فجر يوم جديد : «الزخم على الأبواب»!

نشر في 23-03-2017
آخر تحديث 23-03-2017 | 00:00
 مجدي الطيب تعاني المهرجانات السينمائية المصرية مشاكل وأزمات تتعلق، في غالبيتها، بالتمويل والتراجع المخيف في الموازنة بالشكل الذي يعوق تحقيق الطموحات، ويُعرقل مسار الخطط، وتنفيذ الأهداف، نتيجة لضياع الوقت في طرق أبواب القيادات، والتمسح بأستار الوزارات، للحصول على الدعم الذي يكفل للمهرجان انطلاقه، حتى لو لم يضمن استمراره!

المفارقة المُدهشة أن الأزمة لا تطاول المهرجانات حديثة العهد فحسب، وإنما أحكمت الخناق على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يُعد أحد أعرق المهرجانات الشرق أوسطية، لكنه يعاني تجاهلاً عجيباً، وإهمالاً ملحوظاً، من أجهزة الدولة، وعلى رأسها أجهزة وزارتي الثقافة والسياحة، وأقرب مثال على هذا التخاذل غير المبرر من وزارة السياحة في تسديد مبلغ الدعم المخصص للمهرجان، والبالغ مليوني جنيه مصري، رغم انتهاء الدورة الثامنة والثلاثين (15 – 24 نوفمبر 2016)، فيما تتبنى وزارة الثقافة موقفاً متعنتاً تمثّل في تجميد المستحقات المالية للمهرجان، وللمتعاملين مع دورته الأخيرة، فضلاً عن التأخير المتعمد، وغير المفهوم، لقرار التجديد لإدارته الحالية أو تعيين إدارة جديدة، رغم ضيق الوقت المطلوب للتحضير للدورة الجديدة !

في سياق الأزمة لا نستطيع تجاهل المشهد الشهير للكاتب والسيناريست سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، وهو يدخل في اعتصام علني، وإضراب مفتوح عن الطعام، في مقر وزارة السياحة المصرية، بسبب ما قيل عن أزمة افتعلتها الوزارة مع إدارة المهرجان، قبل أيام من انطلاق دورته الثانية، تتعلق بامتناع الوزارة عن استخراج تذاكر الطيران الخاصة بالضيوف الأفارقة. لكن الحق يُقال إن إدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية تُعد الأكثر قدرة على الصمود، والمقاومة، ومواجهة أشكال «البيروقراطية»، والتسويف، والمماطلة الحكومية، إيماناً واقتناعاً منها بهدف ورسالة المهرجان ليس فقط على صعيد الترويج السياحي لمدينة الأقصر، بل سعياً، وهو الهدف الاستراتيجي الأهم، إلى دعم الوشائج الإنسانية، والروابط الاقتصادية، بين مصر ودول القارة الإفريقية.

لهذا السبب تنجح إدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في تجاوز الصعاب، وتخطي العقبات، التي تعترض طريقها قبل انطلاق كل دورة جديدة، وتطور نهجها، ونادراً ما تكرر نفسها، الأمر الذي يبدو جلياً في الدورة السادسة (16 - 22 مارس 2017)، التي تشهد زخماً فنياً وثقافياً يبدأ بالتقليد غير المسبوق في المهرجانات الفنية المصرية، المتمثل في تكريم رموز السينما الإفريقية؛ ففي أعقاب تكريم المخرجين سليمان سيسيه (مالي)، ومصطفى الحسن (النيجر)، وعثمان سمبين (السنغال)، وفلورا جوميز (غينيا بيساو )، وإدريسا وادراوجو (بوركينا فاسو)، وجاستون كابوريه ( بوركينا فاسو)، هنري دوبارك (كوت ديفوار) والمخرجة صافي فاي (السنغال) تشهد دورة هذا العام تكريم المخرج الموريتاني الكبير عبد الرحمن سيساكو صاحب فيلم «تمبكتو»، الحاصل على جائزة «سيزار» الفرنسية لأفضل فيلم، وأفضل مخرج، وكان مرشحاً لأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية. وفي ما يمثل انفتاحاً على القارة الإفريقية عموماً، وليس القارة السمراء فقط، يصل التكريم إلى الفنان المغربي محمد مفتاح والمخرجة التونسية الراحلة كلثوم برناز، في حين يُكرّم كل من المبدعين المصريين: المخرج يسري نصر الله، والنجمة نيللي كريم، واسم الراحلة القديرة تحية كاريوكا، التي يُنظم معرض يضم صورها وأفلامها. كذلك يشهد حفل الختام وتوزيع الجوائز تسليم السفير الهندي في مصر درع تكريم النجم أميتاب باتشان، الذي جاء اعتذاره عن عدم تلبية دعوة المهرجان بالحضور، قبل لحظات من بدء أعمال الدورة السادسة، بمثابة صدمة قاسية لإدارة المهرجان. لكن «رب ضارة نافعة»، بعدما أغلق اعتذاره الباب أمام من انتقدوا تكريمه في مهرجان يولي اهتمامه بالسينما الإفريقية، وتندروا بقرار التكريم قائلين: «يبدو أن إدارة المهرجان اكتشفت أن جذور «باتشان» إفريقية»!

بالطبع ما زال مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يفتقر إلى وجود الفيلم المصري الذي يُعرض لأول مرة ضمن فعالياته، بدلاً من استمراء عرض أفلام وجدت طريقها سابقاً إلى الصالات التجارية، كما يحدث مع «مولانا» الذي يمثل مصر في المسابقة الرسمية للدورة السادسة. لكن الأمر المؤكد أن مهرجاناً يُعلي من قيمة التواصل مع السينما الإفريقية، ويُلقي الضوء على مبدعيها، ويحتفي برموزها، يغفر له هناته، إن وجدت، ويدفع الأعداء، قبل المحبين، إلى الالتفاف حوله، والدفاع عنه في مواجهة المتربصين، ومُدمني الفشل والصيد في الماء العكر!

back to top