مرضى عمى الألوان... يرون العالم بنظارات خاصة

نشر في 19-02-2017
آخر تحديث 19-02-2017 | 00:03
مرض عمى الألوان
مرض عمى الألوان
لا يرى المصاب بـ«عمى الألوان» الأشياء بألوانها الصحيحة، مما يتسبب له بمشاكل عدة في حياته. في هذا المجال، يسعى «مركز بريل للعين» في الولايات المتحدة الأميركية، من خلال تكنولوجيا تُدعى «إنكروما»، إلى محاربة هذه الحالة الوراثية بنظارة خاصة.

مات كامبل

بدأ نواه فيتنغل البالغ من العمر 16 سنة بقيادة السيارة حديثاً. ومن المهم بالنسبة إليه أن يتمكّن من التمييز بين الضوأين الأحمر والأخضر. يوضح: «صعب عليّ تحديد ما الضوء المضاء وما لونه».

بعد بضع دقائق، كان فيتنغل يرى العالم بألوان قريبة جداً مما يراه بها معظم الناس، ذلك بمساعدة عدسات نظارات خاصة تصحح العيوب التي تجعل البعض عاجزاً عن رؤية الألوان.

يؤكد وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه: «هذا أمر مذهل. يبدو كل شيء أكثر حيوية ووضوحاً. في السابق، كانت الألوان مشوشة ولم تبدُ قوية أو ساطعة. لكن ما أشاهده الآن مذهل».

حظي فيتنغل ورجلان آخران يعانيان عمى الألوان بصورة أكثر دقة عن العالم المحيط بهم، عندما حصل كل منهم على نظارة خاصة ترويجية مجانية من «مركز بريل للعين».

يقدّم هذا المركز تكنولوجيا تُدعى «إنكروما» منذ نحو ستة أشهر ويقتصر عمله على أربع ولايات في الولايات المتحدة. يوضح رايموند بريل من مركز العين: «هذه مبادرة تُحدث اختلافاً كبيراً في حياة الناس، سواء في مجال السلامة، كما هي الحال مع إشارات السير، أو في المجال الجمالي، مثل تأمل الزهور والأعمال الفنية، أو في مختلف مجالات الحياة اليومية، كما هي الحال عند تأمل قطعة لحم مثلاً ومعرفة ما إذا كانت نيئة أو لا».

تمويل وتكلفة

بدأ تطبيق التكنولوجيا التي تستخدمها «إنكروما»، وهي شركة في كاليفورنيا، عام 2010 بتمويل من معاهد الصحة الوطنية الأميركية. تبلغ كلفة النظارة المزودة بتكنولوجيا «إنكروما» نحو 269 إلى 349 دولاراً. كذلك، من الممكن إضافة هذه التكنولوجيا إلى العدسات الطبية، فتنجح في تصحيح الخلل الذي يعانيه مَن يعجزون عن التمييز بين الأحمر والأخضر في أربع حالات من خمس، ولا تُعتبر بالتأكيد علاجاً شافياً لعمى الألوان.

حالة وراثية

عمى الألوان حالة وراثية تؤثر في الخلايا المخروطية التي ترى الألوان في العين، وتُعتبر أكثر شيوعاً بين الرجال، فتُصيب واحداً من كل 12 منهم. في المقابل، تعاني امرأة من كل 200 امرأة هذه الحالة، إلا أن تلك النساء ينقلن هذا الاضطراب إلى أبنائهن. على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن منطقة مدينة كنساس في الولايات المتحدة تضمّ وحدها نحو 90 ألفاً ممن يعانون عمى الألوان.

يعتبر مَن يعانون هذه الحالة قسم المنتجات الزراعية في السوبرماركت، والباقات في متاجر الأزهار، وسحر قوس القزح مسائل باهتة وتافهة. يعتاد المريض هذه الحالة لأنه يولد معها. ولا تسبب له أية مشاكل إلى أن يكتشف، في مرحلة الطفولة غالباً، أن للعالم أوجهاً أخرى لا يراها. كان راين جانيواري (37 سنة)، خبير معلوماتية من أولاث، في الصف الثالث، وكان يساعد أمه في تزيين قطع الحلوى الصغيرة ليقدمها لزملائه في المدرسة. طلبت منه أمه توزيع الحلوى وفق ألوانها. يتذكر: «ظل استياؤها يتفاقم طوال الأمسية». بعيد ذلك، قصدا طبيب العيون. كان أوستن ميتشل (22 سنة)، طالب من بالتيمور في سنته الأولى في جامعة كنساس، في المدرسة المتوسطية. واكتشف اضطرابه هذا خلال صف الفنون والرسم بأقلام التلوين.

يخبر: «كنت أخلط دوماً بين الأزرق والبنفسجي. لذلك كنت أطلب مساعدة رفيقي الجالس قربي. كذلك أحدثتُ خدشاً صغيراً على القلم البنفسجي كي لا أستعمله بعد ذلك في تلوين السماء». يلعب ميتشل غورينغ في فريق اللاكروس في جامعة كنساس. تُرسم حدود الملعب أحياناً بخطوط حمر على سطح أخضر. ولا شك في أن هذا الأمر يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة إلى مَن يعاني عمى الألوان.

رؤية الألوان

تمكن ميتشل غورينغ وجانيواري من رؤية العالم على غرار معظمنا. يخبر غورينغ: «صار بإمكاني تمييز الاختلافات في ألوان العشب. أرى العشب الحي والميت الآن. أصبحت أميِّز بين الأشياء كافة».

أما جانيواري، فنظر من حوله ووصف ببطء ظلال الألوان المختلفة على غرار شخص يدير زر إشباع الألوان. كانت الخطوط الصفر في الشارع تبدو باهتة سابقاً، إلا أنها ازدادت بروزاً وحياةً مع هذه النظارة.

يقول: «صار لون السماء الأزرق أكثر إشراقاً ولمعاناً. ولا تنفك المباني (الزرقاء) في الخلفية تزداد وضوحاً. هذا أمر غريب. ينتابني شعور مميز».

عمى الألوان حالة وراثية أكثر شيوعاً بين الرجال
back to top