لا تزينوا وسائل استعباد الوافدين!

نشر في 26-03-2017
آخر تحديث 26-03-2017 | 00:19
 عبدالمحسن جمعة في 3 مقالات سابقة لي بعناوين "وافدون... أم عبيد... يا حكومة 1 و2"، و"لماذا اللهجة الحادة تجاه الوافدين؟"، وغيرها من المقالات، انتقدت فيها إجراءات المرور والإقامة التي تشمل الوافدين، بينما كان الجميع صامتاً، إذ أكدت فيها أهمية مراعاة حقوق المقيمين في البلد، ولكن لا يعني ذلك إطلاقاً أن يكون على حساب وطني، وتسهيل الظروف لنخاسي الإقامات، والاتجار بأحلام "الغلابة" ليستمروا في نشاطهم ببقاء البيئة الحالية المناسبة لهم.

هناك بعض "الإنسانيين" المنفصلين عن الواقع أو الحاقدين الذين يريدون الانتقام من مجتمعهم لسبب سيكولوجي ما لديهم، فهل من المنطق إذا أخطأت السلطة وخربت الواقع الاجتماعي، ومعها بعض الجشعين، أن نسكت جميعاً، ونقول إننا لن نفعل شيئاً، وليذهب البلد والمجتمع إلى الجحيم؟!

نعم الحكومة أخطأت، وتجار الإقامات واستغلال البشر ارتكبوا الجرائم، وأدى تخريب قيم المجتمع وسلوكياته إلى الاتكالية، والاعتماد على الخادم والخادمة، والفني والسائق الوافد، ولكن هل يعني ذلك أن نقف مكتوفي الأيدي، و"نترك القرعة ترعى"، وتخرب مرافقنا الصحية وخدماتنا العامة، وتخرج مليارات الدولارات من بلدنا دون رسوم أو ضريبة، بينما يستدين البلد لدعم حسابه الجاري، فيما تلاحق الحكومة ملفات المعاقين والأرامل والمطلقات لجني بضع مئات من ألوف الدنانير؟!

إنه منطق أعوج يسهم في دعم سوق النخاسة المعاصر، لأنه سيأتي بمزيد من العمالة، التي يعلم تاجر الإقامات أنه لن يتحمل تكاليفها، أو يتحمل تبعية وجودها في البلد، ولكن عندما يتحمل الكفيل تكلفة الوافد فلن تصبح هذه التجارة مجدية، وسيزيد الإقبال على الوافد المؤهل، والمهني والمدرب، الذي يحتاج إليه السوق، وسيرتفع بالتبعية راتبه، ولكن بقاء الأمر كما هو عليه سيمثل الوضع الأمثل لـ"النخاسين".

هناك أنواع مختلفة من النخاسين، فمنهم من يبيع الإقامات مباشرة للوافدين، وآخر يريدهم أن يستأجروا عقاراته بتكديس عمارات في حولي والسالمية والفروانية والمنقف بمواصفات رديئة بلا مواقف، وتكديس الناس فيها لخلق مدن مشابهة في طبيعتها مدن العشوائيات، وهناك نخاس آخر لا يهمه تخريب المستشفيات والعيادات الحكومية بالضغط الهائل عليها من الأجانب، ما دام يبيع الأدوية والتجهيزات الطبية للحكومة بأعلى الأسعار.

في الولايات المتحدة الأميركية هناك مجرم أميركي يهرب المكسيكي واللاتيني عبر الحدود إلى بلده، وأيضاً على أطراف الجزر اليونانية والإيطالية بحارة أوروبيون يهربون اللاجئين إلى أوروبا، وفي الأوساط التشريعية الأميركية هناك من تلاعب بالتشريعات من السياسيين فيما يتعلق بالهجرة، للسماح لملاك الإقطاعيات الزراعية بالاستفادة من العمالة الأجنبية الرخيصة، ولكن هل منعت تلك الممارسات تلك الدول من حماية مرافقها ومستشفياتها واقتصادها الوطني حتى بمد النطاق الضريبي لمن يحمل هويتها ولا يقيم على أراضيها؟!

الآراء الغريبة التي تصف الآخرين بالعنصرية، وتحتكر الإنسانية لنفسها تدعونا إلى أن نترك الوضع على ما هو عليه، فهي غير معنية بما سيحدث للبلد، وتجلد نفسها وتجلدنا معها في كل مناسبة بما فعل المتجاوزون وبعض أطراف السلطة في تركيبة المجتمع والقوى العاملة فيه من خلل دون أن يعلمونا ما الحلول، وهم عملياً يدعون إلى بقاء البلد على وضعه الحالي بيئة مناسبة لكي يكبر سوق النخاسة دون فعل أو حراك من أهل الكويت لإنقاذ وطنهم.

back to top