هبوط معدل التضخم يهدد أرباح الشركات

نشر في 29-04-2017
آخر تحديث 29-04-2017 | 00:00
مع استمرار هبوط معدلات البطالة إلى مستويات أدنى، سوف تتاح لمزيد من العمال فرصة الحصول على قوة مساومة لرفع الأجور، كما أن كثيرين منهم سوف يلمسون ذلك الجانب ويعمدون إلى الاستفادة منه، ومن شأن ذلك أن يترك لأرباب العمل القليل من الخيارات.
 بلومبرغ • تثير أرقام التضخم الأخيرة قلق الأشخاص الخطأ للأسباب الخطأ... وقد أظهر تقرير شهر مارس الماضي الضعيف عن مؤشر أسعار المستهلكين أن التضخم كان متدنياً وبدد توقعات وافتراضات المستثمرين حول الزيادة الحتمية في معدلات الفائدة من مجلس الاحتياطي الفدرالي، كما عزز المخاوف من بقاء النمو الاقتصادي في حالة ركود، ولكن ذلك القلق في غير محله، وتبدو الأوضاع المالية للعائلات قوية الآن ويشكل المستوى المنخفض للتضخم قلقاً للشركات فقط والتي تبدو غير قادرة على رفع الأسعار وبالتالي حماية أرباحها.

وتجدر الاشارة الى أنه عندما كانت العائلات وأسواق العمل أضعف مما هي عليه الآن كان التضخم المتدني يمثل قلقاً اقتصادياً أوسع، كما أنه في بداية التعافي الاقتصادي من آخر ركود كان سوق العمل ضعيفاً، وكانت العائلات تخفض الديون بعد انتعاش الاقتراض خلال فترة الـ 2000، وعند تلك النقطة من الدورة أفضى الهبوط في معدل الأسعار إلى زيادة في أعباء ديون فعلية بالنسبة الى العائلات ما دفعها الى مزيد من خفض الديون وتقليص الاستهلاك وابقاء الاقتصاد وسوق العمل في حالة صعبة.

وبدلاً من ذلك تمتع الاقتصاد الأميركي بسنوات من معدلات فائدة متدنية سمحت للعائلات باعادة تمويل احتياجاتها ودفع أعباء خدمة الديون الى مستويات متدنية قياسية، وعند هذه النقطة يتعين ألا يفضي الهبوط في الأسعار الى جعل العائلات تخفض من استهلاكها أو أن تسدد ديونها بطريقة بارزة.

تسديد الفواتير

وقد أفضى ذلك الوضع الذي رافقه هبوط في معدلات البطالة الى ثقة أكبر في أوساط المستهلكين ودفعهم الى الاقتراض والانفاق كما شجع العمال على التفاوض من أجل طلب زيادة في الأجر.

ومع استمرار هبوط معدلات البطالة الى مستويات أدنى سوف تتاح لمزيد من العمال فرصة الحصول على قوة مساومة كما أن المزيد منهم سوف يلمس ذلك الجانب ويعمد الى استغلاله والاستفادة منه، ومن شأن ذلك أن يترك لأرباب العمل القليل فقط من الخيارات.

وعلى سبيل المثال سوف يكون في وسع رب العمل أن يقبل بمغادرة العمال وبالتالي سوف يتحمل خسارة الانتاج تبعاً لذلك، أو السماح للعمال بترك العمل وتشغيل بدائل لهم عند المستويات السائدة من أجور السوق، وفي هذه الحالة يمكن لأرباب العمل زيادة أسعار البضائع والخدمات من أجل التعويض عن الزيادة في أجور العمال، وهو اجراء يفضي الى تضخم بغية حماية هوامش الأرباح، ويتمثل الخيار الآخر في رفع أجور العمال من دون زيادة في أسعار السلع وهو ما يفضي الى عدم حدوث تضخم اضافي ولكنه يسبب هبوطاً في الربح.

ويعني الهبوط في معدلات البطالة الذي يؤدي الى ارتفاع بطيء في الأجور وعدم حدوث زيادة في معدل التضخم أن السيناريو الأخير يتمثل في ما يحدث الآن، من ارتفاع الأجور واستقرار الأسعار وهبوط الأرباح.

صورة الأجل الطويل

وفي الأجل الطويل فإن هذا وضع لا يمكن احتماله بالنسبة الى الشركات، لأنه لا توجد شركة تستطيع تحمل زيادة دائمة في أجور العمال من دون أن تعمل على تحميل عملائها نسبة من تلك التكلفة الزائدة، ولحسن حظ الشركات وصلت هوامش الأرباح الى ما يقارب أعلى المستويات في عدة عقود وهكذا سوف يكون في وسع الشركات القبول بهوامش ربح أقل مع حصول العمال على قوة تفاوض أفضل، وفي الوقت نفسه أسهمت هوامش الربح الأعلى في تعزيز نمو المكاسب وتقييمات سوق الأسهم، واذا استبعدنا هوامش الربح المجزية سوف تهبط المكاسب ومعها أسعار الأسهم بطبيعة الحال.

ومع تراجع بريق زخم ما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة قد ينعكس ذلك على المستثمرين، وقد شهدنا ذلك من قبل في صناعات ذات هوامش ربح متدنية مثل المطاعم ومحلات التجزئة ولا يوجد سبب للاعتتقاد أن ذلك سوف يقتصر على هذه الميادين، وقد لاحظ مجلس الاحتياطي الفدرالي في مذكرة صدرت عنه في شهر أبريل الجاري أن الزيادة في الأجور والنقص في سوق العمل قد توسع في شتى ميادين الاقتصاد.

ويعرف عن الأسواق والمستثمرين عدم تذكر ما يزيد على دورتين ماضيتين وهم يميلون الى تفادي المتاعب التي سببتها الدورتان. وفي هذه السنة سوف يعني هذا "هزات طلب سلبية" كبيرة على غرار ما شهدناه في ركود سنة 2001 والأزمة المالية العالمية في 2008، ولكن على الرغم من ذلك وبعد حالتي الركود المذكورتين، اكتشفت الشركات أنها حصلت على قوة تفاوض أفضل مع عمالها وموظفيها، ما أفضى الى ركود الزيادة في الأجور، ولكن مع نمو الأرباح بصورة كبيرة.

لكن الوضع الراهن يطرح صورة مختلفة، وغير مسبوقة كما يبدو، من توظيف تام مع تضخم منخفض، ما يعطي العمال اليد العليا ويضغط بشدة على هوامش الربح، وقد لا يفضي ذلك إلى نسف الاقتصاد، ولكنه قد يؤثر على بيانات أرباح الشركات في الولايات المتحدة.

*Conor Sen

من المعروف عن الأسواق والمستثمرين أنهم لا يتذكرون أكثر من دورتين ماضيتين وهم يميلون إلى تفادي متاعب التجارب السابقة
back to top