تداعيات عداء ترامب للتجارة الحرة

نشر في 06-05-2017
آخر تحديث 06-05-2017 | 00:00
عندما يتحدث خبراء الاقتصاد عن أن التجارة الحرة تشكل فائدة بالنسبة إلى كل الدول المعنية فإنهم يقصدون بصورة مثالية أن ذلك يمنح المستهلكين القدرة على الوصول إلى طائفة واسعة من البضائع الأكثر رخصاً كما يوفر للمصدرين فرصة دخول أسواق جديدة.
 بلومبرغ • بعد كل الأسباب التي قد تجعل عداوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتجارة الحرة تتسبب في الحاق ضرر بمصالح الولايات المتحدة يمكننا الآن أن نضيف سبباً آخر وهو أن ذلك قد يعرض للخطر امداد البلاد من المواد التي تستخدم في الأعمال والمهام اليومية والتي تشمل الحواسيب وحتى الأجهزة الطبية.

وتجدر الاشارة الى أن خبراء الاقتصاد عندما يتحدثون عن أن التجارة الحرة تشكل فائدة بالنسبة الى كل الدول المعنية فإنهم يقصدون بصورة مثالية أن ذلك يمنح المستهلكين القدرة على الوصول الى طائفة واسعة من البضائع الأكثر رخصاً كما يوفر للمصدرين فرصة دخول أسواق جديدة. ولكن يوجد أيضاً عامل آخر يستحق الاعتبار في هذا السياق، وهو العامل الذي بدأ الاقتصاديون أخيراً في استكشافه ويتعلق بكيفية تغيير التجارة لعمليات تدفق السلع حول العالم وكيف يمكن لذلك الوضع أن يؤثر على مرونة سلاسل الامداد العالمية.

ويشير الباحثون بصورة متزايدة الى أن ذلك يشكل فارقاً كبيراً، وعلى سبيل المثال فإن دارون أسيموغلو وهو اقتصادي لدى معهد ماساشوستس للتقنية يجادل في أنه في حال لم تكن سلسلة الامداد في دولة ما متوازنة، وهذا يعني أنها معتمدة بشدة على مشاركين معينين، فإن الاضطرابات الصغيرة نسبياً يمكن أن تتحول بسرعة الى حالة ركود تام، وفي الآونة الأخيرة تبين لفريق من الباحثين الأوروبيين المتخصصين في الشبكات المعقدة والمتقدمة أن بنية وتركيبة الروابط التجارية الدولية يمكن بالمثل أن تحدث تأثيراً كبيراً على استقرار تدفق الموارد في الاقتصاد العالمي.

استعراض الموارد المعدنية

وقد استعرض الخبراء الأوروبيون المعلومات المتوافرة من 71 من الموارد المعدنية خلال تنقلهم في 107 دول طوال فترة استمرت 12 سنة وذلك بغية معرفة الأسباب التي تجعل الأسعار متقلبة بقدر أكبر في مكان ما أكثر من الأماكن الاخرى، وكانت النتيجة مثيرة للدهشة، فبالنسبة الى معظم المعادن ذات الأهمية الواضحة كانت الاعتبارات المتعلقة بالوضع الهندسي للدولة ضمن الشبكة التجارية أكثر أهمية من مستويات الاستقرار السياسي في ذلك البلد، وبكلمات اخرى يبدو أن بنية الشبكة مسؤولة بشكل رئيسي عن الاضطرابات في الأسعار.

وأفضت هذه الدراسة أيضاً الى تحديد وتعريف ميزة كبيرة ولافتة تتمتع بها الولايات المتحدة الأميركية وتتمثل في أن الاضطرابات المرتبطة بشكل رئيسي بتركيبة الشبكة تشكل نسبة تصل الى 40 في المئة فقط من حالات التقلب في الأسعار وذلك مقارنة مع نسبة 70 في المئة في الاتحاد الأوروبي، وعزا الباحثون هذا الفارق الى الحواجز التجارية الأقل في الولايات المتحدة، وخاصة في ما يتعلق بالموارد الأكثر ندرة، والتي تقلص خطر الاضطرابات القوية بالنسبة الى الامداد.

وثمة نقطة اخرى مثيرة للاهتمام، وهي أن هذه الدراسة الميدانية تشير الى أن الدول تستفيد ليس فقط من تجارتها المباشرة مع الدول الاخرى بل من التجارة القائمة بين تلك الدول نفسها أيضاً، وعلى سبيل المثال فإن إمداد الولايات المتحدة من البعض من المواد مثل النحاس أو الزنك هو أكثر استقراراً بسبب التجارة المتواصلة في مثل هذه المواد ضمن الصين وأوروبا ودول اخرى حول العالم، وبكلمات اخرى فإن تجارة كل دولة تساعد الدول الاخرى بشكل أو بآخر.

Mark Buchanan *

الاضطرابات الصغيرة نسبياً يمكن أن تتحول بسرعة إلى حالة ركود تام

بنية الروابط التجارية الدولية يمكن أن تحدث تأثيراً كبيراً على استقرار تدفق الموارد في الاقتصاد العالمي
back to top