الجوائز العربية والنقد

نشر في 08-03-2017
آخر تحديث 08-03-2017 | 00:00
 طالب الرفاعي قدمت الجوائز العربية الأدبية، وعلى رأسها الجوائز الخليجية، تشجيعاً ودعماً كبيرين للأجناس الإبداعية، وفي مقدمتها الرواية. وكذلك ساعدت بشكل ملحوظ على انتشار الرواية، وإعلاء شأن الكاتب الروائي العربي، والانتقال به من ساحة الكتابة الروائية العربية إلى العالمية. ومنذ انطلاق الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) التي أنشئت عام 2007، على نمط الجائزة البريطانية "The Man Booker Prizes" التي أنشئت عام 1968، وما تلاها من جوائز عربية؛ صارت الرواية والروائيون حاضرين على الساحة الثقافية العربية طوال العام، وذلك من خلال تناول الصفحات الثقافية لأعمالهم.

إن البوكر العربية تعلن قائمتها الطويلة بعدد يتراوح بين 15 و16 رواية، ثم قائمتها القصيرة بعدد 5 روايات، وأخيراً تعلن الفائز، وعلى قرارها انطلقت من الكويت "جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية" عام 2015، وأعلنت قائمتيها القصيرة والطويلة، خلال عام 2016.

وإذا كانت أخبار الجوائز ولجان التحكيم وكل ما يتصل بها حاضرة على الصفحات الثقافية، فإنه قلما يحصل أن تجد دراسات مقارنة للأعمال الواصلة إلى القائمة الطويلة أو القصيرة. بل يبدو تحصيل حاصل أن تنشر جريدة يومية قراءة نقدية انطباعية في عالم رواية من روايات القائمة القصيرة. وأظن أن أهم ما يمكن أن تقدمه الصحافة الثقافية هو أن تقدم لقرائها تحليلاً لعوالم روايات أو قصص القوائم القصيرة، وتعلن عن انحيازها إلى هذه الرواية أو تلك، بناء على معطيات فنية واضحة، أو تقوم بعمل تحقيق بين النقّاد العرب لتقف على رأيهم في روايات أو مجاميع القوائم القصيرة، ومن ثم رؤيتهم النقدية للمستحق من هذه الروايات أو القصص.

إن قيام الصفحات الثقافية بنشر تحقيق أو أكثر عن عوالم روايات القائمة القصيرة يكون بمنزلة جائزة مهمة تقدمها للكاتب أيا كان حظه من الفوز، وتقديم مساندة ودعم مهمّين للجائزة نفسها. لكن أن تكتفي الصفحات بمتابعة أخبار الجوائز ومن ثم تركيز الضوء على الفائز فهذا يرمي بشيء من الظلم على كتّاب القائمة القصيرة، خاصة أن جائزة البوكر تقف عند حد تكرّيم هؤلاء الكتّاب بمبلغ مالي قدره 10 آلاف دولار أميركي، دون أن تتيح لهم مجال المشاركة في نشاط ثقافي يقدمهم للجمهور، كما يحصل مع الفائز الذي يقدم نفسه وعمله عقب إعلان الفوز من خلال مؤتمر صحافي.

وربما يبدو لائقاً بالنسبة لجائزة البوكر العربية، بعد اجتيازها عقدها الأول، أن تفكر بتنظيم نشاط ثقافي روائي لمدة يومين يصاحب احتفاليتها في كل عام، ويشارك فيه كتاب القائمة الطويلة والقصيرة، إضافة لعدد من النقاد. وبما يجعل الجائزة نشاطاً ثقافياً عربياً عالمياً كبيراً لا يقتصر على اختيار روائي عربي والاحتفال به. وهذا ما قامت به جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية منذ انطلاق دورتها الأولى، من حيث انعقاد نشاط ثقافي قصصي في حرم الجامعة الأميركية في الكويت يشارك فيه كتّاب القائمة القصيرة بشهاداتهم القصصية إلى جانب شهادات ومداخلات أخرى لأهم كتّاب القصة القصيرة في الوطن العربي.

يعيش الوطن العربي ظرفاً مأساوياً مخيفاً قطّع أوصاله وشتت أبناءه، وبات من النادر قراءة أو سماع خبر يفرح القلب، ووحدها أخبار الأدب والفن ما زالت قادرة على لمّ الشمل العربي، وقادرة أيضاً على ذرّ شيء من الفرح على قلوب الكتّاب والمثقفين وجمهور التلقي العربي؛ لذا فإننا نتمنى أن تتطور مشاريع الجوائز العربية، لتنتقل من خانة الشخصي إلى ساحة الفكر والإبداع والثقافة الواسعة.

تترقب ساحة الرواية العربية إعلان جائزة البوكر عن الفائز في دورتها الأخيرة خلال الفترة القصيرة القادمة، وإلى ذلك التاريخ نتمنى أن تنبري الصحافة الثقافية العربية بنشر دراسات نقدية، ولو انطباعية، عن روايات القائمة، علها تساهم في إيصال أكثر من اسم روائي عربي إلى جمهور القراء.

back to top