كآبتكِ تحدّ من تعاطف طفلك مع الآخرين

نشر في 26-02-2017
آخر تحديث 26-02-2017 | 00:00
No Image Caption
تشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة الأكاديمية الأميركية لعلم نفس الأولاد والمراهقين إلى أن تعرّض الطفل لكآبة الأم المزمنة في مرحلة مبكرة من حياته يزيد خطر تراجع تعاطفه مع آلام الآخرين.
تتبّع باحثون أولاداً من عمر أشهر حتى بلوغهم الحادية عشرة بهدف تقييم رد فعلهم العصبي المتعاطف مع محن الآخرين، علماً بأن أمهاتهم يعانين الكآبة منذ رأوا هم النور.

شملت الدراسة ما مجموعه 27 ولداً لأمهات يعانين الكآبة، فضلاً عن 45 آخرين شكلوا مجموعة الضبط. زار الباحثون الأولاد في منازلهم في سن التسعة أشهر والست سنوات بغية تفحص أنماط تفاعل الأم والطفل، ثم أُخضع الأولاد لجلسة تخطيط مغناطيسي للدماغ في سن الحادية عشرة بهدف تقييم رد فعلهم العصبي تجاه آلام الآخرين.

البروفسورة روث فيلدمان، باحثة بارزة في الدراسة ومديرة مختبر علم الأعصاب الاجتماعي التنموي وعيادة إيرفاين ب. هاريس للتواصل في مراحل الطفولة الأولى في جامعة بار-إيلان، تشير في هذا المجال: «ذُهلنا حين اكتشفنا أن كآبة الأم ترتبط بحد ذاتها بعملية معالجة ألم الغير العصبية التفاضلية لدى الأولاد في سن الحادية عشرة».

تتابع موضحة: «لاحظنا أن رد الفعل العاطفي تجاه الألم في حالة أولاد مريضات الكآبة يتوقف باكراً (مقارنة بأولاد مجموعة الضبط) في المنطقة المرتبطة بالمعالجة الاجتماعية- المعرفية. نتيجة لذلك، يبدو أن أولاد الأمهات المكتئبات يحدون من عملية معالجة ألم الغير المرتبطة بتنظيم المشاعر الفكري، ربما بسبب صعوبة ضبط حالة التيقظ العالية الناجمة عن رؤية مشقة الآخرين».

تُظهر هذه الاكتشافات أيضاً أن أنماط التفاعل بين الأم والطفل تؤدي دوراً بالغ الأهمية في هذا المجال. عندما جاء التفاعل بين الأم والطفل أكثر تناغماً (أي أن الأم والولد أكثر تفاهماً) وعندما كانت الأم أقل تطفلاً، أعرب الولد عن مقدرات معالجة أقوى في هذه المنطقة المحددة من الدماغ.

تقول فيلدمان: «من المشجِّع ملاحظة دور التفاعل بين الأم والولد في اكتشافاتنا. اتضح لنا مراراً أن الأمهات المكتئبات يعربن عن تفاعل أقل تناغماً وأكثر تطفلاً مع أولادهن. وقد يعلل هذا الواقع بعض أوجه الاختلاف بين أولاد الأمهات المكتئبات ونظرائهم في مجموعة الضغط في الدراسة».

تضيف الباحثة: «مع هذه الاكتشافات، نسلّط الضوء على مدخل تستطيع عمليات العلاج المستقبلية الاعتماد عليه لتركّز جهودها على الحد من تأثيرات كآبة الأم في نمو الولد النفسي-الاجتماعي».

استراتيجيات فاعلة

«السؤال السريري الرئيس الذي ينشأ هنا: ما الاستراتيجيات الأكثر فاعلية لتحسين أنماط التفاعل بين الأم وبين الولد في حالة مريضات الكآبة وأطفالهن؟ علاوة على ذلك، إذا استطعنا مساعدة تلك الأمهات على أن يكن أكثر تناغماً وأقل تطفلاً، فهل تُعتبر هذه الخطوة كافية لتعزيز مرونة أولادهن؟»، وفق فيلدمان.

يدرس الفريق راهناً الرابط بين كآبة الأم والتفاعل بينها وبين الولد من جهة، وبين هرمونات الإجهاد لدى الأولاد، وتعاطفهم السلوكي، وهرموناتهم التي تؤدي دوراً في تشكّل الروابط، ورد فعلهم العصبي تجاه الإشارات الانتمائية من جهة أخرى.

تخطط فيلدمان أيضاً لدراسة إستراتيجيات تدخُّل تركّز على أنماط التفاعل بين الأم والطفل، آملة أن تساهم، إذا لاقت النجاح، في تحسين صحة أولاد مريضات الكآبة الفكرية وقدرتهم على التكيّف الاجتماعي.

تقول: «ألا تبدو فكرة تطوير تدخُّل يركّز على التفاعل المتناغم بين الأم والولد ويساهم في الحد من الأمراض النفسية التي يعانيها أولاد الأمهات المكتئبات مثيرة للاهتمام وواعدة؟».

back to top