مزاجك... هل يُفسِد ميزانيتك؟

نشر في 22-03-2017
آخر تحديث 22-03-2017 | 00:04
No Image Caption
المال ليس مجرّد مادة جامدة، بل إنه مشحون عاطفياً على مستويات عدة. تؤثر مشاعرك اليومية (فرح، كآبة، غضب...) في طريقة إنفاقك، لا سيما في موسم الأعياد. إليك أفضل الطرائق كي تحدّد ما يحصل معك وتتحكّم بخياراتك.

الحزن

لا مفرّ من أن تتغير الحياة المادية بعد إنجاب الأولاد وتكوين عائلة جديدة. بعد خصم المبالغ المخصصة للنفقات الثابتة، تضعف الميزانية بشدة ونضطر إلى الاستغناء عن أبسط التكاليف اليومية. لكن بعيداً عن هذه الجوانب الملموسة، تؤثر عواطفنا أيضاً في وضع الميزانية عموماً: حين نشعر بالاستياء، نزيد تركيزنا على ما يجب فعله في الوقت الحاضر للشعور بالتحسن. نبحث عن طريقة لإبعاد نفسنا عن الشعور المؤلم الذي ينتابنا مثلاً حين نشاهد أولادنا يبكون أو يعانون.

أثناء التسوق، نشعر بمتعة آنية تسمح لنا بطرد الحزن ولو مؤقتاً. يبقى مصدر الإلهاء الذي يضمنه إنفاق المال قصير الأمد، لذا نادراً ما ينتهي «علاج التسوق» بشراء منتج واحد. لترسيخ شعور الراحة نميل إلى متابعة الإنفاق، بغض النظر عن مستوى ميزانيتنا، إلى أن تنشط فينا حواس أخرى.

لا يدفعنا الحزن بكل بساطة إلى شراء المنتجات بل يحوّلنا إلى مبذّرين مضطربين أيضاً. في هذا السياق، حلّل بعض الباحثين وضع أشخاصٍ شاهدوا أفلاماً حزينة أو كتبوا مقالات سلبية واكتشفوا أنهم يحتاجون إلى اقتناء أغراض ملموسة فوراً من دون أن يقلقوا بشأن المستقبل.

في لاوعينا تؤثر رغبتنا القوية في الشعور بالتحسن في ميلنا إلى شراء شكلٍ من وسائل التكنولوجيا الحديثة التي نستطيع أخذها معنا فوراً إلى المنزل، ذلك بدل أن نعقد صفقة أفضل عبر المواقع الإلكترونية لأن هذه العملية تتطلّب منا أن ننتظر أسبوعاً كاملاً لشحن المنتج. قد يكلّفنا هذا الخيار مبالغ إضافية على المدى الطويل لكن يشير مزاجنا الراهن إلى أننا لا نهتم بالعواقب اللاحقة!

لاستعادة التوازن المطلوب، يوصيك الخبراء دوماً بتخصيص بعض اللحظات كي تتساءل: «لماذا قررتُ أن أشتري هذا المنتج؟». يجب أن تطرح هذا السؤال من دون إطلاق أي حكم مسبق كي تكون صادقاً مع نفسك. إذا ترافق الجواب مع لمحة من الحزن، حاول أن تتجوّل قليلاً قبل أن تتجه إلى صندوق الدفع لأن الهواء المنعش وتمديد الوقت المخصص للتفكير قبل التحرك سيؤثران في قرارك النهائي. لكن قد لا يكون تطبيق هذه الفكرة أمراً سهلاً من الناحية العملية في الظروف كافة.

يقضي حل آخر بتحديد سقفٍ للمبلغ الذي تستطيع إنفاقه. إذا شعرتَ بالإحباط وأردت أن تشتري منتجاً معيناً، ستتمكن في هذه الحالة من أخذ جرعة التحسن التي تحتاج إليها من دون إفساد ميزانيتك بالكامل لاحقاً.

السعادة

إذا كان مزاجك جيداً حين تفكر بشراء منتجات غالية الثمن، من الطبيعي أن تثق بقدرتك على تحمّل هذه التكاليف مع أنّ الوضع قد يكون معاكساً. ربما يقرر الشخص الذي ينجح في عقد صفقة مهمة مثلاً شراء بطاقات سفر للعائلة كلها بما يفوق ميزانيته الطبيعية. وقد تشعر امرأة بحاجتها إلى شراء ثوب باهظ حين تسمع مجاملات عن قوامها الممشوق!

لا داعي لترتبط عواطفك الإيجابية في هذه الظروف بما يحصل في الزمن الحاضر. حتى أنّ تأمّل كتب الأطفال أو تصفح صور قديمة للأصدقاء على «فيسبوك» يدفع الناس في لاوعيهم إلى التصرف بسخاء إضافي.

كذلك تجعلنا التفاعلات والعلاقات المُرضِية نرغب في تكثيف روابطنا الاجتماعية بدل زيادة مدخولنا المادي. في هذا السياق، ذكرت دراسة أن الأشخاص الذين يحنّون إلى الماضي يصبحون مستعدين لإنفاق الأموال على منتجات مثل المشروبات الباهظة أو الأجهزة أكثر من الأشخاص الذين يفكرون بالتجارب المستقبلية.

كذلك يجعلنا التفكير باللحظات السعيدة الماضية أكثر ميلاً إلى القيام بأعمال خيرية: إنها نزعة رائعة بشرط ألا تفسد ميزانيتنا! أثبتت دراسة أخرى أن الأشخاص الذين يشعرون بالحنين يتبرعون للجمعيات الخيرية أكثر من المشاركين الذين يحملون عواطف حيادية.

بناء على ذلك، من خلال تحديد طبيعة مزاجك في لحظة معينة، يمكنك أن تعرف ما إذا كان حجم إنفاقك يقضي على حسابك المصرفي!

لاستعادة التوازن المطلوب، اعمل على تحويل مزاجك الجيد إلى شعور بالامتنان لأن التفكير بالدعم الذي يقدّمه لك الآخرون سيخفّف اندفاعك أثناء إنفاق المال. ولكن لا داعي لكبح عواطفك كافة للقيام بخيارات مالية صائبة على المدى الطويل، لكن يمكنك أن تقاوم التبذير المفرط عبر تخصيص لحظات قليلة للتركيز على شعور الامتنان.

الغضب

يسهل أن تؤدي مشاعر الغضب الجامحة إلى اضطراب خطتنا المالية. حين نغضب، نميل طبيعياً إلى أخذ مجازفات مالية كبرى ولن نهتم بمصالحنا خلال هذه اللحظات. لكن بعدما نستعيد الهدوء، ندرك أننا مضطرون إلى شراء الأغراض التي تخلينا عنها في لحظة غضب.

يصعب علينا أن نتجنب القرارات المالية الخاطئة خلال نوبات الغضب، ويسهل أن نقع في المشاكل. اكتشف أحد البحوث أن الناس الغاضبين يفضّلون أخذ المجازفات، حتى لو كانت تطرح خطراً على حياتهم، مقارنةً بأصحاب المزاج الحيادي. يجعلنا الغضب أيضاً أكثر عناداً في قراراتنا ويدفعنا إلى البحث عن أشخاص يؤكدون صحّة خياراتنا.

لاستعادة التوازن المطلوب، حاول أن تفرّغ مشاعر الغضب عبر القيام بنشاط جسدي مثل قطع مسافات طويلة سيراً على القدمين. كذلك لا مفر من تخصيص 24 ساعة كاملة لاستعادة الهدوء. وقبل أن تتخذ أي قرار مالي مهم، تحدّث عن وضعك إلى ثلاثة أشخاص على الأقل، لا سيما أن استشارة الآخرين تتطلّب بعض الوقت ويتسنّى لك بهذه الطريقة أن تهدّئ من روعك.

يجب أن تستعيد المزاج الذي يسمح لك بالتفكير منطقياً. حين تجمع المعطيات اللازمة من خبراء ماليين أو أصدقاء مطّلعين على وضعك، ستتخذ قرارات عقلانية وستستعيد قوتك. لن تتجاهل بذلك عواطفك بل ستستعملها للقيام بأذكى الخيارات.

حين نغضب نميل طبيعياً إلى أخذ مجازفات مالية كبرى ولن نهتم بمصالحنا

قبل أن تتخذ أي قرار مالي مهم تحدّث عن وضعك إلى ثلاثة أشخاص على الأقل
back to top