بريطانيا تطلق إجراءات الانفصال عن أوروبا

بعد 9 أشهر على التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الاوروبي، باشرت بريطانيا رسميا أمس عملية بريكست التاريخية، للانفصال عن التكتل الذي انضمت إليه بتحفظ قبل 44 عاما، وتشمل عامين من المفاوضات الصعبة قبل الانفصال التام في ربيع 2019.

وقامت رئيسة الوزراء تيريزا ماي بهذا الإعلان التاريخي غير المسبوق في تاريخ المشروع الأوروبي الذي يصادف الذكرى السنوية الستين لتأسيسه في نهاية الاسبوع الماضي، امام البرلمان في وستمنستر.

وأخطرت ماي رسميا أمس الاتحاد الأوروبي، لتبدأ محادثات الخروج التي تستمر عامين، لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، الخاصة بإعادة هيكلة الاتحاد الأوروبي، والتي تحكم عملية خروج أي عضو من الكتلة المكونة من 28 عضوا.

ودعت ماي نواب وشعب بريطانيا إلى الوحدة للتوصل إلى أفضل اتفاق ممكن مع الاتحاد الاوروبي، بعد إطلاق آلية بريكست، مشددة على أنه لا عودة الى الوراء.

وقالت ماي أمام النواب: «آن الاوان لان نتحد ونعمل للتوصل الى أفضل اتفاق ممكن»، مضيفة انها «لحظة تاريخية»، ولم يعد من الممكن الآن «العودة الى الوراء».

وأشارت إلى أن مصير المواطنين الأوروبيين في بريطانيا أولوية، مضيفة: «نسعى لضمان حقوق المواطنين الأوروبيين الذين يقيمون في بريطانيا بأسرع وقت ممكن، سنعطي هذا الامر أولوية»، وأقرت بأنه ستكون هناك عواقب خصوصا اقتصادية على البلاد. «لكن اياما افضل امامنا» داعية البلاد الى البقاء موحدة.

وتابعت: «اخترت ان اؤمن ببريطانيا وبفكرة ان اياما أفضل أمامنا»، مشددة على الفرصة الوحيدة التي يمثلها خروج البلاد من الاتحاد، كما وعدت بأن تبقى بريطانيا أفضل صديق للاتحاد الاوروبي.

وعند انتهاء خطابه، قال زعيم المعارضة في بريطانيا جيرمي كوربن إن الأهم من الرغبة في الخروج هو كيفية الخروج، متسائلا: «كيف لماي ان توحد البلاد وهي لم تستشر الجميع».

ولا تزال بريطانيا تشهد انقساما كبيرا بين مؤيدي ومعارضي خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي الذي أيده 52 في المئة من السكان في 23 يونيو 2016.

أسكتلندا

وفي أسكتلندا، وافق النواب أمس الأول على إجراء استفتاء جديد حول الاستقلال بعد الاستفتاء الاول في سبتمبر 2014.

وأعلنت رئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستورجن أن «الظروف تغيرت مع بريكست»، مذكرة بأن شعبها صوت بنسبة 62 في المئة لمصلحة البقاء في الاتحاد الاوروبي.

وإن كانت ماي تكرر بأن «الوقت ليس مناسبا»، إلا أنه لن يكون بوسعها تجاهل هذا الطلب الذي يهدد بتقسيم المملكة المتحدة.

هاموند

وقال وزير المالية البريطاني فيليب هاموند أمس إنه واثق من أن بلاده ستتفاوض بشأن ترتيب جمركي مع الاتحاد الأوروبي يضمن عدم وجود عوائق حدودية قدر المستطاع، بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.

وخلال مقابلة، قال هاموند ردا على سؤال عن الترتيبات الجمركية بعد الانفصال البريطاني: «الجميع في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سينخرطون في هذه المفاوضات سعيا وراء حماية مصالحهم».

وأضاف: «ليس من مصلحة أحد في القارة الأوروبية أن تصطف الشاحنات في طوابير انتظار. هذا ليس من مصلحة ملايين العاملين في الاتحاد الأوروبي الذين يمضون يومهم في إنتاج سلع لبيعها في المملكة المتحدة».

وأوضح أنه سيتعين على بريطانيا تقديم تنازلات للاتحاد الأوروبي، لضمان التوصل إلى أفضل اتفاق لخروج بريطانيا من الاتحاد، وقال: «كل المفاوضات تتضمن عطاء وأخذا من الجانبين، وعلينا الدخول في هذه المفاوضات متفهمين ومتقبلين أنه يتعين علينا تقديم شيء ما، وأخذ شيء ما للتوصل إلى أفضل اتفاق ممكن لبريطانيا».

وأفاد بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيضمن لبريطانيا استعادة التحكم في الهجرة، بالإضافة إلى إعادة تأكيد سيادة البرلمان والقضاء البريطانيين.

مواقف أوروبية

من جانبه، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أمس أن الاتحاد يفتقد بريطانيا من الآن، بعدما قامت بتفعيل آلية الخروج من صفوفه، مؤكدا أنه ليس يوما سعيدا.

وقال توسك، في تصريح صحافي مقتضب، «نحن نفتقدكم من الآن»، وذلك بعد تسلمه رسالة ماي، مضيفا: «لا يمكن القول إنه يوم سعيد».

من جهتها، أعلنت متحدثة باسم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أن المملكة المتحدة، التي أطلقت أمس آلية الخروج من الاتحاد الاوروبي، تبقى شريكا لاوروبا والحلف الاطلسي.

وقالت اولريكي ديمر، في مؤتمر صحافي بعد دقائق من بدء لندن عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي، «يجب ألا ننسى أن المملكة المتحدة تبقى شريكا في الحلف الأطلسي وفي أوروبا».

أما المستشار النمساوي كريستيان كيرن فقد توقع أن تكون الديون المستحقة الكبيرة على بريطانيا للاتحاد الأوروبي من القضايا الأكثر صعوبة خلال محادثات الخروج من الاتحاد.

وقال كيرن في بيان: «في ظل التقديرات بأن بريطانيا لا تزال مدينة للاتحاد الأوروبي بـ60 مليار يورو (65 مليار دولار)، فإن هذا سيتحول بالتأكيد إلى صراع صعب».