حلّ جذريّ لمستوى الكولسترول لديك!

نشر في 23-02-2017
آخر تحديث 23-02-2017 | 00:00
No Image Caption
بحسب الباحثين، ستنجح حقنة واحدة ذات يوم في خفض مستويات الكولسترول في دمك لما تبقى من حياتك. (نيو ساينتست» جاءت بالتفاصيل التالية حول هذا الاكتشاف.
يولد البعض مع طفرات طبيعية تعطّل جينة محددة، ما يخفض خطر إصابتهم بمرض القلب من دون مواجهتهم أي تأثيرات جانبية ظاهرية. نجحت اليوم حقنة في تعطيل بفاعلية هذه الجينة عينها في اختبارات أجريت للمرة الأولى على حيوانات.

يشمل هذا العلاج المحتمَل إدخال تغييرات دائمة إلى الحمض النووي داخل بعض الخلايا في جسم الإنسان. لذلك من الضروري أن يحرص الأطباء على التحقق من أنه آمن قبل اختباره على البشر. لكن فوائده قد تكون بالغة الأهمية. فقد يساعد، من الناحية النظرية، الملايين على العيش حياة أطول وأكثر صحة.

نتائجَ الدراسة الحيوانية أوضحها لورنز ماير من شركة AstraZeneca للأدوية خلال مؤتمر علم الوراثة الذي أُقيم في لندن في الأول من فبراير الجاري. لم يحدد ماير، الذي يرأس بحوث هذه الشركة في تقنية (كريسبر) لتحرير الحمض النووي، ما إذا كانت AstraZeneca تخطّط للمضي قدماً في هذه المقاربة، إلا أنه بدا متحمساً جداً خلال عرضه ما توصلوا إليه.

أخبر لاحقاً مجلة (نيو ساينتست): (تقوم هذه الفكرة على اقتصار العلاج على حقنة يجب أن يكون تأثيرها دائماً).

تقتل النوبات القلبية والسكتات الدماغية كثيرين، ويفاقم ارتفاع معدل الكولسترول السيئ في الدم هذا الخطر. نتيجة لذلك، يتناول ملايين الناس اليوم الستاتينات بغية خفض معدل

الكولسترول السيئ في دمهم. لا شك في أن الستاتينات تطيل حياة كثيرين، إلا أن بعضهم يعاني تأثيرات جانبية مثل الآلام في العضلات، ما دفع بشركات الأدوية إلى البحث عن علاجات بديلة.

في عام 2005، تبين أن البعض يملك طبيعياً معدلات منخفضة جداً من الكولسترول، ذلك بفضل طفرات تمنع الكبد من إنتاج بروتين يُدعى PCSK9. توضح غيلز لامبرت، باحثة تدرس البروتينات في جامعة جزيرة ريونيون: (يتراجع احتمال إصابتهم بمرض قلبي وعائي من دون مواجهتهم أي تأثيرات جانبية).

ينتقل PCSK9 طبيعياً في مجرى الدم حيث يفكك بروتيناً يغطي سطح الأوعية الدموية. يعمل هذا البروتين الثاني على إزالة الكولسترول السيئ من الدم: وكلما تسارعت عملية تفكيكه بواسطة PCSK9، ارتفع معدل الكولسترول في الدم. نتيجة لذلك، يتمتع مَن يفتقرون إلى PCSK9 بسبب طفرات جينية بمقدار أعلى من هذا البروتين المزيل للكولسترول السيئ. وهكذا يتراجع الكولسترول في دمهم.

لمحاكاة هذا التأثير، طوّرت شركتان أجساماً مضادة حصلت على موافقة السلطات الطبية تزيل بروتين PCSK9 من الدم. تنجح هذه الأجسام المضادة في خفض الكولسترول بفاعلية عالية من دون تسببها بأي تأثيرات جانبية خطيرة حتى اليوم، وفق لامبرت. ولكن ما زال على العلماء أن يحددوا ما إذا كانت تحدّ من خطر الأمراض القلبية الوعائية. ومن المفترض الكشف عن نتائج التجارب الأولى في شهر مارس المقبل.

لكن أدوية الأجسام المضادة هذه باهظة الثمن، ومن الضروري حقنها كل أسبوعين إلى أربعة أسابيع. إذاً، حتى لو كانت هذه الأجسام المضادة فاعلة بقدر ما نأمل، لا يمكننا تقديمها للملايين على غرار الستاتينات. كذلك أخفقت المحاولات كافة لتطوير دواء تقليدي يثبط بروتين PCSK9.

بديل جيني

يقدّم التحرير الجيني بديلاً جذرياً. باستخدام تقنية (كريسبر)، عطّل فريق AstraZeneca نسخاً بشرية من جينة PCSK9 بين فئران.

حقّق الباحثون ذلك بحقن بروتين (كريسبر) Cas9 وتوجيه تسلسل الحمض النووي الريبي لدى هذه الحيوانات. ساعد توجيه هذا الحمض بروتين Cas9 على الاتحاد في موضع محدد من الجينة ليعمد البروتين بعد ذلك إلى قطع الجينة عند هذه النقطة. وتقوم فكرة هذا العلاج على احتمال حدوث أخطاء تعطّل هذه الجينة عند إصلاح هذا الانقطاع.

لاحظ الباحثون أيضاً أن الفئران التي تلقّت علاج (كريسبر) تمتّعت بتراجع أكبر في معدلات الكولسترول، مقارنة بتلك التي حُقنت بأدوية الأجسام المضادة.

تشكّل عملية التحرير الجيني هذه محاكاة أقرب إلى ما يحدث في حالة مَن يولدون بطفرات تعطل بروتين PCSK9، مقارنة بمن يُحقنون بالأجسام المضادة، وفق باتريشا ماكغاتيغن، باحثة في جامعة الملكة ماري في لندن درست مدى أمان علاجات PCSK9. تؤكد: (قد يكون هذا العلاج فاعلاً جداً).

لكن مصدر أكبر قلق مع استعمال الحرير الجيني لتبديل الحمض النووي داخل الجسم يبقى احتمال التسبّب بتغييرات أخرى في غير موضعها. وفي أسوأ الأحوال، تحوِّل هذه التغييرات الخلايا إلى خلايا سرطانية.

يقول ماير إن فريقه اختبر تأثير هذه التغييرات في 26 نسيجاً مختلفاً من أنسجة الفئران، وإن النتائج ستُنشر قريباً. تابع مؤكداً: (تبدو واعدةً جداً من ناحية السلامة).

علاوة على ذلك، تشهد تقنية (كريسبر) تطورات مستمرة. نجحت فرق أخرى في التوصل إلى نسخ معدلة من بروتين (كريسبر) دقيقة جداً، ما يحول دون حدوث التغييرات غير المرجوة بوتيرة تفوق ما تختبره الخلايا عادةً من طفرات طبيعية. رغم ذلك، يعتقد لامبرت أن التجارب على البشر لن تُجرى قبل عقد. (فما زالت بعيدة المنال في الوقت الراهن)، على حد تعبيره.

لكن يستدرك قائلاً: (تحاكي هذه المقاربة ما يحدث في حالة مَن يولدون مع طفرات معينة، وقد تكون عالية الفاعلية).

الأدوية الجديدة باهظة الثمن ومن الضروري حقنها كل أسبوعين إلى أربعة أسابيع
back to top