يهرف بما لا يعرف!

نشر في 24-04-2017
آخر تحديث 24-04-2017 | 00:25
 صالح القلاب لم يكن صدى "الشتائم" والادعاءات التي وجهها بشار الأسد إلى الأردن، وهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها مثل هذه "الأباطيل" إلى بلد مجاور شقيق، قد تلاشى بعد، حتى أغارت الطائرات الإسرائيلية على موقع للجيش السوري في هضبة الجولان، التي كانت قد سُلّمت تسليماً للإسرائيليين في حرب عام 1967، ودمرت دبابة وقتلت 4 جنود سوريين، وكان الرد أن نظام "المقاومة والممانعة" شن غارات جوية ليس على "العدو الصهيوني" المحتل، ولكن على مدينة درعا والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وعلى القابون في ضواحي دمشق ومناطق الغوطة الشرقية.

كان الفلاحون في بلادنا، وأيضاً أهل البادية، يصفون الرجل الجبان بأنه بعد أن يشبعه الرجال ضرباً وإهانات وصفعاً على وجهه وركلاً على مؤخرته في الخارج، يعود إلى بيته لـ "يكُب شره" على زوجته وأولاده، ويبالغ في استعراض "مراجله"، ليتعالى صراخ هؤلاء ويسمعه الجيران، فيظهر كأنه أشجع الشجعان، الذي لا يقعقع له بشنان.

ربما كانت هذه الغارة الإسرائيلية هي الألف أو أكثر التي تستهدف سورية ومواقع الجيش السوري والمطارات السورية التي أصبحت إيرانية وروسية، ومن دون أي رد، بل بردّ في اتجاه معاكس على القرى والمدن السورية المدمرة، وعلى مواقع المعارضة السورية حتى عندما لم تكن قد امتشقت السلاح بعد، وهذا يذكرنا ببيت الشعر العربي القائل:

أسد عليّ وفي الحروب نعامة

ربداء تجفل من صفير الصافر

وقبل ساعات قليلة من هذه الغارة الإسرائيلية الجديدة، كان الأسد، خلال لقاء صحافي مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، يهاجم الأردن بعنف، ويصفه بأنه بلد غير مستقل وأنه عبارة عن "أرض" لا دولة، وأن أميركا لو أرادت استخدام الشمال الأردني لاستخدمته، وهنا فإنه لابد من التذكير بالمثل القائل: "رمتني بدائها وانسلت"، فالمفترض أن ينظر الرئيس السوري لنفسه قبل أن يكيل كل هذه الشتائم للآخرين، وحيث إنه غدا بلا أي صلاحيات، لا رئاسية ولا غير رئاسية، فالقرار في هذا البلد العربي أصبح في أيدي الروس والإيرانيين، وأصبح حتى حسن نصرالله يملك فيه أكثر مما يملك بشار، سواء بصفته رئيساً أو أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي غاب عن المشهد نهائياً منذ عام 2011 وحتى الآن.

وهكذا، فقد كان على بشار قبل أن يقول إن القرار الأردني في يد الولايات المتحدة أن يتذكر هذه الحقائق الآنفة الذكر كلها، وأن يتذكر أن سورية هي التي لم تعد مستقلة، وأنها محتلة عسكرياً وسياسياً وقراراً وموقفاً أولا من قبل الروس، الذين حتى نائب وزير خارجيتهم ميخائيل بوغدانوف يعرف عنها أكثر بألف مرة مما يعرف هذا الذي من المفترض أنه رئيسها، وثانياً من قبل الإيرانيين الذين أصبحت لهم مستوطنات قبالة القصر الجمهوري في "المهاجرين" تشبه المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان التي سلمها والده وزير الدفاع حافظ الأسد للإسرائيليين ببلاغ عسكري قبل سقوطها بيومين.

ثم إن حكاية أن الأردن مجرد أرض لا دولة، فقد كان عليه أن يسأل أوصياءه أولاً فلاديمير بوتين وثانياً السلطة في طهران عن صحة وحقيقة هذا الذي قاله.

إن المملكة الأردنية الهاشمية يشهد لها العالم كله بأنها رمز الدول المتطورة الناهضة والمستقرة، وإلا لما صمدت كل هذا الصمود الأسطوري وهي بين ألسنة النيران، ولما نالت احترام أشقائها وأصدقائها في الكرة الأرضية كلها.

back to top