6/6 : الشافعي... ونحن!

نشر في 05-05-2017
آخر تحديث 05-05-2017 | 00:25
 يوسف الجاسم كتبت وتحدثت كثيراً مثل غيري من أصحاب الرأي والقلم حول كيف نختلف بسلام؟ وكيف لا نجعل من اختلافنا في الآراء والمعتقدات والأديان والمذاهب سبيلاً لما نحن فيه من احتراب عدمي أثار سخرية الأمم الأخرى منا وشفقتهم على حال أمتنا وهي تغتال أحلام أطفالها وتدمي أجسادهم الغضة وتغتال أرواحهم الندية، فقط لأن كبارها مختلفون في رأي أو مذهب أو عقيدة أو دين!

عندنا في الكويت ورغم الحياة الدستورية والبرلمانية الممتدة لما يقرب من الستين عاماً، مما يفترض أنها علمتنا الديمقراطية وكيف نختلف دون صدام ونتحاور دون ضغينة، فإننا صرنا نعيش حالة من الاحتقان المتواصل والتخوين المتبادل، فإما أنك معي في الرأي فنحن عصبة، وإما أنك ضد رأيي فهذا فراق بيننا!

القدوات من أعضاء البرلمان صدروا سوء خطابهم وشتائمهم لخصومهم وتشابكهم بالأيدي إلى الناشئة في الجامعات والمعاهد والمدارس، وأصبحت الأسلحة البيضاء أدوات الاقتتال ببن الشباب في الشوارع والمجمعات التجارية، فقط بسبب "خزّة من أحدهم للآخر" وحسب ذلك أن يكون سبباً لاغتيال أحدهم للآخر وإفجاع أهله من بعده!

وقعت يدي على بعض درر الإمام الشافعي صاحب الزمان وحكيم الدهر، متحدثاً في هذا الشأن، واسمحوا لي أن أستَل شيئاً من حِكَمه البليغة وأنقلها إليكم:

كان يونس بن عبد الأعلى واحداً من طلاب العلوم الشرعية بمدرسة الإمام، واختلف مع أستاذه الفيلسوف اﻹمام محمد بن إدريس الشافعي في مسألة أثناء إلقائه درساً بالمسجد...

فقام يونس غاضباً وترك الدرس وذهب إلى بيته!

فلما أقبل الليل، سمع يونس صوت طرق على باب منزله، فقال: من بالباب؟ قال الطارق: محمد بن إدريس، فتفكر يونس في كل من كان اسمه محمد بن إدريس غير الإمام الشافعي ولم يجد، فلما فتح الباب، فوجئ بإمامه ومعلمه واقفاً أمامه وهو كالطفل في حضرته، فألجمه الموقف وخطاب المعلم لتلميذه:

يا يونس، أوَتجمَعُنا مئات المسائل وتفرّقنا مسألة؟!

لا تحاول يا بني الانتصار في كل الاختلافات. فأحياناً يكون «كسب القلوب» أولى من «كسب المواقف».

يا يونس، لا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها. فربما تحتاجها للعودة يوماً ما!

اكره "الخطأ" دائماً، ولكن لا تكره "المخطئ"، وابغض بكل قلبك "المعصية"، لكن سامح وارحم "العاصي".

انتقد "القول"، لكن احترم "القائل" فإن مهمتنا هي أن نقضي على "المرض" لا على "المرضى"!

ترى، أين نحن من هذا السمو في آداب الاختلاف لدى العظام كالشافعي الإمام؟

***

همسة:

أسدلت المحكمة الدستورية الستار على حالة القلق والترقب التي سادت الحياة السياسية منذ الانتخابات النيابية بأن ثبتت المجلس الحالي بعدم الحكم بإبطاله، وردت جميع طعون الإبطال، وكانت أحكامها عنواناً للحقيقة.

نأمل من سياسيينا الأخذ بيدنا إلى ما يطفئ من قلق وزير ماليتنا وقلقنا على مستقبل بلدنا واحتياطاتنا واستدامة اقتصادنا، فتصريحات وزير مالية أي بلد ليست مانشيتات صحافية أو هتافات متظاهرين، بل يفترض أنها أجراس مدوية ومقلقة إن صحّت!! كما أن أي حل للمجلس القائم والدعوة لانتخابات مبكرة سترافقه في ظني مقاطعة شعبية غير مسبوقة!

back to top