Toni Erdmann... كوميديا مزيّفة!

نشر في 22-02-2017
آخر تحديث 22-02-2017 | 00:00
مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
ترتكز الكوميديا على كسر القواعد لكنها تصيب الهدف بأفضل طريقة عند تطبيق المعادلات الأساسية: تنجح حين تتحرك بسرعة، وتقتصر أفضل الأعمال على 90 دقيقة تتلاحق خلالها الأحداث بإيقاع سريع، كذلك يحتاج العمل الكوميدي الناجح إلى شخصيات محبوبة وجاذبة ويتطلب جواً عاماً من المرح المبني على سرعة البديهة. يفشل الفيلم الألماني Toni Erdmann المرشّح لجائزة أوسكار عن فئة أفضل فيلم أجبني لهذه السنة في تلك الاختبارات كلها.
يقدّم Toni Erdmann عملاً «كوميدياً» مزيفاً بأسلوب غريب جداً. ربما أربك الفيلم الذي كتبته وأخرجته مارين آدي المصوّتين في لجنة توزيع الجوائز، فظنوا أنهم يشاهدون دراما خفيفة تستكشف المشاكل العائلية بكل جدية.

بدل إطلاق النكات وتسجيل النقاط وتطوير الأحداث بوتيرة متسارعة، تعرض آدي مشاهدها بما يتجاوز الإيقاع الطبيعي، فتعيق بذلك عملاً كوميدياً يتمحور في جوهره حول رحلة على الطريق: يفتقر الفيلم إلى التنظيم والدقة على مستوى التصوير والمونتاج.

ما من محرمات في الكوميديا عموماً، لكن يصعب أن نتقبّل الجلوس بكل جمود طوال 162 دقيقة (نحو ثلاث ساعات كاملة!) لمشاهدة Toni Erdmann. إنه وقت طويل بالنسبة إلى فيلم يفتقر إلى العوامل الجاذبة!

الاسم المذكور في عنوان الفيلم (طوني إيردمان) شخصية بديلة لوينفريد كونرادي (بيتر سيمونيشيك)، أستاذ بيانو يعمل بدوام جزئي، انفصل عن زوجته ونادراً ما يتواصل مع ابنته إيناس (ساندرا هولر) التي تعمل كمستشارة مهنية طموحة في الخارج. لذا يبقى معزولاً ووحيداً لكنه يرفع معنوياته عبر تقمّص شخصية طوني إيردمان، فيضع شعراً مستعاراً غريباً وأسناناً مضحكة ويلقي الدعابات ويحوّل المحادثات إلى الغرباء إلى قصص مرتجلة سخيفة. كذلك يحضّر المقالب ضد عائلته، فيخبر أمه المسنّة مثلاً بأنه يعمل في مركز للمتقاعدين ويخيف الأشخاص المعزولين حتى الموت! لن يكون هذا المزاح مضحكاً على الورق ولا على الشاشة!

يتفاقم الوضع حين ينفق كلب وينفريد تزامناً مع رحيل التلميذ الوحيد الذي يعلّمه الموسيقى، ثم تتعقّد القصة حين يقرر القيام بزيارة مفاجئة إلى إيناس في رومانيا حيث تنشغل ابنته بمحاولة الفوز بصفقة نفط.

يحاول وينفريد إعادة إحياء علاقته المتدهورة عبر استعمال أسلوبه الفكاهي وتقمّص شخصية إيردمان. فيُحرِج إيناس أمام زملائها ويصطحبها في مغامرات مع غرباء ويحاول إنقاذها من عالم الشركات المغلق والجدّي. يصعب أن نتأكد من أنّ سلوكه يشتق من انهياره الداخلي!

ساندرا هولر

لا يخلو الفيلم كله من الضحك. تُغيّر الممثلة ساندرا هولر شخصية إيناس الجامدة التي تريد في داخلها أن تصبح ابنة أبيها المدلّلة، فتتخلى تدريجاً عن جدّيتها وتستعيد الجنون الذي ورثته وتبدو بذلك أشبه بتفاحة وقعت بالقرب من شجرة وتحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان!

يبلغ التغيير في شخصيتها ذروته حين تقيم حفلة في شقتها لرفع معنوياتها وتُحوّلها إلى مناسبة جامحة. يفضّل معظم ضيوفها المدمنين على العمل والمستقيمين سياسياً أن يواجهوا مواقف محرجة على معارضة مضيفتهم. تكثر الهفوات في المشاهد الكوميدية التي تشمل مظاهر الإحراج والانزعاج مع أنها تشكّل جزءاً من مواضيع الفيلم الأساسية.

يقوم الفيلم للأسف بمحاولات محدودة كي يُطوّر نفسه ويتحدى المشاهدين أو يحقق هدفه، فتفشل النكات المطروحة وتبقى سطحية وتكون نصائح وينفرد لإيناس متوقعة («لا تخسري روح الدعابة»!) ولا يقدّم الفيلم أي جديد بكل بساطة!

الهفوات تكثر في المشاهد الكوميدية والفيلم لا يقدم أي جديد
back to top