«جنطة» بألف... ومواطنة بخسف!

نشر في 09-02-2017
آخر تحديث 09-02-2017 | 00:20
 عبدالمحسن جمعة ما تقوم به الوزيرة هند الصبيح في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من مراجعة لملفات الدعم المالي الاجتماعي الحكومي، سواء للمواطنات الكويتيات أو المعاقين، هو أمر مطلوب، لحماية المال العام، وإن اختلفت الآراء حول الأسلوب الذي تقارب به الوزيرة تلك الملفات، والذي يتم بنهج يعتبره البعض تعسفياً ودون استعدادات مناسبة، لتخفيف المعاناة والآثار السلبية التي ستقع على المعنيين بتلك المراجعات، وخاصة أنها تمس الفئة الأضعف في المجتمع من معاقين ونساء ذوي ظروف مالية واجتماعية وصحية صعبة.

الوزيرة الصبيح تشغل أيضاً منصب وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، وهي معنية بملف ضخم يتعلق برسم سياسات اقتصادية تعالج الاختلالات المالية في الدولة ودفع نهج الإصلاح الاقتصادي، لذا نتمنى أن تعطي الوزيرة جهداً ملحوظاً لهذا الملف، عبر إصلاحات عاجلة، لكبح التبذير بشقيه؛ الحكومي والشعبي، فلا يُعقل أن يصرف سنوياً أكثر من 300 مليون دينار على السلع الكمالية (عطور، ساعات فاخرة، حقائب نسائية فاخرة... إلخ) دون ضرائب تذكر، فيما الدولة تبحث عن بضعة دنانير لدى مساعدات معاق أو أرملة!

فمن يُرد أن يلبس ساعة باهظة الثمن، أو من تُرد أن تحمل حقيبة نسائية بآلاف الدنانير، فعليه وعليها أن يسددا ضريبة للبلد، ولا يصدرا أموال الدولة إلى الخارج دون طائل على هذه الكماليات، فلا توجد دولة في العالم تسمح بهذا النمط الاستهلاكي المخرب، دون أن تتدخل لتقويم سلوك أفرادها بواسطة الضرائب والرسوم، وفي الكويت أصبح هذا النمط السلوكي مرضاً، ولكن لا أحد يريد أن يتدخل، لأنه غالباً من يستورد ويشارك في الترويج لهذه البضائع هم من أصحاب النفوذ، وأحياناً هم أيضاً أصحاب القرار.

ربما في بعض دول العالم المنتج أفراده، يمكن التغاضي عن بكاء امرأة تستجدي المعونة من الدولة، فيما شخص يتباهى بما يمتلك من كماليات ووسائل الرفاهية، لأن هناك سوقاً مفتوحاً للتنافس والعمل والاجتهاد، ومن يبدع يربح، والجميع في النهاية سيسدد للدولة ضريبة إنتاجه، وكذلك الضريبة على مشترياته ومقتنياته الفاخرة. أما في الكويت، فالجميع يعيش على إنفاق الدولة، موظفاً كان أو تاجراً، لذا لا يمكن أن نتغاضى عن دموع امرأة كويتية حرمت من المساعدة الاجتماعية، أو معاق ينتظر شهوراً للدخول على لجنة طبية لتقرر مصيره، في حين هناك من يصدر مئات الملايين من الدنانير إلى خارج البلد على سلع تافهة وكمالية.

لذا، فإن أرادت الوزيرة الصبيح تحقيق العدالة وتقليص الصرف الحكومي المهدر، فعليها أن تنجز بنفس القلم الذي تصوغ به قرارات تخفيض مصروفات الدعم الاجتماعي للفئة الأضعف في المجتمع، وأن تصدر به مقترحات وقرارات الحكومة، بصفتها وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، لرفع قيمة الجمارك والرسوم على السلع الكمالية على الأقل 200 في المئة، حتى لا تكون هناك امرأة تحمل "جنطة" بآلاف الدنانير، فيما مواطنة محتاجة تبكي بسبب حالتها "الخسف"، بعد خفض معونتها المالية.

back to top