لماذا الآن؟

نشر في 28-02-2017
آخر تحديث 28-02-2017 | 00:14
 يوسف عبدالله العنيزي كنت دائما أتجنب مناقشة المسائل الدينية لإيماني المطلق بأن الدين الإسلامي أجلّ وأعظم من أن يحتويه مقال أو كتاب أو قانون، أو يتم تفسيره ببعض المواد القانونية أو الدستورية، أو مهما أطلق عليها من تسميات، يقول الحق سبحانه وتعالى «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً».

وقد أنعم الله على الكويت وأهلها بنعمة الإسلام ونعم كثيرة لا حصر لها، تستحق منا الشكر والثناء لرب العالمين، «بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ»، وكان لمشايخنا الكرام، رحمهم الله، فضل كبير على الكويت وأهلها، من أمثال ملا مرشد، وملا عثمان، وملا صالح، وملا الخنيني، وملا الحسينان وغيرهم من مشايخ كرام لم يسع أحد منهم إلى سلطة أو نفوذ أو مصالح ذاتية.

وما زالت في الخاطر ذكرى الأستاذ الفاضل ملا يوسف الحنيان مدرس «الدين» في مدرسة المرقاب الابتدائية التي كانت الخطوة الأولى في رحلة الحياة التي امتدت من سكيك المرقاب إلى سواحل جزر الكاريبي والبهاما، مرورا بغابات الأمازون وأدغال إفريقيا، وما زال في الخاطر الذكرى العطرة للأستاذ الفاضل محمود شوقي الأيوبي مدرس «الدين» في مدرسة حولي المتوسطة، ورغم مرور هذه السنين فما زالت طريقته في التدريس والشرح راسخة في الأذهان، رحمهم الله جميعا برحمته الواسعة، وأثابهم عنا خير الجزاء.

هكذا كانت الكويت، وهكذا كان أهلها، ترابط بين مكونات وأطياف المجتمع، ومحبة ومودة واحترام وتقدير بين الحاكم والمحكوم، ونعمٌ كثيرة ظاهرة وباطنة، والآن وفي ظل هذه العواصف والأمواج العاتية التي تضرب منطقتنا، وليست بلادنا بعيدة عنها، ونحن نرى هذه الأنياب والمخالب تحاول النيل من بلادنا يتقدم بعض المشايخ والإخوة أعضاء مجلس الأمة بمشروع «أسلمة القوانين» مع ما يثيره مثل هذا الطرح من جدل ونقاش ودعوة للفرقة والتشرذم، والتساؤل الجاد حول وضع البنوك والصناديق الاستثمارية والاختلافات المذهبية، وتقليص سلطة القيادة السياسية التي ستخضع قراراتها لموافقة السلطة التشريعية.

ليسمح لنا الإخوة مقدمو الاقتراح بالمشاركة في الرأي، وأنا على يقين بأنهم يتمتعون بسعة صدر، فقد عايشت إحدى تلك التجارب، وذلك أثناء عملي في جمهورية الجزائر الشقيقة في الفترة بين 1989 و1991، تلك الفترة التي سيطرت فيها على الساحة «جبهة الإنقاذ الإسلامية»، وذلك باستخدام أسلوب الابتزاز بطرح شعار «كن مع الله، ولتكون مع الله كن مع جبهة الإنقاذ»، وقد أشعل هذا الطرح الكثير من الخلافات السياسية والفكرية بين العديد من الأحزاب والجماعات الإسلامية، مثل جبهة الإنقاذ الإسلامية بقيادة الشيخ عباس مدني، وجماعة حماس الجزائرية بقيادة المرحوم محفوظ نحناح، وجماعة يوسف بن خده وغيرها.

وعلى الرغم من الخلافات بينها فإنها اتفقت على تأييد «الرئيس المؤمن» في غزوه للكويت الغالية، وقد كانت جبهة الإنقاذ التي تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين أشدهم ضراوة في عدائها للكويت وأهلها، وقد تطورت تلك الخلافات إلى استخدام العنف، فتم حرق قرى «ونحر» عائلات بكاملها، ولم تهدأ الأمور إلا بعد تدخل الجيش واستلام جبهة التحرير الحكم.

فدعوة من القلب للإخوة أعضاء مجلس الأمة الكرام إلى الوقوف بقوة مع الكويت وأهلها وقيادتها، فما أحوجنا اليوم لنقف يداً واحدة تقطع يد كل من يحاول المساس بالوطن وسلامة أهله، مع التأكيد أن الإسلام ديننا، ومحمد بن عبدالله رسولنا ونبينا، وكتاب الله نور ونبراس لنا.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top