ظاهرة نفوق الأسماك

نشر في 01-05-2017
آخر تحديث 01-05-2017 | 00:13
أقول لكل الجهات المعنية بسلامة الجون والمياه البحرية لدولة الكويت: الهروب بالمشكلة إلى الأمام لن يساعد الجون باستعادة عافيته، فالمؤشرات والقرارات تشير إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات تلوث المياه وقاع البحر، والزمن لن يعود إلى الوراء ما لم يتعاون الجميع ويتحمل مسؤولياته أمام الوطن.
 أ. د. فيصل الشريفي كوني أحد المختصين ومتابعا للشأن البيئي، وقد عملت مستشاراً للجنة شؤون البيئة في مجلس الأمة، وعايشت أحداث كارثتي النفوق في عام 1999 وعام 2001 اللتين أدتا إلى نفوق آلاف الأطنان من الأسماك مما جعل الجهات الحكومية تدعو اللجنة لمناقشة سبل تدارك أبعاد هذه الكارثة والوقوف على التدابير التي اتخذتها الجهات الحكومية لحماية البيئة البحرية، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بوجود سمية عالية وعدم قدرة الجون على تحمل المزيد من الأعباء البيئية المتزايدة، كما جاء في دراسة الفريق الياباني، حيث ذكر أن قدرة تحمله وصلت للمرحلة الثالثة ولم يتبق إلا المرحلة الرابعة لإعلان الجون منطقة غير آمنة للحياة الفطرية.

من المؤسف أن تستمر التعديات على الجون كل هذا الوقت دون أن تقوم الجهات المسؤولة بدورها لرفع معاناة الجون رغم كل التحذيرات والدراسات والبحوث التي أوصت بخطورة الوضع وضرورة معالجة أوجه القصور.

بعد مرور أكثر سبع عشرة سنة قامت الهيئة بإصدار بيان حملت فيه بعض الجهات مسؤوليتها كإجراء يضعها أمام مسؤولياتها الوطنية، لما يحدث من تعدٍّ على البيئة البحرية، ويخلي مسؤوليتها القانونية تجاه قانون البيئة الذي يلزمها بذلك، وإلا ستتعرض للمساءلة أمام المحاكم الكويتية إذا ما رفع عليها أحد المتضررين تهمة التستر والتقاعس عن دورها الرقابي كما جاء في نص القانون من المادة (155): "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل شخص مكلف بمراقبة تنفيذ أحكام هذا القانون واللوائح والقرارات المنفذة له إذا ما وقعت المخالفة لتلك الأحكام نتيجة مساهمته مع المخالف".

الأحمال البيئية كثيرة ومتعددة، والبعض يريد التنصل منها رغم كثرة الشواهد العلمية والموثقة، ورغم مقاطع الفيديو والصور المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات الفضائية، والتي وثقتها كاميرات المواطنين وجمعيات النفع العام، إلا أن هناك البعض ما زال يكابر وينفي ما تشاهده العين، محاولاً التملص منها، فالحديث المرسل عن سلامة وخلو الشواطئ وسواحل دولة الكويت من الملوثات سابق لأوانه. لست بصدد الدفاع عن أحد، لكن مؤشرات وضع الجون لم تعد مطمئنة، ومن يرد أن يبرئ ساحته فعليه تقديم الدليل، فلا يكفيه تقديم قراءاته الخاصة، فهي ضمن الالتزام الخاص به، فالمسؤول الأول عن المصادقة على صحة هذه البيانات هي الهيئة العامة للبيئة. تحويل قضية تلوث جون الكويت إلى قضية سياسية أمر يحتاج إلى وقفة، فمن غير المقبول أن يطوى هذا الملف دون أن تقدم الحكومة برنامج عمل كفيلا بحماية الجون والمياه البحرية لدولة الكويت من التعديات، فالضغوط البيئية كثيرة ومتعددة ويمكن معالجتها ببعض الإجراءات التي قد تساهم بوقف حالة التدهور بالعمل بالخطوات التالية:

- المراقبة المستمرة على المجارير المرتبطة بالشريط الساحلي من كل الجهات المسؤولة عن ذلك.

- عدم السماح بالربط غير القانوني على شبكات مجارير الأمطار ومخالفة مرتكبيه.

- في حالة عدم قدرة محطات معالجة مياه الصرف الصحي لا بد من تحديد مصير تلك المياه وإخطار الهيئة العامة للبيئة بذلك.

- معالجة أفضل للمياه الخارجة من محطات تحلية المياه وتوليد الطاقة، مع إخطار الهيئة العامة عن نوع وكميات المياه الخارجة من تلك المحطات.

- الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية مطالبة بتقديم أسباب انخفاض مخزون الأسماك في جون وسواحل دولة الكويت كونها المسؤول الأول عن حماية الثروة السمكية، من خلال وضع التشريعات اللازمة للمحافظة عليها من الانقراض.

- متابعة دراسات المردود البيئي للمشاريع والمنشآت القائمة على جون الكويت، ومنها جسر جابر ودراسة الآثار المترتبة عليها وتعزيزها متى ما دعت الحاجة إلى ذلك.

- مراقبة حركة النقل البحري والتأكد من التزام السفن التجارية والنفطية بالتقيد بالاشتراطات البيئية بعدم التخلص من مخلفات الصرف الصحي ومياه التوازن بالمياه الإقليمية الكويتية.

- تشكيل فريق عمل من المختصين لوضع برنامج عمل يمكن وضعه محل التنفيذ لمعالجة الأضرار الواقعة على الجون.

لكل ما سبق ولكل الجهات المعنية بسلامة الجون والمياه البحرية لدولة الكويت نقول الهروب بالمشكلة إلى الأمام لن يساعد الجون باستعادة عافيته، فالمؤشرات والقرارات تشير إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات تلوث المياه وقاع البحر والزمن لن يعود إلى الوراء ما لم يتعاون الجميع ويتحمل مسؤولياته أمام الوطن.

ودمتم سالمين.

back to top