العبدالجليل: رجال الكويت الأوائل أرسوا دعائم الثقافة

في ندوة نظمتها المكتبة الوطنية ورابطة الأدباء احتفالاً بالأعياد الوطنية

نشر في 23-02-2017
آخر تحديث 23-02-2017 | 00:00
المشاركون في الندوة
المشاركون في الندوة
استحضر المتحدثون في الندوة د. عايد الجريد، ود. مناور الراجحي، وفهد العبدالجليل، الرجال الأوائل الذين كان لهم الأثر البالغ في ترسيخ الثقافة ونموها في المجتمع الكويتي.
أقامت مكتبة الكويت الوطنية بمناسبة ذكرى العيد الوطني المجيد 56، ويوم التحرير 26، ندوة ثقافية بعنوان "العطاءات الوطنية في رفعة الثقافة الكويتية"، بالتعاون مع رابطة الأدباء، ومشاركة د.عايد الجريد، ود.مناور الراجحي، وفهد العبدالجليل، وقام بإدارة الندوة الشاعر عبدالله الفليكاوي.

في البداية، قال الباحث فهد العبدالجليل إن رجال الكويت الأوائل أرسوا الدعائم الأولى للثقافة في الكويت، فكان علماء الكويت وشعراؤها يتكبدون عناء السفر ويواجهون الاخطار والمصاعب ويسافرون الى الهند ويعبرون الغابة أو بحر العرب من أجل طباعة كتبهم في المطابع بالهند، ومن هذه المطابع مطبعة البيان والمطبعة المصطفوية والمطبعة السورتية والمطبعة العمومية التي أسسها الشاعر خالد الفرج، مشيرا إلى أن هدفهم كان نبيلا، وهو نشر العلوم المفيدة ومحاربة الجهل، ولم يكن هدفهم التجارة وتحقيق الأرباح، لأن تجارة الكتب غير رابحة في ذلك الوقت.

وأوضح أن العلاقة التجارية بين الكويت والهند علاقة قديمة ولم تقتصر على هذا الجانب، بل كان هناك تبادل ثقافي بين البلدين، وعلاقة الكويت التجارية الثقافة مع الهند كان لها اثر إيجابي كبير على الاقتصاد الكويتي القديم والثقافة الكويتية.

من جانب آخر، تحدث العبدالجليل عن الشيخ مساعد العازمي والذي أجيز من الأزهر عام ١٨٨١م، وتوصل الى تركيبة المصل العلاجي للجدري، وسافر إلى الهند للحصول على اللقاح، وعالج الكثير من الأطفال المصابين بالجدري في الكويت واليمن والخليج العربي، وفتح عيادة في منزله بالكويت لمعالجة الأطفال، وكان امام وخطيب مسجد العبدالرزاق ويحضر الى دروسه اكبر علماء الكويت مثل الشيخ عبدالله الدحيان والملا عثمان العثمان والشيخ عبدالرحمن الفارسي والشيخ عبدالعزيز حمادة. توفي عام ١٩٤٣ بعد ان كان يتنقل بين الكويت والبحرين لأداء مهمته الانسانية.

وذكر أبرز المقتطفات من حياة ملاح الكويت الأول النوخذة عيسى بن عبدالوهاب القطامي، وخبرته الملاحية وقدرته على تحديد موقع السفينة في وسط البحار وقراءة الخرائط البحرية ووصوله الى موانئ الهند الغربية وسرق افريقيا واليمن.

وتابع العبدالجليل: "وكذلك كان للقطامي دور في الثقافة قديما عندما ألف كتاب دليل المحتار في علم البحار عام ١٩٢٤ والذي اصبح الدليل الاول لنواخذة الخليج العربي. وكذلك ألف كتابا عن تثمين اللؤلؤ وهو الخالص من كل عيب لوضع الجيب، وكتاب المختصر الخاص للمسافر والطواش والغواص".

الوعي الإصلاحي

وبدوره، قدم د. عايد الجريد ورقة عن الشيخ عبدالعزيز الرشيد ودوره في الإصلاح، وقال إن قضية التثقيف والإصلاح شكلت محورا أساسيا في النصف الأول من القرن العشرين في المجتمع الكويتي حيث تصدى لها العديد من الشخصيات الإصلاحية، وكان من أبرزهم الشيخ عبدالعزيز الرشيد.

وذكر الجريد العوامل التي ساهمت في تشكيل الوعي الإصلاحي والثقافي عند الشيخ الرشيد يأتي في مقدمتها دور علماء الدين، إذ تتلمذ الشيخ الرشيد على يد علامة العراق الشيخ محمود شكري الألوسي، وعلامة الكويت الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان، كما كان هناك دور لزيارة المصلحين العرب للكويت ومنهم الشيخ محمد رشيد رضا والذي زار الكويت وأثر تأثيرا كبيرا على عناصر الاصلاح، بالإضافة إلى ذلك لعبت الصحافة دورا في زيادة الوعي، فكانت تقرأ في ديوانية الخالد جريدة المؤيد، ومجلة المنار، إلى جانب ذلك كان الشيخ عبدالعزيز الرشيد يجوب العالم للالتقاء بالعلماء، فقد سافر إلى الأحساء، والمدينة المنورة، ومصر، وحضر عدة حلقات في الأزهر والتقي رجال الدين والأدب، وأيضا سافر إلى سورية والعراق.

وأكد أن كل هذه العوامل ساهمت في تشكيل الوعي عند الشيخ الرشيد لتمسكه بالثوابت والمبادئ الإسلامية، وأهمية الدين في بناء الثقافة ومبدأ الشورى في الإصلاح القومي.

حب الثقافة

وذكر أن أول أعمال الشيخ الرشيد كان مع بداية تعليمه عند الشيخ الألوسي، والذي شجعه على البحث في مسألة حجاب المرأة، وتعليمها، وأمر خروجها من المنزل، لذلك ألف الشيخ الرشيد عام 1911 رسالة بعنوان "تحذير المسلمين عن اتباع غير سبيل المؤمنين" لاستخراج آراء العلماء التي تذكر فضل الرجال على النساء وتلزمهن بالحجاب وعدم الخروج من المنازل إلا عند الضرورة، وأيضا أصدر الشيخ الرشيد "مجلة الكويت"، ونشط في مواجهة الداعين للسفور، ولكنه في نفس الوقت كان يدعو لتعليم المرأة.

من جانب آخر، أوضح الجريد أن الرشيد شجع تلاميذه على حب الثقافة عندما تعين استاذا للتاريخ في المدرسة المباركية 1917، ومن أبرز الذين تأثروا به الشاعر حجي بن جاسم، وإضافة إلى ما قدمه في "المباركية" شارك الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في تأسيس ثاني مدرسة نظامية (الأحمدية) عام 1921 لتطوير التعليم.

وأضاف: ونجد له نشاطا في "النادي الأدبي" عام 1924 حيث قدم فيه محاضرة هي الأولى في تاريخ الكويت، وكان موضوعها "أهمية الشباب في عهد البعثة النبوية، واعتماد الإسلام على شباب الصحابة وشجاعتهم". كان الشيخ الرشيد يؤمن بأن المستقبل للشباب ويعلم ما للشباب من ثورة لو وجهت الوجهة الصحيحة لأتت بالمعجزات.

وفي الختام قال الجريد: "وفي ضوء النتائج السابقة توصي الدراسة بضرورة الاستفادة من آراء مصلحينا في الفكر الإصلاحي لمواجهة المشكلات المعاصرة التي تواجهنا".

الصحافة عماد الحركة

قدم د. مناور الراجحي ورقة بعنوان «الصحافة عماد الحركة الثقافية في الكويت»، وقال إن المجتمع الكويتي واجهه كغيره من المجتمعات العربية ظروف الانشغال بتوفير سبل العيش والحياة، ولم تتح الظروف الفرصة لأفراد المجتمع للاطلاع على الكتب واكتساب المعلومات.

وأضاف الراجحي أنه قبل ولادة الصحافة الكويتية أدرك رواد الحركة الثقافية في الكويت أهمية الصحافة في تثقيف أفراد المجتمع خاصة الفئه التي لا يمكنها نهل المعلومات من الكتب، فالمجتمع الكويتي كغيره من المجتمعات فيه فئة لا تصل إليها المعلومات التي يحملها الكتاب لأسباب مختلفة، لذلك تواصل رواد الحركة الثقافية مع الصحف العربية قبل إصدار المجلات والكتب، ومن ذلك يمكن ذكر اشتراك آل خالد وغيرهم بالصحف المصرية والعراقية والسورية، وتمكين هؤلاء للكثير من أفراد المجتمع الكويتي للاطلاع على تلك الصحف منذ بداية القرن العشرين.

وأشار إلى أن ذلك تزامن مع ظهور نخبة من رواد الثقافة تحلم بإصدار صحف كويتية، وذكر أن الانطلاقة الأولى كانت على يد الشيخ الرشيد في إصدار مجلة الكويت، وفتحت محاولة الرشيد الباب على مصراعيه أمام نخبة المستنيرين من أبناء الكويت لتأسيس العديد من الصحف.

وبين الراجحي أن الصحافة الكويتية أسهمت في العديد من القضايا التي يحتاج إليها أفراد المجتمع الكويتي، وأنها قدمت جرعات ثقافية كبيرة للأفراد وأسهمت في ارتقائهم.

الفكر الإصلاحي يواجه المشكلات المعاصرة التي نعانيها عايد الجريد
back to top