عوامل السهولة النظرية في الحد من الإصلاح الضريبي

نشر في 06-05-2017
آخر تحديث 06-05-2017 | 00:00
خلال السنوات الماضية تحولت دول عديدة إلى النظام الضريبي الإقليمي، غير أن العديد من خبراء الاقتصاد يرون أن دفع الولايات المتحدة نحو هذا المسار نفسه سوف يفضي إلى تباطؤ التنوع في استثماراتها، وتحويلها إلى مناطق أخرى من العالم.
 سي أن بي سي تهدف خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى اصلاح القانون الذي يقر كل شخص تقريباً بأنه تعرض لخلل، ويتمثل في الطريقة التي تحدد الضرائب على الأرباح العالمية للشركات الأميركية.

وتجدر الاشارة الى أن النظام الحالي، الذي لا يسمح بفرض ضرائب على الأرباح المكتسبة في الخارج على الشركات الأميركية الا بعد عودتها الى الولايات المتحدة، يخلق طائفة من الحوافز كما يشجع الشركات الأميركية على ابقاء أموالها في ملاذات آمنة منخفضة الضريبة في خارج الولايات المتحدة، ويعادل رقم تلك الموجودات في الوقت الراهن حوالي 2.6 تريليون دولار.

ويتطلب اصلاح ذلك النظام من صناع السياسة مواجهة مشكلتين، تتمثل الأولى في كيفية دفع الشركات الأميركية الى اعادة المبالغ الضخمة وتسديد البعض من الضرائب المستحقة على الأقل، فيما تتمثل المشكلة الثانية في اصلاح الكيفية التي تفرض من خلالها الضرائب على الأرباح الأجنبية في المستقبل بحيث تضطر الشركات المتعددة الجنسية الى تغيير طرق عملها.

وتظهر الخطة العريضة التي طرحها منذ أيام وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين أن ادارة دونالد ترامب تتوق الى معالجة المشكلتين المذكورتين، ولكن هذه الخطة لا تقدم ما يكفي من التفصيل للحكم على امكانية نجاحها بشكل فعلي.

وتتوحد مواقف الجمهوريين والديمقراطيين ضد الفكرة القائلة ان الشركات الأميركية متعددة الجنسيات تحاول تفادي دفع ضرائب على أرباحها في الخارج، وتعمد هذه الشركات الى شراء شركات أجنبية أو الاندماج معها من أجل اقامة مقرات لها في خارج الولايات المتحدة، وهي ممارسة تعرف باسم التعاكس – أو اعادة تموضع براءات اختراع خاصة بها في أماكن متدنية الضرائب مثل برمودا أو جزر الكايمان، ومثل هذه الترتيبات لا تحرم فقط الولايات المتحدة من دخل بل انها تزيد أعباء الضريبة على الشركات الأميركية التي لا تستطيع أو لا تريد نقل أرباحها الى خارج البلاد.

الكثير من الهدر والهراء

ويقول آلان دي فيارد وهو خبير ضرائب لدى معهد المشاريع الأميركية المحافظ وكبير الاقتصاديين السابق في بنك الاحتياطي الفدرالي في مدينة دالاس إن النظام الحالي تسبب في استمرار الكثير من الهدر والهراء، ومعروف أن معدل الضريبة على الشركات يصل الى 35 في المئة وهو أعلى بشكل تقريبي بعشر نقاط عن متوسط المعدل في معظم الدول الأوروبية المتقدمة، ومن شأن ذلك الفارق تشجيع التهرب الضريبي – بحسب فيارد.

وعلى سبيل المثال فإن شركة أبل أبقت أرباحها في الخارج وعمدت الى الاقتراض من شركاتها الفرعية في الخارج من أجل دفع أرباح والقيام باستثمارات جديدة. ونظراً لأن الفائدة التي تدفع على القروض يمكن أن تخصم أيضاً فإن أبل تجني فائدة ثانية أيضاً عن طريق دفع الضريبة.

ويضيف فيارد أن "هذه القروض القصيرة الأجل تعتبر سخيفة وأياً كانت المعدلات فإنها يجب أن تحصل عندما يتم تحقيق الأموال والمكاسب بغض النظر عما اذا كانت عائدة من الخارج أم لا كما يجب أن تكون الشركات حرة في وضع المال حيث تريد واستعمالها بالطريقة التي ترغب فيها".

وقد حاول صناع السياسة في الماضي اقناع الشركات باعادة الأرباح الى الوطن عن طريق الاغراء المتمثل في عرض طريقة طوعية للاعفاء من الضريبة لمرة واحدة بالنسبة الى الشركات التي تعيد أرباحها الى الوطن واستثمارها فيه. ولكن لم تتحقق الطفرة الموعودة من المبادرة الاستثمارية التي طرحت في سنة 2005 على الرغم من أن بعض الشركات أعادت نسبة من أموالها الى الولايات المتحدة – حوالي 299 مليار دولار – ولكن معظم ذلك المبلغ استخدم من أجل زيادة أرباح المساهمين أو اعادة شراء أسهم.

وتقول كيمبرلي كلوزنغ وهي خبيرة اقتصاد لدى ريد كولدج: "توجد أدلة كثيرة على أن الطريقة الطوعية لم توفر فرص عمل ولم تؤد الى أي استثمارات اضافية".

وتضيف أن الطريقة الالزامية في فرض الضريبة تعتبر أفضل، ولكنها تجادل في أن فرض معدل بنسبة 8.75 في المئة كما نصت عليه فكرة ضرائب مجلس النواب أو 10 في المئة التي طرحها دونالد ترامب خلال حملاته الانتخابية لا تزال متدنية جداً (والخطة التي أعلنت في الأسبوع االماضي لم تحدد أي معدلات).

وأكدت كلوزنغ أن تلك الطريقة "تقدم المال الى البعض من الأشخاص الذين حققوا أداء جيداً تماماً في الاقتصاد العالمي خلال العقودالثلاثة الماضية ولن يحقق ذلك أي فرصة عمل أو يؤدي الى بناء معمل واحد".

ويوافقها السيد فيارد من معهد المشاريع الأميركية الرأي، ويقول: "يوجد تأييد قوي لفرض ضرائب عالية نسبياً بصورة الزامية "، وبحسب رأيه فإنه حتى اذا أفضى نظام جديد الى خفض شديد في الضرائب على الشركات متعددة الجنسية في المستقبل فيجب ألا تحصل تلك الشركات على حرية الاعفاء من الضرائب التي تفرض على الأرباح التي اكتسبت في فترة سابقة، ويقول: "يتعين علينا ألا نوفر للناس ثروة غير متوقعة" على أي حال.

ومن وجهة نظر السيد فيارد فإن نسبة ضريبة تصل الى 20 في المئة سوف تكون ملائمة على الرغم من كونها غير مرجحة، وفي سنة 2015، على سبيل المثال، لم يتمكن الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما من الحصول على ما يكفي من الدعم لتمرير نسبة ضريبة تبلغ 19 في المئة وبصورة مباشرة على الأرباح العالمية المتعلقة بالشركات الأميركية.

إصلاح النظام الضريبي

وفي ما يتعلق باصلاح النظام الضريبي في الولايات المتحدة اقترب الرئيس دونالد ترامب بقدر أكبر من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب، وتخطط الادارة الأميركية في الوقت الراهن الى المصادقة على خطوة تهدف الى الابتعاد عن النظام المطبق على صعيد عالمي والذي يقضي بأن يتم فرض ضرائب على أرباح الشركات من دون النظر الى الدول التي تمكنت تلك الشركات من تحقيق الأرباح فيها، ومن ثم الانتقال الى نظام اقليمي يهدف الى فرض ضرائب على الأرباح التي تحققت في الولايات المتحدة فقط.

وخلال السنوات الماضية تحول عدد متزايد من الدول الى النظام الضريبي الاقليمي، ويجادل العديد من خبراء الاقتصاد في أن دفع الولايات المتحدة نحو هذا المسار نفسه سوف يفضي الى تباطؤ التنوع في الاستثمارات وتحويلها الى مناطق اخرى وتحسين النمو في الولايات المتحدة.

ولكن توجد عثرات وخلل في النظامين على أي حال، وكما هو الحال في الوقت الراهن فإن النظام المطبق على صعيد عالمي يشجع الشركات الأميركية على الانخراط في كل أنواع التهرب من دفع الضرائب والحيلولة دون نقل سجل أرباحها الى الوطن، وعلى الرغم من ذلك فإن خطر النظام الاقليمي يكمن في أنه من دون خطوات حماية كافية سوف يفضي ببساطة الى مجموعة مختلفة من الخطط التي تعمل على تحويل الأرباح من الولايات المتحدة الى فروع أجنبية للشركات وهو ما يفضي بدورة الى تقليص القاعدة الضريبية.

خطوة مجلس النواب

ولا يشعر مايكل جي غريتز وهو بروفسور شؤون ضريبية في جامعة كولومبيا بقلق شديد ازاء هذا المسار نظراً لأن الرئيس ترامب يدفع من أجل خفض الضريبة على الشركات الى 15 في المئة (فيما يخطط مجلس النواب الى خفضها الى20 في المئة، وهو ما يؤدي الى زيادة في الدخل وإلى عجز أقل في الميزانية بقدر يفوق ما كان الرئيس ترامب قد اقترحه).

ويقول السيد غريتز في تفسير هذا الوضع إن خفض معدل الضريبةالى هذه النسبة المتدنية سوف يقلص الحافز من أجل نقل أرباح الأوفشور نظراً لأن الفارق بين المعدلات في الولايات المتحدة وبين الدول الاخرى أقل كثيراً "وتصبح خطوات الحماية أقل أهمية".

ولكن لا يشعر كل شخص بتفاؤل، وسد تلك الثغرات ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة الى نجاح أي خطة، بحسب السيدة كلوزنغ، التي تقول إن ذلك سوف ينسحب على الوضع سواء كانت النسبة 15 أو 20 في المئة.

وتضيف: "تشكل النسختان صورتين مختلفتين تماماً "كما أن اليابان وفرنسا، على سبيل المثال، الدولتين المعروفتين بخفض معدلات الضريبة الى درجة تجعلهما مثل ملاذ آمن للتهرب من ضرائب أرباح الشركات يمكن أن تتحولا الى مثل يحتذى به في الولايات المتحدة.

ويقول روهيت كومار، وهو خبير اقتصادي يعمل في هيئة الضرائب الوطنية في واشنطن، إن حماية القاعدة الضريبية من التآكل مسألة مهمة للغاية "ولا توجد قوانين ضد تآكل قاعدة الضريبة يمكن للكل أن يحبها، والقوانين التي سوف تسود هي تلك التي سوف يكرهها الكل".

وبينما سوف يشعر العديد من الجمهوريين وقادة الأعمال ومحللي وول ستريت بسعادة لهبوط معدلات الضريبة الى تلك المستويات المتدنية يدرك العديد أيضاً أن الطريق لا يزال طويلاً وصعباً قبل الوصول الى قانون في هذا الصدد.

ويقول الخبير الاقتصادي الرفيع في بانثيون ماكرو ايكونو ميكز، ايان شيفردسون، إن "مقترحات الادارة الأميركية المتعلقة بخفض الضريبة تعتبر طموحة الى حد كبير وسوف تواجه معارضة قوية"، ومن المحتمل تحقيق بعض الخفض في هذه السنة، ولكن ليس على المستوى المقترح".

* Patricia Cohen

النظام الضريبي الحالي لا يسمح بفرض ضرائب على أرباح الشركات الأميركية المكتسبة في الخارج إلا بعد عودتها إلى الولايات المتحدة وهو ما يشجع تلك الشركات على إبقاء أموالها في الخارج

ترامب يدفع من أجل خفض الضريبة على الشركات إلى 15% بينما يخطط مجلس النواب لخفضها إلى20%

الجمهوريون والديمقراطيون يتخذون موقفاً واحداً ضد فكرة أن الشركات الأميركية المتعددة الجنسيات تحاول تفادي دفع ضرائب على أرباحها في الخارج

لا قوانين ضد تآكل قاعدة الضريبة يمكن للكل أن يحبها
back to top