الالتهاب... كيف تضبطه؟

يؤدي الالتهاب دوراً أساسياً في عملية الشفاء. ولكن إن لم يُضبط، فقد يسبب داء المفاصل، مرض القلب، والزهايمر.

نشر في 25-02-2017
آخر تحديث 25-02-2017 | 00:08
الالتهاب في جسم الأنسان
الالتهاب في جسم الأنسان
يشبه الالتهاب ناراً في جسمك لا يمكنك رؤيتها أو الشعور بها. يوضح الدكتور أندرو لاستر من مركز علم المناعة والأمراض الالتهابية في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «الالتهاب عملية إحراق تلحق الأذى بالأنسجة، المفاصل، والأوعية الدموية، إلا أنك لا تلاحظها عموماً إلا بعد تعرضك لضرر بالغ».

لكن الالتهاب ليس الشر بعينه، فهو يؤدي دوراً مهماً في الطريقة التي يحمي بها جهاز المناعة جسمنا وصحتنا. يضيف الدكتور لاستر: «الهدف ضبط الالتهاب لا ترك هذه النار لتتأجج».

الإيجابي والسلبي

ثمة نوعان من الالتهاب: الحاد والمزمن. يألف معظم الناس الالتهاب الحاد: تورّم الأنسجة والمفاصل الذي يترافق مع احمرار وسخونة، ويحدث حين تجرح إصبعك أو تصدم ركبتك.

عندما يشير الجسم إلى تعرضك لإصابة، يُرسل جهاز المناعة جيشاً من كريات الدم البيضاء لتحيط بمنطقة الإصابة وتحميها. ويتبع الجسم العملية عينها عند تعرضك لعدوى مثل الأنفلونزا أو ذات الرئة.

يقول الدكتور لاستر: «الالتهاب الحاد وسيلة الجسم للتصدي للغزاة الذين يسببون العدوى، فضلاً عن أنه جزء من عملية الشفاء. إذاً، الالتهاب جيد لأنه يحمي الجسم».

لكن الالتهاب المزمن مختلف. في هذا النوع من الالتهاب، نشهد ردّ فعل مشابهاً لما يحدث مع الالتهاب الحاد، إلا أن ردّ الفعل هذا يدوم طويلاً. فتتدفق أعداد كبيرة من الكريات البيضاء إلى المنطقة المصابة وينتهي بها المطاف إلى مهاجمة الأنسجة والأعضاء السليمة المجاورة.

على سبيل المثال، إن كنت تعاني الوزن الزائد وتملك عدداً أكبر من خلايا دهون البطن (الدهون التي تتراكم في البطن وتحيط بالأعضاء)، يعتبر جهاز المناعة تلك الخلايا الدهنية تهديداً، فيضخ عدداً أكبر من كريات الدم البيضاء. وكلما تأخرت في إخفاض وزنك، عانى جسمك حالة التهاب. وهكذا تواصل النار اشتعالها.

«علاوة على ذلك، لا يقتصر ردّ الفعل على منطقة محددة، لأن الالتهاب يستطيع الانتقال في الجسم ويسبب الاضطرابات في أعضائه كافة. لذلك، إن عانيت داء المفاصل أو مرض القلب، فمن المرجح أن الالتهاب المزمن أدى دوراً في ذلك»، وفق الدكتور لاستر.

احمِ نفسك

يشكّل حسن إدارة نمط الحياة والنظام الغذائي إحدى أفضل الطرائق لضبط الالتهاب المزمن، وفق الدكتور لاستر. كما أشرنا، يُعتبر الوزن الزائد أحد أسباب الالتهاب الشائعة. لذلك يمكنك خفض الالتهاب بخسارة بضعة كيلوغرامات من وزنك الزائد، خصوصاً في محيط الخصر. ومن الخطوات الوقائية الأخرى يذكر الدكتور لاستر:

محاربة أمراض اللثة: إن كانت لثتك تنزف عندما تنظفها بالفرشاة أو الخيط، فهذه إشارة إلى أنك تعاني الالتهاب على الأرجح. لذلك من الضروري أن تزور عيادة طبيب الأسنان للخضوع لفحص عام. كذلك احرص على الحفاظ على نظافة فمك وأسنانك.

معالجة ارتفاع الكولسترول في الدم: اخضع لفحص دم، وإن تبين أن معدل الكولسترول في دمك عالٍ، فاستشر طبيبك بشأن تناول أدوية الستاتين لخفضه.

الإقلاع عن التدخين: تعود هذه النصيحة بالفائدة على صحة الجسم بأكمله، مع أن السموم في السجائر ترتبط ارتباطاً مباشراً بالالتهاب.

عدل نظامك الغذائي

عليك أن تتبع عملية إزالة وإضافة في نظامك الغذائي. ابدأ بخفض الكميات التي تتناولها من السكريات البسيطة (مثل المشروبات الغازية والسكاكر)، المشروبات التي تحتوي على شراب الذرة العالي الفركتوز (مثل العصائر والمشروبات الرياضية)، والنشويات المعالجة (مثل الخبز الأبيض والمعكرونة)، أو امتنع عنها بالكامل. يذكر الدكتور لاستر: «لا تحتوي أصناف الطعام هذه على سعرات حرارية فارغة فحسب، بل يساهم الإفراط في تناولها أيضاً في تسهيل اكتساب الوزن، ما يسبب الالتهاب».

في المقابل، يجب أن تضيف إلى غذائك أطعمة غنية بمضادات أكسدة تُدعى البوليفينولات، فقد أظهرت الدراسات أن لها خصائص عدة تحارب الالتهاب.

ولكن ما الأطعمة الغنية بها؟ اكتشفت دراسة نُشرت في مجلة «الغذاء» البريطانية أن البوليفينولات في البصل، الكركم، العنب الأحمر، والشاي الأخضر تخفض مؤشر الالتهاب في الجسم. على نحو مماثل، تشكّل أنواع العنبية كافة مصادر غنية بالبوليفينولات، شأنها في ذلك شأن الكرز، الخوخ، والخضراوات المورقة الخضراء الداكنة، مثل السبانخ، الكالي، والسلق.

علاوة على ذلك، يمدّك زيت الزيتون، زيت بذور الكتان، والأسماك الدهنية كالسلمون، السردين، والإسقمري، بجرعات صحية من أحماض أوميغا3- الدهنية التي اتضح أنها تحدّ من الالتهاب عموماً. فضلاً عن ذلك، تساهم هذه الأحماض في خفض معدلات الالتهاب في الدماغ. ينصح الدكتور لاستر: «يجب ألا يكون هدفك تناول مقدار محدد يومياً، بل حاول أن تضيف أكبر كمية ممكنة من هذه الأطعمة إلى وجباتك المعتادة».

هل تعاني التهاباً مزمناً؟

يكفي أن يخضعك طبيبك لفحص دم بسيط لتعرف الإجابة. يقيس الفحص مادة كيماوية في الكبد تُدعى البروتين المتفاعل- C (CRP). ترتفع هذه المادة عادةً كرد فعل تجاه الالتهاب. وعندما يبلغ معدلها 1 إلى 3 مليغرامات في الليتر، يُعتبر إشارة إلى التهاب محدود إنما مزمن. أما إذا تخطى معدلها 3 مليغرامات في الليتر، فيكون الالتهاب عالي المخاطر. وهكذا تساعد نتيجة هذا الفحص الطبيب في تحديد الإستراتيجية الأفضل لخفض معدلك.

تأثير الأوميغا-3 في دماغك

يشير عدد من البحوث الحديثة إلى أن أحماض أوميغا-3 الدهنية تستطيع عبور الحاجز بين الدم والدماغ، وتساهم في الحد من الالتهاب الذي يشكّل أحد العوامل المسببة لمرض الزهايمر. على سبيل المثال، تناولت دراسة نُشرت في عدد 21 مايو 2015 من مجلة Frontiers in Aging Neuroscience حالة 40 شخصاً بالغاً يعانون خطر التعرض لمرض الزهايمر في مرحلة متأخرة من حياتهم. تبين للباحثين أن مَن استهلكوا كميات أكبر من أحماض أوميغا-3 حققوا نتائج أفضل، مقارنة بنظرائهم، في اختبارات تحديد المرونة المعرفية (القدرة على التنقل بين المهمات). على نحو مماثل، أظهرت مراجعة شملت 185 دراسة، ونُشرت في مجلة Circulation، رابطاً بين ارتفاع معدل أحماض أوميغا-3 في الدم والحماية من تصلب الشرايين، علماً أن هذا الاضطراب يقود إلى سكتات دماغية صغيرة أو كاملة

زيت الزيتون يمدّك بجرعات صحية من أحماض أوميغا - 3 الدهنية التي تحدّ من الالتهاب

كلما تأخرت في خفض وزنك عانى جسمك حالة التهاب وهكذا تواصل النار اشتعالها
back to top