«نفاد صبر» ترامب الاستراتيجي في التعاطي مع كوريا الشمالية

نشر في 08-05-2017
آخر تحديث 08-05-2017 | 00:05
في إشارة واضحة إلى نفاد الصبر الأميركي تجاه كوريا الشمالية أخبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون المجتمعين في الأمم المتحدة أنهم يهدرون الوقت وأنهم سيواجهون عواقب «كارثية»، في حال برهنت كوريا الشمالية على قدرتها على وضع رأس نووي صغير في صاروخ طويل المدى وأجرت اختباراً على هذا الصاروخ.
 ناشيونال ريفيو يعتبر خبراء السياسة أن العمل في عالم ترامب يشبه العيش في عوالم موازية، ومن هذه العوالم ما يقوله الحلفاء عن سياسة ترامب بشأن كوريا الشمالية أو ما يكتبه البعض في وسائل الإعلام الأميركية؛ الدليل الأول ادعاء المقالات الافتتاحية أن السياسة التي يتبعها ترامب حيال كوريا الشمالية لا تختلف عما اعتمده سلفه.

في إشارة واضحة إلى نفاد الصبر أخبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون المجتمعين في الأمم المتحدة أنهم يهدرون الوقت وأنهم سيواجهون عواقب «كارثية»، في حال برهنت كوريا الشمالية على قدرتها على وضع رأس نووي صغير في صاروخ طويل المدى وأجرت اختباراً على هذا الصاروخ، فقد أدلى تيلرسون بهذا التصريح بعد يوم من تحدث ترامب عن احتمال نشوب حرب كبرى مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، إذا أخفقت الدبلوماسية والضغط، وكانت بكين وبيونغ يانغ تصغيان.

علاوة على ذلك نشهد عروض قوى متواصلة في شمال شرق آسيا، فعلى سبيل المثال تنفذ مجموعة حاملة الطائرات الأميركية «كارل وينسون» المقاتلة سلسلة من تدريبات الردع، تشمل قوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية وقوات جمهورية كوريا، وتقوم قاذفات القنابل الأميركية أيضاً بطلعات فوق شبه الجزيرة، كذلك أصبحت منظومة الدفاع الصاروخي الجوي «ثاد» فاعلة في كوريا الجنوبية، رغم معارضة الصين العنيدة والغاضبة.

بالإضافة إلى ذلك يختم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايك بومبيو رحلته إلى كوريا الجنوبية، عقب جولات قام بها وزير الدفاع ماتيس، ووزير الخارجية تيلرسون، ونائب الرئيس بنس، وحرص بومبيو على زيارة جزيرة يونبيونغ، موقع الاعتداء بالأسلحة التقليدية الذي نفذته كوريا الشمالية ضد جارتها الجنوبية عام 2010.

أعربت الولايات المتحدة في عمليات الانتشار والتدريب التي نفذته عن الكثير من القوة القسرية، مما دفع بالصين إلى دعوتها لضبط النفس، إذ يصعب علينا تحديد فترة من السنة الماضية دعت فيها الصين الولايات المتحدة لضبط النفس. كنا نشهد العكس دوماً، ولكن لقلق الصين من أعمال أميركية محتملة مزايا استراتيجية تتخطى شبه الجزيرة.

في حين تعيد إدارة ترامب إرساء الدبلوماسية القسرية بطرق مذهلة، تخفق في عدد من خطواتها، فعلى سبيل المثال شكّلت إثارة مسألة مَن يدفع كلفة منظومة «ثاد» خطوة غير مدروسة أدت إلى نتائج عكسية، كذلك لم يحقق اقتراح لقاء مع كيم يونغ أون أي هدف غير التأكيد للكوريين الجنوبيين المتوجهين إلى صناديق الاقتراع أن الحرب ليست محتمة، وبما أن وزارتَي الخارجية والدفاع الأميركيتين تفتقران إلى الموظفين، يرزح عدد محدود من الموظفين العامين والمعيّنين السياسيين تحت عبء كبير.

لكن إدارة ترامب ورثت حالة من الفوضى، فكانت الصين تخسر بسرعة احترامها للولايات المتحدة، فيما واصلت تجاهل التزامها بالعقوبات وتسليحها مناطق جديدة في بحر الصين الجنوبي، كذلك ألحقت معمعة خط أوباما الأحمر في سورية ضرراً غير مسبوق بمصداقية الولايات المتحدة، حتى إن اليابان ما زالت عاجزة عن التصديق أن الأسلحة الكيماوية استُعملت من دون أي عقاب، وفضلاً عن ذلك عانى الجيش الأميركي أضراراً بالغةً خلال السنوات الثماني الأخيرة، ولا يزال يناضل ليفي بالتزاماته العالمية.

إذاً، تبذل الإدارة قصارى جهدها مع الأوراق التي تحملها، لكن استراتيجية ممارسة الضغط الأكبر على الصين وكوريا الشمالية كلتيهما، فضلاً عن فرض قيود عالمية متشددة على التجارة مع كوريا الشمالية، لا تشكّل بالتأكيد صبراً استراتيجياً، إذ يلقي ترامب بطريقة غير مباشرة المسؤولية على الصين ويحضها على تقديم نتائج ملموسة، مما يعرضها للإحراج في حال أخفقت، وإذا بدا الحزب الشيوعي الصيني ضعيفاً أو غير كفء في التعاطي مع حليفه المثير للاضطرابات فسيرغمه الشعب الصيني على دفع الثمن.

تعرب الولايات المتحدة عن إشارات واضحة إلى نفاد صبرها، ويدرك اللاعبون المعنيون هذا الواقع جيداً.

* دان بلومنثال

* «ناشيونال ريفيو»

بينما تعيد إدارة ترامب إرساء الدبلوماسية القسرية بطرق مذهلة تخفق في عدد من خطواتها

ترامب يلقي بطريقة غير مباشرة المسؤولية على الصين ويحضها على تقديم نتائج ملموسة تجاه ملف بيونغ يانغ النووي
back to top