عندما شربت لوبن من نهر النيل

نشر في 29-04-2017
آخر تحديث 29-04-2017 | 00:14
 عبداللطيف المناوي ظلت مارين لوبن تمثل الرقم الصعب في السياسة الفرنسية الحالية خلال السنوات القليلة الماضية، فبعد أن كادت تقترب من قصر الإليزيه في الانتخابات الرئاسية الماضية 2012، أصبحت احتمالات وصولها إلى قصر الحكم أقرب من أي وقت مضى.

تمثل مارين لوبن اليمين الفرنسي، الذي بدأ ينتشر شعبياً في الفترة الأخيرة، خصوصاً مع تصاعد مشكلات الهجرة وتزايد وتيرة الأعمال الإرهابية، فقد سعت دائما إلى تشكيل تحالف قوي بين الأحزاب اليمينية في أوروبا لضمان السيطرة على البرلمان الأوروبي.

كما تمثل القومية الفرنسية بشكلها الجديد، التي تبحث عن مصالحها في الشرق الأوسط، وتهتم بالمواطن الفرنسي، وتتخذ موقفاً معادياً للسياسات الأميركية في أوروبا، والشرق الأوسط، والملاحظ هنا أن عددا من استطلاعات الرأي خلال الأشهر الأخيرة قبيل الانتخابات يرى أن خطاب مارين لوبن أخذ يلقى صدى واسعا لدى الفرنسيين خصوصا بعد تعهدها بإخراج فرنسا من اتفاقية شينغن لحرية التنقل للأشخاص والبضائع في أوروبا، إضافة إلى إعادة الفرنك الفرنسي محل العملة الأوروبية الموحدة اليورو، أو باختصار الخروج من الاتحاد الأوروبي أو هدمه، وهو الاتحاد الذي شبهته بالاتحاد السوفياتي السابق.

ينعكس موقف مارين لوبن هذا على نظرتها إلى القضايا العربية، وموقفها الصارم ضد قضايا الإرهاب، وموقفها المعادي لدول مثل قطر وتركيا، واتهامها لهما بدعم الإرهاب علانية، في حين تتخذ موقفاً مؤيداً لمصر في حربها ضد الإرهاب والتطرف.

مارين لوبن ولدت في 5 أغسطس 1968، وهي ابنة السياسي اليميني جان ماري لوبن مؤسس حزب الجبهة الوطنية ورئيسه السابق، مارست مارين المحاماة ثم أصبحت عضوة في البرلمان الأوروبي في سنة 2004 وأعيد انتخابها في سنة 2009، وهي تترأس حزب الجبهة الوطنية منذ 16 يناير 2011.

مارين ترشحت عن الجبهة الوطنية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2012، وحصلت على نحو 14 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، حيث حلت ثالثة خلف هولاند وغريمه ساركوزي.

أعتقد أن زيارة لوبن إلى مصر، التي قامت بها منذ عامين وكنت أنا من رتب لهذه الزيارة ولقاءاتها في مصر، كانت خطوة إيجابية تصب في مصلحة صورة مصر بل العرب، حيث بدت مصر الدولة الداعية للحوار والقادرة عليه حتى مع من يختلف بشكل كامل في رؤاه، تمثل لوبن الخط المتشدد وتقف مصر موقف من يختار الحوار المتمدن الراقي معها لا لغة الإقصاء والنفي حتى إن كانت هي وحزبها يمارسانهما، كما يعتقد كثيرون.

التقت وقتها لوبن بالإمام الأكبر شيخ الأزهر، والبابا تواضرس، بابا الكنيسة القبطية، ورئيس الوزراء وقتها المهندس إبراهيم محلب، ومسؤولين آخرين، وأود التركيز هنا على لقائها بشيخ الأزهر الذي تم بناء على طلبها، وهو ما يؤكد اهتمامها بالاستماع إلى رأي الدين الوسطي، وفي اللقاء أكد شيخ الأزهر د. أحمد الطيب أنه "لا يوجد إسلام سياسي ولا إسلام متطرف، لكنْ هناك مسلمون معتدلون يفهمون صحيح الدين، وهم كثرة، وآخرون متطرفون وهم قلة أساؤوا فهم الدين"، محملاً "الغرب مسؤولية تفشي تيارات العنف، لأنه احتضن الإرهابيين وأمّن لهم بيئة خصبة لنشر التطرف والعنف في الدول الإسلامية"، وهو ما اتفقت معه عليه لوبن التي طلبت مساعدة الأزهر في فرنسا للتحري عن بئر الإرهاب ثم محاربته، وهو ما رد عليه شيخ الأزهر بأنه تقدم سابقاً بعرض مشروع لتدريب الشيوخ كيف يحاربون أسباب التطرف ولكنه رفض من فرنسا بسبب طبيعتها العلمانية.

لست هنا أعبر عن أمنية بفوزها أو غيرها، ولكن المهم استحضار الذاكرة، لعلها تفيد، كما ذكرت باتت لوبن قريبة من تحقيق هدفها، ورغم أن كل التوقعات تأتي في صف المرشح الآخر ماكرون فإني أودّ أن أذكر هنا أن التوقعات والمؤشرات جميعها كانت تؤكد فوز هيلاري كلينتون، ولكن في النتيجة فاز ترامب.

back to top