انسحِب وأنت في المقدّمة!

نشر في 19-04-2017
آخر تحديث 19-04-2017 | 00:04
No Image Caption
يكون الانسحاب أشبه بإعادة ترتيب الغرف: بعدما نعتاد الوضع القائم، قد يصعب علينا أن نتصور النتيجة النهائية أو نفهم سبب التغيير. مع ذلك سنشعر بأن الظروف الراهنة لم تعد ترضينا أو أنّ الجمود في حياتنا لم يعد مقبولاً.
لا عجب في أن تنشأ مشاعر الندم بعد حصول انقلاب شامل في الحياة، لكن قد يمهّد التخلي عن منصب مهني أو مشروع مهمّ أو وضع ثابت لظهور احتمالات مثيرة للاهتمام وتجديد الوحي والانتعاش. لماذا يصبح الانسحاب مفيداً إذاً في بعض الظروف؟

غيّر وجهة نظرك

تؤجج الاستقالة مشاعر عدة مثل الذنب والعار، لذا يمكن أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب هذا القرار. نتعلّم منذ مراحل مبكرة من حياتنا أن الانسحاب مرادف للفشل، لذا يقترح الخبراء أن ننظر إلى هذا القرار بطريقة إيجابية باعتباره سلوكاً يتطلب قدراً عالياً من الشجاعة وعمق البصيرة والثقة. وبدل الشعور بالخجل، يجب أن نقدّر قيمة التوقف في الوقت المناسب.

يصبح الوقت مناسباً لاتخاذ هذا القرار حين تبذل جهوداً شاقة لتحقيق هدف معيّن من دون تسجيل أي تحسّن ملحوظ. قد يحاول زوجان إنقاذ علاقتهما المضطربة مثلاً عبر العلاج النفسي أو تجديد المواعيد العاطفية لكن بلا جدوى. بعد هذه المرحلة، يصبح الانفصال قراراً منطقياً.

حين تقرر أنّ وقت الانسحاب حان، تذكّر أنك مسؤول عن طريقة توجيه هذه الرسالة. قد يتعامل الأصدقاء وأفراد العائلة مع قرار التغيير بشيء من القلق. لذا يقترح الخبراء أن تشرح سياق قرارك وتعرض الخطوات التي تنوي اتخاذها في المرحلة المقبلة. يمكن أن تتغير ردود فعل الناس تجاه قرارك حين تخبرهم بالخطة التي تريد تنفيذها. كذلك يعزّز تقاسم الخطط المستقبلية قوة إرادتك.

حَسِّن نوعية حياتك

يأتي قرار الانسحاب أو الاستقالة غالباً حين تشعر بالحزن أو الخوف، أو حين تقتنع بأنك لا تملك أي خيار آخر، وقد تعطي هذه العوامل كلها آثاراً معاكسة على صحتك. ربما تعتبر أن عملك ليس مرضياً بما يكفي، أو ربما تتورّط في علاقة جديدة قبل أن تصبح مستعداً لهذا النوع من الالتزام، لذا تعيش تحت ضغوط هائلة.

إذا أصبح الضغط النفسي مزمناً وخارجاً عن السيطرة، سينعكس سلباً على صحتك الجسدية. في هذا السياق، أعلنت «جمعية علم النفس الأميركية» أن الضغط النفسي المتواصل يزيد خطر ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والجلطات الدماغية، لذا يسمح الابتعاد عن مسببات المشكلة باكتساب منافع صحية على المستويين الجسدي والعاطفي. عموماً، نلاحظ تراجعاً في مستوى هرمون الكورتيزول المرتبط بالضغط النفسي ويمكن أن ينخفض في الوقت نفسه معدل ضغط الدم وتتباطأ ضربات القلب.

كذلك يمكن أن يؤثر قطع الروابط الشائبة في المزاج بدرجة هائلة. وفق دراسة نُشرت في مجلة «العلاقات الإنسانية» في عام 2011، تبيّن أن البقاء في وظيفة نكرهها من باب الواجب أو غياب الخيارات المتاحة قد يرفعان مستوى الضغط النفسي والإرهاق والإجهاد العاطفي. من الشائع أن يشعر الشخص المعنيّ بحزن عابر بعد حصول تغيير جذري في حياته، لكنه سيلاحظ آثاراً إيجابية على المدى الطويل وسيشعر براحة تامة بشرط أن يختار النشاط الذي يحبّه فعلاً.

حدّد شغفك وحقّق هدفك

حين تتخلى عن الظروف التي تحرمك من السعادة، ستحصل على الوقت الكافي لاستكشاف مشاعرك الحقيقية والتصرف بناءً عليها. في دراسة نُشرت في عام 1999، حلل الباحثون المرحلة الانتقالية التي مرّ بها عدد من المصرفيين استعداداً لأداء أدوار مختلفة تتطلب منهم مجموعة من المهارات الجديدة: طُلِب من شخصٍ أمضى فترة طويلة في العمل على الحواسيب مثلاً أن يخوض تفاعلات شخصية مع الناس. لتحقيق هذه الغاية، طُلِب من المشاركين أن يتدربوا على نسخة من مهامهم المستقبلية عبر «استراتيجيات مبنية على التقليد».

يقترح عليك الخبراء مقاربة مماثلة لتحديد رغباتك الحقيقية في المرحلة التي تلي استقالتك وينصحونك بتخيّل وضعك المستقبلي مسبقاً. تظاهر بأنك تتمتع بشخصية معيّنة واذهب لمقابلة أشخاص يقومون بما تريد فعله. جرّب هذه الطريقة وراقب مشاعرك كي تعرف إذا كان هذا القرار يناسبك. ربما لا تشعر بالمنافع فوراً لكن من خلال التخلي عن وضعٍ لا يبدو لك سليماً، ستتمكن من إيجاد الطريق الصحيح!

back to top