هل تعيش الكويت سياسات «ترامبية»؟

نشر في 18-02-2017
آخر تحديث 18-02-2017 | 00:07
 حسين بوكبر تتوالى التصريحات ذات النزعة العنصرية بحق الوافدين من قبل النائبة الوحيدة في مجلس الأمة الكويتي، من فرض الرسوم على الشوارع السريعة إلى التأمين الصحي مروراً بالتهديد بالطرد، وليس انتهاء برسوم الهواء. والقائمة لا تقف على ذلك فمن الممكن إضافة عدد من الأولويات ذات الصلة؛ منها أولوية سير المواطن في الحارة اليسار في الطرق السريعة! وحصر المرض في الوافد دون المواطن! كما تكون للمواطن أولوية دخول المرافق العامة! ويجب على الوافد أن ينتظر! فالمواطن هو الذي وطئت قدماه هذه الأرض قبل من وفد مؤخراً طالباً للرزق... الكثير من هذه الأولويات التي وإن كانت لم تُطرَح بعد، وتظهر بعيدة عن الواقع وأقرب إلى الخيال، تتقارب على ما يبدو مع خطط وبرامج النائب صفاء الهاشم في المجلس الحالي.

الغريب أن العنصر النسائي الوحيد في المجلس هو الذي يغذي مثل هذه التوجهات، وبينما نجد التيارات النسوية في الغرب تقف موقفاً مشرفاً بحق الأقليات والمهاجرين واللاجئين، نرى الهاشم تقتدي بدونالد ترامب في صرعاته وتصريحاته المثيرة للجدل.

الأغرب من ذلك، التوافق بين الحكومة والمجلس في العزف على أوتار العنصرية، ففي هذا السياق، نرى قرارات الحكومة، ممثلة في بعض وزرائها، تدفع في هذا الاتجاه، إذ يخصص وزير الصحة مستشفى جابر للكويتيين، ويريد زيادة الرسوم على الوافدين، وتصرح وزيرة الشؤون بضرورة تعديل التركيبة السكانية، ويمنع وزير التربية الإجازة المخصصة للوضع للمعلمات من فئة غير محددي الجنسية، ليس ما سبق سوى نماذج بسيطة تكشف عن كويت تغير وجهتها.

منذ تأسيسها، عُرِف عن الكويت استقبالها وترحابها بمن يفد إليها طالباً الأمن أو الرزق أو العيش بكرامة، غير أن ما جدّ قد يكون، في تقديرنا، العثور على الشماعة التي نعلق عليها أخطاءنا وخطايانا، فكل أزمة ناتجة عن سوء تخطيط أو إدارة أو تقصير وفساد بات في "حجم السماء"، نردها بضمير مرتاح إلى وجود الفئات المستضعفة.

إن تبرير زيادة الرسوم الصحية على الوافدين بضعف ميزانية وزارة الصحة، مثلاً، هو أمر يعارض المنطق والعقل والأخلاق؛ فلا تزر وازرة وزر أخرى؛ فالذي أدى إلى ضياع هذه الميزانية ليس علاج الوافد، فلنسمِ الأشياء بمسمياتها، إنها الفاتورة السياسية للعلاج السياحي وهو أمر يعرفه الجميع.

أمر آخر لابد أن يُطرَح ألا، وهو التقاء هذه السياسات التمييزية العنصرية مع توجه حكومي نحو تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة، وأهمها قضية خصخصة القطاعات الحيوية للدولة، وكذلك التوجه إلى القطاع الخاص في مشاريع مثل مشروع "عافية"، وهو ما يمثل إقراراً من الحكومة بفشلها. وهو أمر يكشف عن ضعف الرؤية التي ينبغي أن تقدم حلولاً متكاملة أقرب إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، لا معالجات مرحلية قد تضاعف سوء الوضع الحالي.

لا يجدي نفعاً تعليق الأزمات وجوانب القصور على قضايا مختلقة ومفتعلة؛ فإذا كنا ننشد عودة الكويت إلى سابق عهدها بل وأفضل، علينا وضع اليد على الجرح حتى لو تألمنا، ففي الدواء يكمن الشفاء ولو كان مراً.

back to top