هل مقارنة نفسك بالآخرين تسبّب لك الأسى؟

نشر في 16-02-2017
آخر تحديث 16-02-2017 | 00:00
No Image Caption
من بين قراراتنا كافة للسنة الجديدة، يبدو هذا للوهلة الأولى أسهل ما يمكننا مواصلة تطبيقه: الكف (أخيراً) عن تقييم الذات وعن مقارنتها بالجيران، أو الأصدقاء، أو الزملاء، أو الأشقاء.
لطالما سمعنا الأهل والأساتذة يرددون بإصرار: من السيئ أن نقارن أنفسنا بالآخرين. لكنّ هذه الخطوة تسبّب الألم أيضاً، كما لو أنها سم عاطفي أو نفسي يغذي الغرور والكبرياء والحسد. نتيجة لذلك، قرّر البعض مع بداية عام 2017 أن يضع حداً للمنافسة ويسعى إلى التوافق مع الجميع.

هل هذا قرار حكيم؟ يشدّد عدد كبير من خبراء الأخلاق العصريين (علماً بأن عدداً كبيراً منهم متخصص في نمو الشخصية) باستمرار على أن «المقارنة ليست أمراً منطقياً»، وأن من الضروري عدم الاستسلام لها. ولكن من الناحية النفسية الإيجابية، فإنهم يبدون أقل حزماً: «هل قررت الكف عن تقييم ذاتك؟ يا لها من فكرة سيئة!». هل هذه العملية عقيمة؟».

يشكّل السعي إلى مقاومة ميل طبيعي مماثل أمراً سخيفاً. لا يختلف هذا السعي عن الرغبة في الكف عن التفكير».

صحيح أن علماء النفس يبدون مترددين في هذا الشأن، إلا أن علم النفس الاختباري برهن فائدة المقارنة: عندما نقارن أنفسنا بالآخرين منذ نعومة أظفارنا، نبني «الأنا» تدريجياً إلى أن تكتمل. «أنا أطول من رامي وأكثر ضخامة من آدم وأكثر كرماً من سامي...».

وهكذا، فيما نتعلّم ونحلّل، لا يكف دماغنا عن إقامة روابط بين المفاهيم والأفكار. إذاً، يلجأ إلى المقارنة. فلمَ نشدد على ضرورة تفاديها؟».

مقارنات «إيجابية»

بغض النظر عن الأفكار السائدة وعلم النفس الشعبي، لا تبدو مقارنة الذات بالنظر إلى المحيطين بك أمراً سلبياً بقدر ما نعتقد، «بشرط ألا نقارن أنفسنا باستمرار بأشخاص أكثر حظوة منا». يؤكد علماء النفس أننا إذا قمنا دوماً بمقارنات نكون فيها الأضعف أو الأقل تميّزاً، يزداد مزاجنا سوداوية. في المقابل، يساهم الغوص في مقارنات «إيجابية» غالباً في منحنا شعوراً حقيقياً بالرضا والسعادة، ما يعزّز بالتالي تقديرنا أنفسنا. ولكن من الضروري تجنّب التواضع الزائف: «صحيح أن مريم امرأة جميلة، إلا أنني أكثر إبداعاً منها». «لا شك في أن جاد يجني دخلاً أكبر، إلا أنني لا أرضى مطلقاً بأن أعيش الحياة التي يعيشها». ألا تلاحظ أن هذا كلام متعالٍ قليلاً؟

يهدف التحكّم في المقارنات لاختيار الأفضل بينها إلى مساعدة الذات بدل تحقير الآخرين. لذلك لا تُعتبر مقارنات مماثلة معيبة، خصوصاً إن كنا نستغلها لننمي إحساسنا بالامتنان.

يشير علماء النفس: «عندما ندرك أننا أكثر حظوة من غيرنا نعزّز شعورنا بالامتنان لأننا نملك سقفاً يحمينا، وصحة جيدة، وأصدقاء أوفياء». وهذا ما عبّر عنه السياسي الفرنسي شارل موريس تاليران بقوله: «عندما أنظر إلى نفسي، أتعس. ولكن عندما أقارن نفسي بالآخرين، أتعزى».

علماء النفس يؤكدون أن المقارنات التي نكون فيها الأضعف تزيد مزاجنا سوداوية
back to top