زيارة مهمة... في وقت مهم!

نشر في 01-05-2017
آخر تحديث 01-05-2017 | 00:22
 صالح القلاب بالتأكيد أن بابا الفاتيكان فرانسيس، الذي قام بهذه الزيارة الأخيرة المهمة جداً لمصر، وفي هذا الوقت وهذه الظروف، وحيث أجرى محادثات مع شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، يعرف سماحة الدين الإسلامي ووسطيته واعتداله، ويعرف أن التدرنات "الثألولية" نبتت على أطراف مسيرته الطويلة، مثل "القرامطة" و"الحشاشين"، الذين لا علاقة لهم بهذا الدين الحنيف، وبالإمكان تشبيههم بـ"داعش" و"القاعدة" و"طالبان" و"النصرة" التي أصبح اسمها "جفش"!

إنه ليس لـ"القرامطة" ولا لـ "الحشاشين" أي علاقة بالمذهب الجعفري الاثني عشري، وبالطبع ولا بأهل السنة، فهاتان مجموعتان ضالتان ومنحرفتان، ليس للدين الإسلامي أي صلة بهما، لا من قريب ولا من بعيد، بل إنهما استهدفتا المسلمين بالسلب والنهب والاغتيالات، وبلغ الانحراف بهما باحتلال الكعبة المشرفة، وانتزاع الحجر الأسود من مكانه، ولم يعيدوه إلا بعدما هدد عبيدالله المهدي، مؤسس الدولة الفاطمية، زعيمهم أبو طاهر القرمطي بأنه إن لم يُعد أموال أهل مكة إليهم، وإن لم يُعد الحجر الأسود إلى مكانه فإنه سيأتيه بجيش لا قبل له به.

إن هذا يعرفه بابا الفاتيكان فرانسيس بالتأكيد، ويعرف أن الأديان السماوية كلها تعرضت لمثل هذه الحالات الانشقاقية، وأنه قبل أن يظهر المسيح عيسى بن مريم، عليه السلام، ظهر خلال مسيرة الدين اليهودي الطويلة عدد كبير من الدجالين، الذين ادعوا أنهم المسيح المنتظر... وهنا فإن المعروف أن اليهود مازالوا ينتظرون المسيح المنتظر، وأنهم لا يعترفون حتى الآن لا بـ"مريم العذراء" عليها السلام، ولا بالمسيح عيسى بن مريم.

والمهم أن زيارة البابا فرانسيس لمصر، وإجراء محادثات مهمة في الأزهر الشريف، مع إمامه الشيخ أحمد الطيب، الذي باعتداله وسعة إدراكه، وبعمق اطلاعه يمثل الإسلام الصحيح ومسيرته السمحة التي هي نقيض كل هذه "التدرنات" الانحرافية الطارئة القديمة والجديدة، تدل على أن هناك فهماً حقيقياً لكل ما يجري في هذه المنطقة، وأن استهداف "الأقباط" ليس استهدافاً إسلامياً للمسيحيين، وإنما مؤامرة دنيئة، وأن "داعش"، الذي يشكل امتداداً للقرامطة والحشاشين، قد ارتكب من الجرائم ضد المسلمين "السنة" أكثر كثيراً مما ارتكبه ضد الإخوة والأشقاء المسيحيين... وكل هذا في حين أن النص القرآني الكريم يقول: "من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".

وهنا فإن المشكلة، التي يجب التنويه لها، هي أن بعض مؤازري نظام بشار الأسد وأتباعه قد دفعوا لدق إسفين في الجسد العربي وفي هذه اللحظة التاريخية المريضة، عندما دعوا إلى ما أسموه "تحالف الأقليات"... والمقصود هو دفع الأشقاء المسيحيين، ومعهم العلويون والدروز والإسماعيليون والأرمن والشراكسة والأكراد، إلى دائرة هذا النظام الاستبدادي الذي لم يوفر رصاصه، ولم توفر سجونه ولا صواريخه لا مسلماً ولا مسيحياً ولا أرمنياً ولا شركسياً... لكن الوعي لطبيعة هذا الصراع المحتدم حالياً في سورية قد أفشل هذه المؤامرة القذرة التي تورط فيها بعض الذين يعتبرون أنفسهم "تقدميين" و"ماركسيين - لينيين" و"قوميين"!

back to top