Truman... رجل مصاب بداء مميت يتحكّم في نهايته

نشر في 02-05-2017
آخر تحديث 02-05-2017 | 00:08
بطلا الفيلم
بطلا الفيلم
ربما يبدو هذا الأمر متناقضاً. ولكن إذا أُنجزت الأفلام عن نهاية الحياة بالشكل الصحيح، تصبح أكثر الأفلام التي تشاهدها تأكيداً للحياة. ولا شك في أن Truman (ترومان)، الذي حقّق نجاحاً كبيراً في بلده الأم إسبانيا، أُعدّ بالشكل الصحيح.
يروي Truman الذي يتمحور عموماً حول شخصيتَين رئيستين، قصة رجل مصاب بداء مميت وصديقه العزيز القديم. حصد الفيلم عام 2016 عدداً من جوائز «غويا» (النظيرة الإسبانية لجائزة الأوسكار)، من بينها جائزة أفضل فيلم، وأفضل سيناريو، وأفضل مخرج، فضلاً عن جائزتَي أفضل ممثل وممثل مساند لنجميه المخضرمين.

ما هذان الممثلان سوى ريكاردو دارين، أحد أهم ممثلي الأرجنتين ويشتهر في بلده بفيلم The Secret in Their Eyes، وخافيير كامارا الذي ظهر في عدد من أعمال بيدرو ألمودوفار، من بينها Talk to Her وBad Education.

كان دارين وكامارا، اللذان تشاركا أيضاً جائزة أفضل ممثل في مهرجان «سان سيباستيان» الإسباني العريق، خيار المخرج سيسك غاي الأول، ومن السهل أن نرى السبب.

كلاهما واسع الخبرة، ويشكّل الابتعاد عن المغالاة طبيعتهما الثانية. لذلك يُعتبران مثاليين لهذه القصة الحافلة بالمشاعر، والصادقة، والإنسانية إلى أبعد الحدود التي تدور حول ما نريده من الحياة مع اقتراب الموت، والتي تتحوّل إلى فيلم مميز يتحرك بطرائق متوقَّعة وغير متوقَّعة.

مفاجأة

صحيح أن أحداث Truman تدور في مدريد، إلا أنها لا تبدأ هناك بل في كندا حيث يودّع توماس (كامارا) ذات صباح باكر زوجته وأولاده الصغار قبل أن ينطلق إلى إسبانيا ليزور صديقه العزيز جوليان (دارين).

تشكّل هذه الزيارة مفاجأة، مع أن السبب خلفها ليس كذلك. اكتشف جوليان أن سرطان الرئة الذي ظنّ أنه نجح في احتوائه انتشر على نحو خطير. علاوة على ذلك، يدرك توماس، الذي حصل على معلومات من قريبة جوليان الجميلة بولا (دولوريس فونزي)، أن جوليان سئم المستشفيات والبرامج الطبية وقرّر عدم الخضوع لعلاج السرطان هذه المرة. يخبر صديقه: «انتهى الأمر»، ويبدو حاسماً في قراره.

4 أيام

لو كان السيناريو أقل إتقاناً لركّز Truman على محاولة توماس تبديل رأي جوليان. ولكن في هذا العمل، يعي توماس بسرعة أن صديقه لن يعود عن قراره مهما حاول هو أو أي إنسان آخر.

بدلاً من ذلك، يمضي توماس الأيام الأربعة من رحلته إلى مدريد برفقة جوليان، فيما يحاول صديقه حلّ المسائل العالقة في حياته وترتيب أموره مسبقاً كي لا يتحوّل موته إلى عبء على الأحياء.

صحيح أن هذين الرجلين مقربان جداً، إلا أنهما غير متشابهين البتة، ما يؤدي إلى مقدار كبير من الجدل الممتع بينهما.

يميل توماس، وهو عالم في موطنه في كندا، إلى التخطيط والنضال، في حين يبدو جوليان، وهو ممثل لا يزال يعمل على المسرح، شخصاً عاطفياً يميل إلى المبالغة ويهوى إثارة ضجة كبيرة، كما عندما يصبّ غضبه على زملائه الذين يتفادونه لأنه مريض.

تشمل الأوضاع الممتعة على نحو قاتم التي يخوضها الرجلان معاً شراء تابوت والتعامل مع منتج مسرحية يشارك جوليان فيها. لكنهما ينشغلان في معظم الأوقات بالشخصية التي يحمل الفيلم اسمها.

لكن ترومان ليس إنساناً بل كلب مسن وضخم من نوع بول ماستيف يتصرف على هواه. وبما أن ابن جوليان يعيش في أمستردام حيث يتابع دراسته الجامعية، يعتبره جوليان ولده الثاني.

ولما كان جوليان قلقاً حيال خير ترومان، فيخوض محادثة مضحكة مع الطبيب البيطري عن رد فعل الكلب تجاه موته، حتى إنه يجري لقاءات عدة مع عائلات تود تبني الكلب وقد ترثه عندما يموت جوليان.

يعتقد جوليان أن «العلاقات تبقى الأهم في الحياة». ولكن بما أن تطبيق هذا الشعار يبدو أكثر صعوبة مما توقّع، نستمتع بمشاهدة محاولة هذين الشخصين الصادقين. يقول الممثل: «يموت كل إنسان بأفضل طريقة ممكنة». ويتبيّن أن هذه الكلمات تشكّل أسلوب حياة جيداً.

ترومان ليس إنساناً بل كلب مسن وضخم من نوع بول ماستيف
back to top