقها الرئاسي، كذلك لا يروّج ترامب إلا لمصالح الولايات المتحدة، وما زالت دول البلقان ميالة إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ويبدو أن الرأي العام العالمي انقلب ضد موسكو بطرق عدة مع دعم الحكومات الغربية مالياً الجهود الرامية إلى التصدي لدعاية الكرملين.

يجد بوتين نفسه في مأزق، إلى أين سيقود البلد في المستقبل؟ وما الخطوة التالية؟ وكيف يُخرج روسيا من السأم الذي يسودها راهناً؟ وهل يخفي مغامرة خارجية أخرى؟ بلغت سورية وشرق أوكرانيا حالة من الجمود العسكري تكلّف روسيا كل يوم مالاً لا تملكه، فقد عاود سعر النفط الانخفاض إلى ما دون الخمسين دولاراً.

انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي باحتفال يوم النصر في روسيا، حين استعرضت مرة أخرى آلاف الجنود والآليات إحياءً لذكرى الهزيمة التي أنزلها الجيش الأحمر بألمانيا النازية. فراح روس كثيرون يتساءلون على شبكة الإنترنت: لمَ ما زال هذا العرض ضرورياً، مشيرين إلى أن روسيا وكوريا الشمالية الدولتان الوحيدتان اللتان لا تزالان تنظمان عروضاً مكلفة مماثلة، وشددوا في تغريداتهم على إمكان، أو حتى ضرورة، إنفاق هذا المال في مجالات أخرى.

ما زاد الطين بلة أن مشاركة القوات الروسية في احتفال يوم النصر أُلغيت بسبب سوء الأحوال الجوية، وهكذا جاء الطقس حالكاً كما المزاج السائد، ويبدو أن روسيا تقف اليوم عند مفترق طرق، وكلنا شوق لرؤية ما يخبئه المستقبل.

* ل. تود وود

* «واشنطن تايمز»

back to top