الفنانة اللبنانية ورد الخال: كنت محبطة فنياً وجاء «ثورة الفلاحين»ليرضي تطلّعاتي الدرامية

نشر في 29-03-2017
آخر تحديث 29-03-2017 | 00:04
الفنانة اللبنانية ورد الخال
الفنانة اللبنانية ورد الخال
ربما يصعب علينا إيجاد العبارات المناسبة لوصف مسيرة الممثلة اللبنانية ورد الخال المليئة بنجاحات وأعمال شكّلت علامة فارقة في الدراما اللبنانية، والعربية عموماً. تنتقي أدوارها بعناية كبيرة وتلفت الأنظار في كل عمل تطلّ به بأداء متميز يختلف بين عمل وآخر، وذلك يجعلها إحدى أنجح نجمات التمثيل في العالم العربي. اليوم، هي في مرحلة تبحث فيها عن الشخصيات المركبة بعيداً عن التكرار، وهذا ما يبرّر قلّة إطلالاتها على الشاشة لأنها تنشد النوعية لا الكمية. تزامناً مع تصويرها مشاهد مسلسل «ثورة الفلاحين»، التقينا ورد الخال وكان هذا الحوار.
كيف تختصرين أجواء تصوير مسلسل «ثورة الفلاحين»؟

أجواء التصوير جميلة جداً. ثمة انسجام كبير بين الممثلين، من ثم كل ممثل سعيد بالدور الذي يجسّده، ونشعر بأننا عائلة واحدة لوجودنا معاً في منطقة جزين جنوب لبنان، حيث نصوّر المشاهد منذ ثلاثة أشهر. ظروف التصوير صعبة نوعاً ما كوننا نخوض عملاً مرهقاً، ولكن في المقابل المتعة التي نشعر بها خلال التصوير أكبر بكثير من التعب.

ماذا تقصدين بظروف تصوير صعبة؟

تدور أحداث العمل حول حقبة زمنية بعيدة، لذا الأجواء المحيطة بنا لا بد من أن تسير بناء على ذلك بأدق التفاصيل. مثلاً، نصوّر المشاهد في مكان قديم يفتقر إلى أدنى وسائل الراحة، والملابس التي نرتديها غير عملية والتنقل فيها من مكان إلى آخر أمر صعب إلى حدّ ما، فضلاً عن التحضيرات التي تسبق التصوير وترهقنا غالباً كونها تحتاج إلى وقت طويل. أضف إلى ذلك عامل الطقس الصعب لأننا نصوِّر في موقع مرتفع عن سطح البحر حيث الحرارة متدنية، علماً بأن شركة الإنتاج حرصت على تأمين وسائل التدفئة اللازمة، ولكن الأخيرة لا تكون موجودة أثناء التصوير الذي يمتدّ ساعات طويلة. كلّها ظروف صعبة تسبب لنا إرهاقاً جسدياً كبيراً.

ومتى تنتهي مرحلة التصوير؟

من المتوقع أن ينتهي التصوير في بداية فصل الصيف، ولكن قبل ذلك سنصوّر بقية المشاهد في مناطق لبنانية مختلفة.

شخصية مضطربة

حدّثينا عن الشخصية التي تجسدينها في العمل.

أجسّد شخصية «لميس» التي تنتمي إلى طبقة البكاوات والإقطاعيين، وتعاني عقداً نفسية وتصرفاتها غير متوقعة غالباً. هي تتأرجح بين الخير والشر، لذا تتعاطف معها أحياناً وتكرهها أحياناً أخرى. الدور جديد بالنسبة إليّ وإلى الناس، أتحدى فيه ذاتي لأنه فعلاً أحد أصعب الأدوار التي أديتها في حياتي وأتمنى أن يكون أجملها، فأنا حريصة على عدم تكرار الشخصيات خصوصاً أنني في مرحلة أنتظر فيها أعمالاً من هذا النوع. بالتالي، أحاول قدر المستطاع التنويع في الشخصيات واختيار المعقدة والمركبة منها فيما لا تستهويني تلك السهلة والبسيطة. عموماً، لا شك في أنها شخصية متعبة ولكنها ممتعة أيضاً كونها تحفزني على تقديم أفضل ما لدي كممثلة، من ثم لن يكون دوري رتيباً أو عادياً بل جديداً في كل ما للكلمة من معنى.

ما الذي شجعك على قبول المشاركة في «ثورة الفلاحين» خصوصاً أنك معروفة باعتماد مبدأ الانتقائية في الأعمال التي تخوضينها؟

جذبتني توليفة العمل، فضلاً عن أنه أول تعاون لي مع الشركة المنتجة Eagle Films التي بدورها تخوض تحدياً كبيراً في «ثورة الفلاحين» لأن الدراما اللبنانية لم ولن تشهد مثله. شجعني هذا التحدي على قبول المشاركة، والممثل عموماً يطمح إلى أعمال ترضيه من مختلف النواحي: الإنتاج، والإخراج، والنص، وتوليفة الممثلين، والشخصيات، والحقبة التي يتناولها العمل. أشير إلى أن «ثورة الفلاحين» ليس اسم المسلسل النهائي، فمن المتوقع اختيار اسم آخر مع الإبقاء على عبارة ثورة الفلاحين كونه لا يتناول طبقة الفلاحين فحسب، بل إن شقاً كبيراً منه يدور حول البكاوات والإقطاعيين والصراع بين الطبقتين. من هنا، رأى المنتجون أنه يحتمل عنواناً أكبر.

غياب ولكن...

ما سبب غيابك الطويل عن الدراما اللبنانية، خصوصاً أن آخر عمل لبناني شاركت فيه كان مسلسل «عشق نساء» الذي حقق نجاحاً لافتاً.

غبت عن الدراما اللبنانية نحو ثلاث سنوات لأنني مررت بفترة شعرت فيها بإحباط فنّي كبير بسبب الأعمال التي عُرضت عليّ آنذاك.

وكان «ثورة الفلاحين» كفيلاً بأن يغيّر نظرتك تجاه الدراما اللبنانية التي لطالما كنت ناقمة على المستوى الذي تقدّمه؟

أغار على الدراما اللبنانية، وأبحث دائماً عن الدور الذي يضيف إليّ، وأحرص على مفاجأة نفسي قبل الناس لأنني أملك القدرة على الظهور بشخصيات جديدة إلى أبعد الحدود وتقديم أداء جديد في كل مرّة، الأمر الذي بتنا نفتقره لدى ممثلين كثيرين يظهرون بشخصيات مختلفة فيما الأداء يبقى هو نفسه. لذا حرصت على أن يكون أدائي شخصية «لميس» جديداً من مختلف النواحي، من الصوت إلى الشكل ولغة الكلام وغيرها من تفاصيل.

ولكن الغياب الطويل أمر غير صحي.

لا شك في أن الغياب لفترة طويلة أمر غير صحّي، ولكن انتظاري عملاً يرضي تطلعاتي لم يذهب سدىً لأن الله وضع في طريقي مسلسلاً يستحق الانتظار. من جهة أخرى، نسمع في الآونة الأخيرة عبارة «بدنا نقعد العالم بالبيت» التي يرددها كثيرون من مختلف المجالات. من المعيب جداً تداول مصطلح مماثل لأن لا أحد، بصرف النظر عن المجال الفنّي الذي يزاوله، يستطيع أن يحلّ محلّ شخص آخر، فالفنان الذي يغيب لفترة طويلة إنما يفعل ذلك لأنه لم يتلق عرضاً على قدر المستوى ويرضي طموحاته وتطلعاته. من ثم، غيابي عن الدراما ناتج عن خيار شخصي وليس بسبب أحد، علماً بأنني تلقيت عروضاً من لبنان ومصر إلا أنها لم تناسبني، كذلك شاركت في الجزء الثاني من «خاتون» ومن المتوقع أن يعرض خلال رمضان المقبل. في المقابل، أخشى ألا أؤدي بعد «ثورة الفلاحين» دوراً بمستوى «لميس»، ولكنني متأملة خيراً. وكن على ثقة في أن نجاح الفنان لا يقاس بكمّية الأعمال التي يظهر فيها.

ألا تعتقدين أن الأفضلية باتت للوجوه الجديدة؟

ليس بالضرورة، علماً بأن كل وجه جديد من الطبيعي أن يعمل جاهداً للمشاركة في أكبر عدد ممكن من الأعمال ليصنع لنفسه مكاناً في الساحة الفنّية. ولكن قصدت في حديثي السابق الأسماء التي تركت بصمة في الدراما اللبنانية، والتي يجب أن تختار بدقة أكبر الأعمال التي ستطلّ فيها وتعتمد مبدأ التروي لتجنب الإقدام على خطوة ناقصة تحاسب عليها.

نجاح

معروف عنك أنك تكرهين الفشل. إلى أي حدّ أنت مقتنعة من نجاح المسلسل؟

لا شك في أنني أتمنى كل الخير لمسلسل «ثورة الفلاحين»، ولكن النجاح يأتي من عند الله، وبالتالي لا يمكن استباق النتيجة. أذكر هنا أن أي عمل ربما يقع ضحّية ثغرات عدة، ويبقى دور الممثلين وفريق العمل تنفيذ عمل كامل متكامل من مختلف النواحي، إذ لن يحقق النجاح المطلوب إن لم تتوافر فيه العناصر اللازمة من نص جميل وممثلين مجتهدين ومخرج مبدع وإنتاج ضخم. بهذه العناصر نكون قطعنا نصف الطريق بانتظار تقييم الجمهور الذي يبقى الحكم الأول والأخير.

أحد الممثلين المشاركين في المسلسل شبّهه بمستوى «حريم السلطان». إلى أي حدّ توافقينه الرأي؟

شبهه بـ «حريم السلطان» من ناحية الصورة الجميلة، كذلك الواقعية التي سيستمتع الناس بمشاهدتها وستكون مقنعة بأدق تفاصيلها، وربما إنتاجياً أيضاً كونك ستلمس فيه ضخامة لافتة.

صرّحت الكاتبة كلوديا مرشليان بأن المسلسل لن ينقل وقائع تاريخية عن الثورة التي قادها الفلاحون عام 1860. هل ترين في ذلك خطوة ناقصة ربما توقع العمل في بعض المطبات؟

أبداً. القصة التي كتبتها كلوديا مرشليان خيالية تدور أحداثها خلال هذه الحقبة التاريخية، والعمل ليس وثائقياً ولا ينقل وقائع تاريخية، رغم أن الأحداث تتناول الصراع بين الفلاحين والإقطاعيين الذي كان موجوداً آنذاك. يعكس العمل في الوقت نفسه واقعاً لا نزال نعيشه حتى يومنا، أي الهيمنة والظلم، والغني الذي يأكل حق الفقير... يعالج «ثورة الفلاحين» هذه الأمور ولكن في إطار مرتبط بالحقبة التي يتناولها.

غياب وأعمال دون المستوى

سألنا الممثلة ورد الخال عن سبب غيابها عن السينما اللبنانية فأشارت إلى أنها بانتظار فيلم يرضي طموحاتها، لافتة إلى أن الأعمال الراهنة لا تستهويها. وحول ما إن كانت هذه الإنتاجات السينمائية تأخذ منحى تجارياً ذكرت: «اتجاه بعض الإنتاجات نخبوي، ولكنه في المقابل يحمل نفساً تجارياً في مواضيعه، خصوصاً تلك المرتبطة بالمحرمات والتي باتت قضايا مرّ عليها الدهر، وحتى هوليوود لم تعد تطرحها في أفلامها». وتابعت أن ثمة أفلاماً لبنانية لا تمثّل واقع المجتمع اللبناني ولا صورته، بل تعكس فئة معينة فحسب، لافتة إلى الانحطاط الفنّي الذي تشهده الساحة الفنية عموماً في الأونة الأخيرة كتقديم أغانٍ دون المستوى يبرر أصحابها إطلاقها بأن المجتمع متفلت و«الجمهور عايز كده»، رافضة جملة وتفصيلاً هذا التبرير الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة. كذلك أشارت إلى أنه لا يحق لهؤلاء أن يشملوا المجتمع كله ضمن هذا التوصيف، وبالتالي يجب محاسبتهم ليس على أعمالهم المبتذلة فحسب إنما أيضاً على أقوالهم. وختمت: «يجب إيصال أفكارنا بصورة راقية فكفى سخافة وابتذالاً على الصعد كافة!».

«ثورة الفلاحين» عمل جديد لم يسبق أن شهدت مثله الدراما اللبنانية

«لميس» إحدى أصعب الشخصيات التي خضتها في حياتي
back to top